البابا لاون الرابع عشر يشهد التأمل الثاني لزمن المجئ
شهد قداسة البابا لاون الرابع عشر، التأمل الثاني لزمن المجيء، حيث ألقى الأب روبرتو بازوليني، واعظ القصر الرسولي، كلمة أمام الحبر الأعظم تحت عنوان: "إعادة بناء بيت الرب، كنيسة متحررة من التناقضات"، محذرًا من خطر التماهي الذي يحول الوحدة إلى اندماج مسطح يقلل الإنسان إلى مجرد كتلة.
وأكد الأب بازوليني أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق جماعة المؤمنين في تقديم نموذج شركة حقيقية، تتجاوز مجرد الدعوات العامة للأخوّة، مشددًا على أن الوحدة الحقيقية لا تعني محو الاختلافات، بل قبول التباين، والتنوع.
واستهل الواعظ تأمله بالإشارة إلى قصة برج بابل، التي تمثل سعي الإنسان لفرض وحدة قسرية عبر التماثل الكامل، واصفًا ذلك بالمنطق القاتل.
وأضاف أن هذا المنطق ظهر بأشكال حديثة في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، والذكاء الاصطناعي، حيث تنتقي الخوارزميات المعلومات، والأفكار، مما يخلق فقاعات معلوماتية، ويُنمّط التفكير، واللغة.
وأشار الأب بازوليني إلى أن بلبلة الألسنة في قصة بابل لم تكن عقابًا إلهيًا، بل كانت لفتة حماية للحفاظ على التباين البشري، مضيفًا: أن عيد العنصرة يمثل نموذجًا مضادًا، حيث بقي التباين دون أن يفرّق بين المؤمنين.
وفي إطار الحديث عن التجديد، استلهم الأب بازوليني من قصة إعادة بناء أسوار أورشليم بعد السبي، ومن نداء القديس فرنسيس الآسيزي، مؤكدًا أن الهيكل الذي يحتاج إلى ترميم هو الكنيسة نفسها، الجريحة بالانقسامات.
وأوضح أن التجديد الكنسي الحقيقي يقوم على ثلاثة عناصر رئيسية: رفض التوحيد القسري، والمضي في الجهاد الروحي كعمل مقاوم، وتحمل ثقل الشركة الذي يقبل التعايش بين الحماس، والحنين، لأن الشركة ليست شعورًا متجانسًا.
واختتم الأب بازوليني كلمته بالإشارة إلى الوضع الحالي للكنيسة بعد عقود من المجمع الفاتيكاني الثاني، واصفًا إياه بانحدار واضح في الممارسات يقابله خمائر جديدة للروح القدس، داعيًا المؤمنين إلى مواجهة هذا الانحدار بدون خوف، وتحويله إلى زمن نعمة، مؤكدًا أن الكنيسة ليست شيئًا نبنيه وفقًا لمعاييرنا، وإنما هي عطية يجب قبولها، وحفظها، وخدمتها.