من الحلم إلى الواقع.. السيسي وبوتين يطلقان شرارة أول مفاعل نووي مصري
شهدت محطة الضبعة النووية، في قلب صحراء مطروح على ساحل البحر المتوسط، اليوم الأربعاء، حدثًا تاريخيًا يمثل نقطة تحول في مسيرة مصر النووية السلمية، حيث شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عبر تقنية الفيديو كونفرانس، في مراسم تركيب "وعاء ضغط المفاعل" للوحدة النووية الأولى.
أكدت الفعالية التي تزامنت مع الاحتفال بالعيد الخامس للطاقة النووية السلمية في مصر، على عمق الشراكة المصرية الروسية، وأبرزت تقدم المشروع الأكبر عالميًا من حيث المساحة الجغرافية، بتكلفة تصل إلى 30 مليار دولار، وطاقة إنتاجية إجمالية 4800 ميغاواط من الكهرباء النظيفة.
الحلم أصبح حقيقة
بدأ الرئيس السيسي كلمته بالتعبير عن تقديره وسعادته بالمشاركة الكريمة للرئيس بوتين، مؤكدًا أن العلاقات الاستراتيجية بين مصر وروسيا، القائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، حولت حلم المصريين بامتلاك طاقة نووية سلمية إلى واقع ملموس.
وأضاف الرئيس السيسي، أن محطة الضبعة النووية أحد أهم المشاريع القومية لمصر، وهي خطوة قوية نحو تطوير وازدهار مستقبلنا، رغم التحديات المحيطة، موضحا أن المشروع أسهم في توفير آلاف فرص العمل، ويظهر أهمية إعداد كوادر مصرية متخصصة في المجال النووي، كي نستمر في مسيرة البناء والتنمية.
دعم روسيا الكامل للاقتصاد المصري
من جانبه، هنأ الرئيس بوتين نظيره السيسي بعيد ميلاده، مشيرًا إلى أن بناء محطة الضبعة يسير على قدم وساق، مضيفا أن مصر تدخل اليوم مرحلة حاسمة في تجهيزها، بالإضافة إلى أنه في المستقبل القريب، ستتمكن المحطة من توليد الكهرباء اللازمة لتلبية احتياجات الاقتصاد المصري المتنامي.
واأكد بوتين أن الطاقة المنتجة تستخدم لأغراض سلمية فقط، وستعزز أمن الطاقة في مصر بشكل كبير، مشددًا على أن روسيا تدعم مصر بالتقنيات الحديثة، وشهد التبادل التجاري بين البلدين ارتفاعًا بنحو الثلث مقارنة بالعام الماضي، بالإضافة إلى أن المشروع يساهم في دعم الاقتصاد المصري، ويمثل نموذجًا للتعاون الدولي الناجح.
المشروع الأكبر في العالم
وصف الدكتور محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، المحطة بأنها المشروع الأكبر في العالم من حيث الحجم والأهمية، مشيرًا إلى أن تركيب وعاء الضغط يمثل انتقالًا رسميًا من الأعمال المدنية إلى تركيب المكونات النووية الرئيسية، وهو حدث مثير يشبه ميلاد المنشأة النووية.
وأضاف عصمت أن المحطة تنتج 4800 ميغاواط، موزعة على أربع وحدات بـ1200 ميغاواط لكل، وتعمل على تجنب انبعاث 14 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، معادلًا لزراعة 600 مليون شجرة، ومعدل انبعاثات منخفض يبلغ 12 جرامًا لكل كيلووات ساعة، مشابهًا لمحطات الرياح.
مكاسب بيئية واقتصادية هائله
أكد الدكتور أمجد الوكيل، عضو مجلس إدارة الجهاز التنفيذي للإشراف على مشروعات المحطات النووية، أن الاحتفال اليوم يتزامن مع تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة الأولى، وهو إنجاز يؤكد التقدم السريع.
وأوضح أن المشروع هو الأول من نوعه في المنطقة، ويعمل على زيادة تنافسية الاقتصادية من خلال توفير طاقة مستدامة، ويولد آلاف الوظائف، بالإضافة إلى تأثيره البيئي الإيجابي في مكافحة التغير المناخي.
أكبر موقع بناء نووي عالميًا
من جانب روسي، أعلن أليكسي ليخاتشوف، المدير العام لشركة "روس آتوم"، أن المحطة أكبر موقع بناء نووي في العالم من حيث المساحة، حيث يعمل حاليًا 25 ألف شخص، ويرتفع العدد إلى 30 ألفًا هذا العام، وربما 40 ألفًا.
وأضاف أن تركيب جسم المفاعل اليوم حدث مثير، ويمثل ميلاد المنشأة النووية، معتمدًا على مفاعلات VVER-1200 من الجيل الثالث المطور، التي تطبق بنجاح في دول متعددة، كما ذكر أنه يتم عمل 222 منشأة جديدة داخل المحطة، بما في ذلك أربع محطات تحلية نووية.
نقطة تحول عالمية
حضر المدير العام لوكالة الطاقة الذرية الدولية، رافائيل جروسى، الفعالية، واصفًا المحطة بأنها أحد المشاريع الضخمة في مصر، وستوفر طاقة نظيفة منخفضة الانبعاثات، وتمثل نقطة تحول لمصر والعالم، مضيفا أن الاستثمارات المصرية في الطاقة النووية تعزز السلامة العالمية والتنمية المستدامة.
حلم منذ 70 عام
في تصريحات سابقة، أعرب رئيس الوزراء مصطفى مدبولي عن سعادته البالغة برؤية الحلم يتحقق، مشيرًا إلى أن المحطة دليل على أن الإرادة تحول الحلم إلى واقع، على أن يبدأ التشغيل التجريبي في 2027، والتجاري في 2028، مع باقي الوحدات في 2029.
تفاصيل المشروع وآفاقه
بدأ البناء الفعلي للمشروع في يوليو 2022، وتضم المحطة أربع وحدات تعتمد تقنيات روسية متقدمة، مع عمر تشغيلي يصل إلى 60 عامًا، قابلًا للتمديد إلى 100 عام.
المشروع، الذي وقعت عليه مصر وروسيا في 2015 بقرض روسي 25 مليار دولار، يمثل ركيزة لأمن الطاقة المصري، ويولد 1700 فرصة عمل لمصريين مدربين في روسيا.