بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

هل الخوف يحمي أطفالنا أم يدمرهم؟.. خبراء يجيبون عن سؤال ما بعد التحرش

التحرش بالأطفال،
التحرش بالأطفال، تعبيرية

 

لم تعد قضية التحرش بالأطفال مجرد حوادث فردية يمكن احتواؤها بردود أفعال عاطفية أو إجراءات مؤقتة، بل باتت أزمة نفسية ومجتمعية تفرض إعادة النظر في أساليب التعامل مع الطفل بعد الصدمة. 

فبين الإفراط في الخوف والإنكار، تتحدد ملامح مستقبل الطفل النفسي، وفي هذا السياق، يؤكد متخصصون في الصحة النفسية والتربية أن رد الفعل المتزن، والتوعية السليمة، والدعم النفسي المبكر، تمثل عناصر حاسمة في حماية الأطفال من آثار قد تمتد لسنوات طويلة.

 

طريقة التعامل بعد التحرش عامل أساسي

 

ومن جانبه، أكد الدكتور وائل خفاجي، المتخصص في الصحة النفسية والتربية، أن طريقة التعامل مع الطفل عقب تعرضه للتحرش تعد عاملًا أساسيًا في تعافيه النفسي، مشيرًا إلى أن الدعم الصحيح يساعد الطفل على استعادة شعوره بالأمان والعودة لممارسة حياته بشكل طبيعي دون أن تترك التجربة آثارًا نفسية مستقبلية.

وأوضح خفاجي، أن الاعتقاد السائد بأن الحديث مع الطفل عن هذه القضايا قد يثير فضوله أو يفتح أمامه أبوابًا خاطئة هو تصور غير دقيق، مؤكدًا أن المعرفة المبسطة، حين تُقدم بما يتناسب مع عمر الطفل، تمثل وسيلة حماية فعالة لا تهديدًا لبراءته.

وشدد على أن رد الفعل الأول من الأسرة، خاصة الوالدين، يشكل نقطة فاصلة في تجاوز الطفل للصدمة، لافتًا إلى أن الهدوء، واحتواء المشاعر، وتعزيز الإحساس بالأمان، إلى جانب إتاحة الفرصة للطفل للتعبير عن مشاعره، عوامل أساسية في مسار التعافي.

وحذر، من المبالغة في الخوف بعد الواقعة، موضحًا أن ردود الفعل المتطرفة قد تؤدي إلى نتائج عكسية، وتدفع الطفل إلى تضخيم شعور التهديد أو الانسحاب من التعامل الاجتماعي.

 

وقائع التحرش ليست وليدة اللحظة

 

من جانبها، أكدت الدكتورة فاطمة عابدين، استشاري الطب النفسي للأطفال والمراهقين، أن وقائع التحرش ليست وليدة اللحظة، بل موجودة منذ سنوات طويلة، مشيرة إلى أن كثيرين في مراحل عمرية متقدمة مروا بتجارب مشابهة في طفولتهم.

وأضافت، خلال تصريحات إعلامية، أن التحرش لا يُعد ظاهرة جديدة كما يعتقد البعض، إلا أن تزايد ظهوره في الفترة الأخيرة يعود إلى ارتفاع مستوى الوعي المجتمعي وانتشار الحديث عنه عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

وأوضحت أن تناول هذه الجرائم بشكل علني ساهم في تنبيه الأسر إلى خطورة الصمت، مؤكدة ضرورة أن تقوم كل أسرة بتربية أطفالها على مفهوم الحدود الشخصية، مثل الخصوصية أثناء تغيير الملابس، وتحديد من يُسمح له بالتواجد في هذه المواقف.

وشددت على أهمية توعية الأطفال بالمناطق الخاصة في أجسادهم، والتأكيد على أنه لا يحق لأي شخص الاقتراب منها أو لمسها تحت أي ظرف، معتبرة أن هذا الوعي يمثل حجر الأساس في التربية السليمة.

 

التحرش خلل مجتمعي يتطلب مواجهة شاملة

 

بدوره، أكد الدكتور مجدي إسحاق، استشاري طب الأسرة والإرشاد النفسي بالقصر العيني، أن التحرش بالأطفال لا يمكن التعامل معه باعتباره مشكلة فردية تخص المعتدي فقط، بل هو خلل مجتمعي يتطلب مواجهة شاملة تتجاوز الحلول السطحية.

وأوضح إسحاق، أن الاكتفاء بعلاج الجاني وحده يُعد معالجة قاصرة للأزمة، مشددًا على أن المجتمع بأكمله بحاجة إلى مراجعة جادة، تبدأ من فهم جذور المشكلة والتعامل معها، لا الاكتفاء برصد نتائجها.

وأشار إلى أنه يعتمد في تحليله على منهج علمي قائم على بيانات وإحصاءات دقيقة، موضحًا أنه يستند إلى مجموعة من الحقائق الرقمية والمعلومات الأساسية لفهم الظاهرة وبناء حلول واقعية ومستدامة.

واختتم حديثه، بالتأكيد على أن المصطلح العلمي الدقيق لما يتعرض له الأطفال هو “إساءة استخدام الأطفال في أنشطة جنسية”، أو ما يُعرف عالميًا بـ (Child abuse sexual activity)، معتبرًا أن استخدام المصطلحات الصحيحة خطوة ضرورية للتعامل الجاد مع القضية وحماية الأطفال على المدى الطويل.

تم نسخ الرابط