«دولة التلاوة».. مصر تعيد إحياء فن التلاوة واكتشاف المواهب الشابة
شهدت مصر خلال الفترة الماضية، انطلاق النسخة الجديدة من برنامج «دولة التلاوة»، الذي يهدف إلى اكتشاف المواهب الشابة في تلاوة القرآن الكريم، وتعزيز القيم الأخلاقية الإسلامية، والحفاظ على جمال الصوت ونغمة التلاوة، بما يجذب المستمعين ويقوي ارتباطهم بالكتاب الكريم.
وأصبح البرنامج، الذي تتبناه وزارة الأوقاف، منصة متميزة تجمع بين المنافسة الروحية والفنية، ويعد استمرارًا لمسيرة مصر العريقة في خدمة القرآن الكريم وإنتاج أجيال جديدة من القراء المتميزين.
لجنة التحكيم.. خبرة لضمان التميز
وتضم لجنة تحكيم برنامج “دولة التلاوة”، نخبة من كبار القراء والمختصين في علوم التلاوة؛ لضمان تقييم المشاركين بشكل مهني وعادل، مع التركيز على الدقة في الأداء الصوتي وفهم معاني الآيات.
وتلعب اللجنة دورًا محوريًا في صقل المواهب وتحفيز المتسابقين لتقديم أفضل ما لديهم، ما جعل البرنامج يحظى بمتابعة واسعة من الجمهور المصري والعربي، ويعزز الاهتمام بفن التلاوة على مستوى مختلف الأعمار، وجاء اختيارها ليعكس مزيجًا نادرًا بين العلم الشرعي والدقة الصوتية والخبرة الفنية والبعد الروحاني.
وتضم اللجنة أربعة أسماء بارزة، لكل منهم مدرسة مستقلة ورحلة طويلة في خدمة القرآن الكريم، وفي مقدمتها يأتي الشيخ حسن عبد النبي، أحد أبرز مراجعي المصحف الشريف وخبراء التجويد في مصر، أما طه عبد الوهاب، فيمثل صوتًا فنيًا مهمًا داخل اللجنة.
وينضم إليهما الداعية مصطفى حسني، ويضيف بدوره زاوية مختلفة تعتمد على تجربة التأثير الروحي للتلاوة، وأخيرًا يأتي القارئ الشاب طه النعماني، ويمثل الجيل الجديد من القرّاء.
مفتي الجمهورية: القرآن معجزة خالدة
أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، أن برنامج «دولة التلاوة» الذي ترعاه وزارة الأوقاف يأتي كخطوة جديدة في تعزيز دور مصر في خدمة القرآن الكريم، مشيرًا إلى أنه يهدف إلى اكتشاف الأصوات الشابة، وتنمية القيم الإسلامية، والحفاظ على النغمة الصوتية المميزة لفن التلاوة، بما يتيح للمستمعين تجربة روحية فريدة ويقوي صلتهم بالكتاب الكريم.
وخلال كلمته في افتتاح الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم، أوضح المفتي، أن القرآن أذهل العرب في صدر الإسلام بجمال أسلوبه وروعة بلاغته، حتى اعتبروه أشبه بالسحر، نتيجة تناغم النثر مع الشعر بطريقة فريدة لا يمكن للبشر تقليدها، مؤكداً أن هذا التفرد يظل دليلاً على أصله الإلهي.
وأضاف، أن القرآن ظل على مر العصور منارة يهتدي بها المسلمون، والرجوع إليه ضروري لفهم شؤون الحياة اليومية، مشيداً بمسيرة الدولة المصرية في رعاية القرآن والتي أفرزت أسماء لامعة في مجال التلاوة مثل الشيخ محمود علي البنا، والشيخ الحصري، وسلطان التلاوة الشيخ مصطفى إسماعيل، والشيخ عبد الباسط عبد الصمد، مشيرًا إلى أن القرآن الكريم معجزة خالدة بلغة عربية فصيحة، تنقل أصدق مفاهيم التوحيد، وتوضح أسس العبادة وحدود الحلال والحرام، بالإضافة إلى تعليم مكارم الأخلاق.
هاني تمام: برنامج يعيد الريادة للقراءة المصرية
ومن جانبه، وصف الدكتور هاني تمام، أستاذ الفقه المساعد بجامعة الأزهر، برنامج "دولة التلاوة" بأنه خطوة كبيرة أعادت للقراءة المصرية مكانتها وهيبتها، مسلطًا الضوء على عظمة القراء المصريين وتاريخهم المشرف في التلاوة، مستحضرًا أسماء كبار القراء مثل الشيخ محمد رفعت والمنشاوي والحصري ومصطفى إسماعيل، الذين "ملأوا الدنيا قرآناً وعلموا الناس كتاب الله".
وفي تصريحات تليفزيونية، أشار “تمام”، إلى أن البرنامج نجح في جمع المصريين حول القرآن الكريم، وأعاد التلاوة لتكون جزءًا من الحياة اليومية، موجهًا الشكر لوزارة الأوقاف والشركة المتحدة للخدمات الإعلامية على هذا المشروع الذي وصفه بالجليل والمميز، مؤكدًا أنه يعيد لمصر مكانتها الريادية في فن التلاوة.
رسالة البرنامج: التراث والتجديد
برنامج «دولة التلاوة» أصبح اليوم منصة متكاملة تربط بين الحفاظ على التراث القرآني وتشجيع الجيل الجديد على التفاعل مع القرآن الكريم، من خلال مسابقات ودورات تدريبية متخصصة، ويجمع البرنامج بين التنافس الشريف والرسالة الدينية، مما يجعله تجربة تعليمية وروحية فريدة لكل المشاركين والمتابعين.
كما يعزز البرنامج ثقافة التلاوة ويعمل على صقل مهارات الصوت والإلقاء، بما يساهم في إبراز فن التلاوة المصري على مستوى الوطن العربي والعالم، وبفضل هذا المشروع، تواصل مصر تعزيز مكانتها كرمز عالمي في خدمة القرآن الكريم، وإحياء فن التلاوة، وإظهار قدرة القراء المصريين على الحفاظ على جودة الأداء الصوتي مع نقل المعاني الروحية العميقة، ليبقى القرآن في قلب كل مستمع وجزءاً من حياتهم اليومية.