لماذا حذر النبي ﷺ من الغلو والتشدد في الدين؟.. أمين الفتوى يجيب
أوضح الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن ظاهرة الغلو والتطرف ليست وليدة اليوم بل كانت موجودة منذ عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، حيث كان الرسول ﷺ يعالج هذا الفكر المتشدد بين أصحابه، ويعلمهم كيفية عبادة الله دون إفراط أو تشدد وكيف يمكن للإنسان أن يعيش حياة متوازنة في عبادته دون أن ينقطع أو يصاب بالملل، لأن النفس الإنسانية بطبيعتها تميل إلى الملل إذا تم تحميلها ما لا تستطيع تحمله.
خلال استضافته في برنامج "فتاوى الناس" على قناة الناس، أوضح الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن النبي ﷺ قد ضرب مثلا عمليا في التعامل مع التشدد، حيث جاء ثلاثة رجال إلى بيته يسألون عن عبادته، وعندما علموا بها اعتبروها قليلة، وقالوا إن رسول الله ﷺ قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فقرر كل واحد منهم أن يشدد على نفسه، فقال أحدهم أنه سيقوم الليل ولا ينام، وقال الآخر أنه سيصوم دائما ولا يفطر، وقال الثالث أنه سيعتزل النساء ويتفرغ للعبادة.
أوضح الشيخ عويضة عثمان، أن النبي ﷺ استدعى الثلاثة رجال بعد أن علم بقرارهم، وقال لهم: «أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟»، ثم بين لهم المنهج الصحيح بقوله، «أما أنا فأصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني»، مؤكدا أن هذا الحديث يمثل الميزان الذي وضعه النبي ﷺ للأمة، حيث يشدد على أهمية العبادة المستمرة دون انقطاع والطاعة دون ملل والدين الخالي من الغلو والتطرف.
أكد الشيخ عويضة عثمان، أن الإسلام دين الوسطية، كما قال الله تعالى: ﴿وكذلك جعلناكم أمة وسطا﴾، حيث تعني الوسطية العدل والخيرية والتفوق، فلا إفراط ولا تفريط، موضحا أن رفض الإنسان للرخص واليسر الذي جاءت به الشريعة يؤدي إلى التشدد والانقطاع، وقد يحمل الآخرين ما لا يستطيعون تحمله، وقد حذر النبي ﷺ من الغلو بقوله: «إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو».
وشدد الشيخ عويضة عثمان، على أن النبي ﷺ علّم الأمة كيفية تحقيق التوازن بين العبادة والحياة، مستشهدا بموقفه مع سيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه عندما أطال الصلاة بالناس، فأنكر عليه النبي ﷺ وقال: «أفتان أنت يا معاذ؟ من أم الناس فليخفف، فإن فيهم الضعيف والمريض وذا الحاجة»، مؤكدا أن الغلو والتشدد يؤديان إلى عواقب غير محمودة، بينما اليسر والوسطية هما روح الشريعة وهدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم.