بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

سراديب المدارس 2025.. الأطفال يكشفون ما تخفيه الكاميرات المعطلة عمداً داخل أرقى المدارس

سراديب المدارس
سراديب المدارس

وزارة التربية والتعليم.. تحولت المدارس الحكومية الدولية إلى مسرح لكوابيس حقيقية، اعتداءات جنسية مروعة على أطفال في سن الزهور، وموجات عنف جسدي ولغوي تهدد هيبة المعلمين وسلامة الطلاب، في عام بدأ بوعود وزارية بالانضباط والتطوير.

 

ومع اقتراب نهاية الفصل الدراسي الأول، كشفت إحصاءات رسمية عن ارتفاع بنسبة 35% في بلاغات التحرش بالأطفال، خاصة في الفئات العمرية من 5 إلى 12 عاماً، بسبب ثغرات رقابية وغياب برامج توعية فعالة، من قبل وزارة التربية والتعليم.

وهنا يكمن السؤال، هل هذه مجرد حوادث فردية؟ أم أزمة نظامية تهدد جيلاً كاملاً في وزارة التربية والتعليم؟ موقع «بلدنا اليوم»، يرصد أبرز الحالات الموثقة، وسط صرخات الخبراء لإصلاح جذري.

التحرش الجنسي

 

جرائم ترتكب في الظلام، وصرخات الأطفال تكشفها، أبرزت التحقيقات خلال 2025 سلسلة من الانتهاكات الجنسية داخل المدارس، غالباً ما تكشف بعد صمت إداري مشبوه، مما يثير تساؤلات حول مسؤولية الإدارات.

 

مدرسة "سيدز" الدولية في مدينة العبور نوفمبر 2025

 

تعرض 5 أطفال في مرحلة رياض الأطفال يترواح أعمارهم مابين الـ5 سنوات، لاعتداءات جنسية متكررة على مدار عام من قبل 4 عمال (نظافة، كهرباء، أمن)، وهي أكثر الوقائع صدمة حيث استخدم المتهمون سكاكين للتهديد، وربطوا الأطفال، وكمموا أفواههم في أماكن معزولة بعيداً عن الكاميرات.

 

اعترف اثنان منهم بهوس جنسي، مما دفع النيابة العامة لحبسهم 4 أيام احتياطياً، وإحالة القضية إلى النيابة العسكرية، مع وضع المدرسة تحت الإشراف الوزاري الكامل، وقد أثارت الواقعة غضباً عاماً هائلاً، مع اتهامات بالتكتم الإداري الأولي.

 

مدرسة في التجمع الاول في نوفمبر 2025

 

تحرش سائق أتوبيس مدرسي بطفلتين أثناء النقل اليومي، بلمس أجزاء حساسة من جسدهم، وحرر أولياء الأمور محضراً في قسم شرطة التجمع، وتم اللقاء القبض على السائق فوراً، حيث جاءت الواقعة بعد أيام قليلة من قضية "سيدز"، مما أثار مخاوف من "سلسلة جرائم" في المدارس الراقية. 

 

مدرسة ابتدائية في الوادي الجديد مايو 2025

كشف 5 ضحايا بعد ورشة توعية بعنوان "لا للتحرش.. جسمي ملكي"، عن مدرس يتحرش بـ13 تلميذة في سن أقل من 12 عاماً، بلمس أجزاء حساسة تحت ذريعة "لعبة"، مع تهديدات بالعقاب لفرض الصمت، وتم  إحالة المدرس للتحقيق وإطلاق حملات توعية محلية أكبر.

مدرسة ابتدائية في الشرقية مايو 2025

 

استغل مدرس غياب زميلة ليجلس بجانب طالبة ويلمس أجزاء خاصة من جسدها، مهدداً إياها بالسكوت، وقد أبلغت الضحية أمها، مما أسفر عن اعتقال المدرس فوراً، هذه الواقعة جزء من موجة 5 حوادث في مايو عبر 5 محافظات حكومية. 

 

" تنمر واعتداء".. والمدارس تفقد هيبتها

لم تقتصر الكارثة على الجانب الجنسي؛ فقد سجلت 2025 حوالي 7 حوادث بارزة للعنف، مع انتشار التنمر بنسبة 70% حسب مرصد الأزهر، مما يعكس هذا عنفاً أسرياً ينتقل إلى الفصول (آباء مسافرون، أمهات عاملات طويلاً).

 

مدرسة عبد السلام المحجوب في الإسكندرية نوفمبر 2025

تنمر جماعي على معلمة نسرين فضل، حيث رقص طلاب ورفعوا كراسي وإشارات اباحيه مع إهانات لفظية، والقاء صندوق القمامة داخل مكتبها وتصويرها، حيث تم فصل الطلاب لعام كامل، وإحالة الإدارة للقضاء، مما أثار نقاشاً عن "الفوضى" في المدارس.

مدرسة كابيتال في التجمع اكتوبر 2025

انتشر فيديو على موقع التواصل الاجتماعي يوثق شجار عنيف بين طالبات، أدى إلى إصابات وتدخل أمني، وقد اتهمت الإدارة بالإهمال، كجزء من "عام الصدمات". 

طالب يعتدي على معلم في مدرسة بالقليوبية اكتوبر 2025

اعتدى طالب على معلمة ومزق ملابسه، داخل فصل  بمدرسة عبد المجيد عامر الثانوية المشتركة بشبرا الخيم التابعة لإدارة القناطر الخيرية، وصدر قرار من النيابة العامة بحجز الطالب على ذمة التحقيقات.


اعتداء معلم على طالب وكسر يدة بالفيوم نوفمبر 2025

 

اعتدى معلم على طالب داخل مدرسة زهراء الأندلس إدارة الفيوم التعليمية بالضرب بقطعة خشبية على ذراعه، ما تسبب في إصابته بكدمات وكسر باليد اليمنى، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال المعلم.

مدير مدرسة يستدرج طالبة في مكتبة سبتمبر 2025

 

استعدى مدير المدرسة طالبة يبلغ عمرها 15 عام إلى مكتبه، ثم استدرجها إلى غرفة المصلية، وعرض عليها هاتفا محمولا، محاولا مضايقتها ، لكنها رفضت تصرفاته فضربته مدافعة عن نفسها، قبل أن تهرب من الغرفة وتبلغ شقيقها، الذي سارع بالاتصال بالنجدة.

 

سيدة تهدس زميلة نجلتها عقب خروجها من المدرسة 

 

وفي واقعة لم تحدث من قبل، قامت والدة طالبة بانهاء حياة زميلة نجلتها عقب صدامها بسيارتها خلال عبورها الطريق وفرت هاربة، وتم التعرف عليها من كاميرات المراقبة، حيث إنها عقب دهسها وقفت بالسيارة للتأكد من وفاتها.



انهيار القيم داخل المدارس والحل يبدأ من الأسرة

حزر الدكتور تامر شوقي، أستاذ التقويم التربوي بجامعة عين شمس والخبير التربوي، من انهيار كامل للقيم التربوية والاجتماعية، مشدداً على أن هذه الظاهرة ليست مجرد حوادث فردية، بل نتيجة فجوة هائلة بين الأسرة والمدرسة، وثغرات رقابية تسمح بتفشي العنف كوباء.

في حوار حصري مع موقع  «بلدنا اليوم»، قدم شوقي "روشتة علاجية" صارمة، محذراً من أن تجاهلها قد يحول المدارس إلى ساحات خطر أكبر من الشارع.

 

الجناة مدمنون والمدارس الخاصة أرض خصبة للانحراف

 

يبدأ الدكتور شوقي، تحليله بأبرز الوقائع الأخيرة، مثل قضية مدرسة "سيدز" الدولية في مدينة العبور، حيث تعرض أطفال في الخامسة من العمر لاعتداءات جنسية متكررة على يد عمال كبار السن (بعضهم تجاوز الـ55 عاماً)، مستخدمين السكاكين للتهديد وربط الضحايا في أماكن معزولة.

 

واضاف أن هؤلاء الجناة ليسوا مجرمين عابرين؛ بل وصفهم إنهم مدمنون على الانحراف الجنسي، وعدد المشرفين داخل هذه المدارس قليل جداً رغم الرسوم الباهظة، مما يجعل أسوارها أرضاً خصبة للجرائم، مشيراً إلى أن الرقابة الضعيفة جدا كغياب كاميرات فعالة وفحوصات نفسية دورية للموظفين، هو سبب رئيسي في تفشي مثل هذه الحوادث.

 

وأوضح "شوقي"، في المدارس الخاصة، يتم التعيين العشوائي لتوفير التكاليف، دون فحص نفسي أو تدريب أخلاقي، وهذا يفتح الباب للانحرافات، أما التنمر الجماعي، كما في مدرسة عبد السلام المحجوب بالإسكندرية حيث رقص طلاب ورفعوا كراسي ضد معلمة نسرين فضل، فهو انعكاس لفجوة في التربية الأسرية، حيث يفتقر الطلاب إلى متنفس صحي لهواياتهم، فيلجأون إلى إثبات الذات عبر السلوكيات السلبية مثل التهكم أو الإهانة.

 

وذكر الخبير التربوي، أن التنافس بين المعلمين يشوه الصورة وأولياء الأمور يشجعون التمرد لا يقتصر شوقي على لوم الطلاب أو العمال؛ بل ينتقد بشدة دور بعض المعلمين أنفسهم، خاصة في السناتر غير الخاضعة للوزارة، يلجأ إلى أساليب غير تربوية مثل التنمر أو الألفاظ اللائقة أثناء الشرح، مما يؤثر سلباً على الطلاب ويحولهم إلى نسخة مصغرة من هذا السلوك.


أما أولياء الأمور، فيراهم شوقي "شركاء في الجريمة"، حيث يشجع البعض أبناءه صراحة أو ضمنياً على التمرد ضد المعلمين، ويسارعون للدفاع عنهم دون تحقق، مما يضع المعلم في مواجهة غضب أسري، هذا التساهل يحفز الطلاب على التقليد، ويجعل الانضباط المدرسي وهماً.

ويحذر الخبير التربوي، من أن 70% من حالات التنمر تنبع من عنف أسري ينتقل إلى الفصول، كما في حالات الشجارات العنيفة بمدرسة كابيتال التجمع أو الاعتداءات في القليوبية والفيوم.


مكافحة العنف تبدأ من المجتمع

يؤكد شوقي أن مكافحة العنف ليست مسؤولية المدرسة وحدها، بل تبدأ من المجتمع والأسرة، مشدداً على ضرورة تحويل لائحة الانضباط المدرسي إلى قانون ملزم يشمل الطالب وعائلته والمعلم، مع عقوبات تتدرج من الإنذار إلى الفصل لعام كامل.


ويطالب الدكتور تامر شوقي، بـ"روشتة علاجية" فورية، وهي تدريب 300 ألف معلم على التعامل النفسي، وإجراء فحوصات نفسية سنوية للموظفين، وتركيب كاميرات في كل ممر، مع توفير خط ساخن للإبلاغ السري، وحملات توعية مجتمعية تعيد هيبة المعلم منذ الصغر.

واختتم شوقي، محذراً من أن الآثار النفسية الدائمة، مثل صعوبة بناء علاقات مستقبلية، تكلف المجتمع أكثر مما يتخيل، متسائلاً هل تسمع الوزارة الصرخة، أم تظل العقوبات الورقية؟ تكمن الإجابة في التنفيذ الحاسم قبل فوات الأوان.

تم نسخ الرابط