القضاء الإداري يسمح بعرض فيلم “الملحد” ويضع حدًا للجدل حول منع الأعمال الفنية
في تطور حاسم أغلق باب الجدل المستمر منذ أكثر من عام، قضت محكمة القضاء الإداري بالسماح بعرض فيلم "الملحد" للمخرج محمد جمال العدل، رافضة الدعاوى التي طالبت بمنع عرضه ومحذرة من مصادرة الإبداع دون سند قانوني.
كما ان القرار أعاد الفيلم إلى دائرة الضوء بعدما كان ممنوعا من العرض عشية إطلاقه نهاية عام 2024، إثر دعاوى قدمها المحامي مرتضى منصور اتهم فيها الفيلم بالإساءة للدين الإسلامي.
فيلم أُعيدت محاكمته قبل أن يشاهده أحد
على غرار أعمال أثارت نقاشا قبل العرض، وجد "الملحد"نفسه في قلب معركة فكرية وقانونية لم يكن صناعة طرفا فيها، إذ اتهم الفيلم بالتحريض على الإلحاد رغم حصوله على ترخيص رسمي من الرقابة على المصنفات الفنية عام 2023.
ومع كل ما أثير حوله، بقي العمل حبيس الأدراج حتى قالت المحكمة كلمتها: لا دليل على الإساءة، ولا مبرر لمنع الفيلم.
حيثيات المحكمة: الفن لا يدان بالنوايا
الدائرة الثالثة بمحكمة القضاء الإداري أوضحت في حيثيات حكمها أن أوراق الدعاوى خلت من أي دليل يثبت ادعاءات التحريض أو ازدراء الدين.
وأكدت أن:الرقابة منحت الفيلم ترخيصا قانونيا كاملا،النيابة ليست جهة اختصاص في وقف الأعمال الفنية،منع العمل لا يكون إلا في حال تعارضه الصريح مع القيم الدينية أو الآداب العامة، وهو ما لم يتحقق،كما أشارت الحيثيات إلى أن الفيلم يناقش قصة شاب يمر بمرحلة تمرد متأثرا بتشدّد والده، قبل أن يعود إلى الدين، دون أي تمجيد للإلحاد أو إساءة للأديان السماوية.
السينما| مرآة المجتمع وليست خصما للدين
استشهدت المحكمة بأحكام الدستورية العليا التي أكدت أن السينما أحد أهم أشكال التعبير الفني، وأن تقييد الإبداع يجب أن يكون في أضيق الحدود.
وردت المحكمة على الجدل الذي دار حول اسم الفيلم بقولها إن مناقشة ظاهرة الإلحاد في عمل فني أمر مشروع، بل قد يساهم في كشف أسبابها ومعالجتها، مؤكدة:
"الدين من المتشددين براء".
منتجو الفيلم: كنا واثقين من موقفنا
وفي نفس السياق أحمد السبكي، منتج الفيلم، أكد أن الرقابة شاهدت العمل أربع مرات ولم تطلب سوى حذف كلمات بسيطة تم تنفيذها، مشيرا إلى أن المنع لم يكن قرارا رسميا بل مجرد “انتظار غير مفهوم”.
وقال:"الفيلم مع الدين وليس ضده، ولو كان عكس ذلك لما وافقنا على إنتاجه ولا كانت الرقابة منحته ترخيصا".
رؤى نقدية: المنع قبل المشاهدة أزمة متكررة
الناقدة ماجدة خير الله اعتبرت الحكم “تصحيحا للمسار”، مؤكدة أن الحكم على الفيلم من عنوانه فقط يعيد النقاش الثقافي إلى الخلف.
وقالت:"السينما المصرية قدمت شخصية الملحد عشرات المرات.. لماذا أصبح العنوان أزمة اليوم؟"
كما دعت الجمهور إلى مواجهة الأفكار بالحوار لا بالمنع، والرقابة إلى الثبات في قراراتها.
الجدل يحسم والقاعات تستعد
بهذا الحكم، يطوى ملف المنع رسميا، ليعود فيلم “الملحد” إلى طريق العرض السينمائي بعدما أثار نقاشًا واسعًا حول حدود التعبير الفني في مصر،ويبقى العرض المنتظر فرصة للجمهور ليحكم على العمل بنفسه، بعيدا عن محاكمات مسبقة أثبت القضاء أنها بلا دليل.