غزة على حافة التصعيد.. خروقات إسرائيلية متزايدة واستعصاء المرحلة الثانية |خاص
تواصل إسرائيل خرق اتفاق وقف إطلاق النار في غزة منذ توقيعه بشرم الشيخ في أكتوبر الماضي، مرتكبة نحو 800 انتهاكا أدى لمقتل أكثر من 400 فلسطيني غالبيتهم مدنيين.
ومع غياب المسائلة الأمريكية والدولية، إلى جانب تفاقم تعقيدات الانتقال للمرحلة الثانية من خطة السلام، تزداد المخاوف من انهيار الاتفاق، وسط مساعٍ إسرائيلية لفرض واقع جديد بالقطاع، ما يثير تساؤلات عديدة حول السيناريوهات المحتملة للمرحلة المقبلة.
نزال: إسرائيل تتطلع لتعويض إخفاقاتها العسكرية عبر قوات الاستقرار
قال الدكتور «نزار نزال»، خبير الشؤون الإسرائيلية: “إن انتهاكات تل أبيب المتواصلة لاتفاق وقف إطلاق النار تبدو كأنها جزء أصيل منه، إذ لا نلاحظ ردود فعل حاسمة من قبل الدول الضامنة وعلى رأسهم الولايات المتحدة لوقفها”، مشيرا إلى أن تلك الانتهاكات مدروسة ومحسوبة ومقبولة لدى واشنطن.
وأكد أنه لا يوجد هناك غضب أمريكي تجاه إسرائيل كما نقلت وسائل إعلامية بسبب تلك الخروقات، والتي كان أخطرها عملية اغتيال القيادي البارز بحماس «رائد سعد» منذ أيام، لافتا إلى أن الولايات المتحدة ترغب بفرض واقع في غزة يُرسخ لتذويب فكرة الاحتلال العسكري المباشر للقطاع واستبدالها بانتداب أمني دولي، ويعرقل الذهاب باتجاه محطات سياسية تُلزم اسرائيل بدفعها مستقبلا.

صدام محتمل مع حماس
وأوضح نزال في تصريح خاص لـ «بلدنا اليوم» أنه لا يوجد لقوة الاستقرار الدولية المُزمع تشكيلها تعريف وظيفي واضح في المنظومة الدولية، لافتا إلى أنها ليست قوات حفظ أو فرض سلام كالمعتاد، وإنما تعريفها الوظيفي وفقا لرؤية واشنطن هو الفصل بين دولة (إسرائيل) ومجموعات مسلحة غير معترف بها (حماس)، ما يعني برأيه أنه في حال احتدام الأمور ستتدخل هذه القوات لصالح الدولة ضد تلك المجموعات المسلحة.
وأضاف خبير الشؤون الإسرائيلية: “ستحاول قوات الاستقرار الانتشار في المساحات الجديدة التي تسيطر عليها إسرائيل حاليا والتي تبلغ 53% من مساحة قطاع غزة، لكن في المقابل تشترط حماس أن تتواجد تلك القوات على حدود القطاع وليس داخله، لتقوم بمراقبة وقف إطلاق النار”، ويبدو بأن ذلك - حسب تقديره - سوء فهم من حماس، لأن المراقبة من اختصاصات قوات حفظ السلام الدولية لا قوات الاستقرار المعنية.
وتابع: “فشلت إسرائيل على مدار عامين من الحرب في نزع سلاح المقاومة لذلك تستجلب اليوم قوات دولية لتقوم بهذه المهمة برعاية أمريكية، وبالتالي من المتوقع أن يحدث صدام مباشر بين تلك القوات الدولية وبين حماس وفصائل المقاومة”، وهذا سيؤدي - حسب تقديره - إلى انسحاب هذه القوات من القطاع في وقت لاحق.
ويرى نزال أن الدول الضامنة للاتفاق يبذلون جهودا لكنهم تحولوا إلى مشرفين، فبرغم امتلاكهم أوراق ضغط قادرة على ردع انتهاكات إسرائيل لخطة السلام الأمريكية، إلا أنهم يعملون بطريقة تبدو كمحاولة ترميم للخطة التي تكاد تنهار، مؤكدا أنهم يراهنون على الوقت ويدفعون باتجاه الانتقال للمرحلة الثانية، ساعين لإقناع الأمريكيين بأن استمرار مصالحهم في المنطقة مرهون بفرض السلام ولجم الجنون الإسرائيلي.
عطالله: حماس تفقد أوراق الضغط مقابل الاستقواء الإسرائيلي بأمريكا
من جانبه، قال «أكرم عطالله»، الكاتب والباحث السياسي: “للأسف لا يوجد رؤية تفاؤلية لدى حماس ولا الفلسطينيين تجاه المرحلة الثانية، فالحركة باتت تدرك أن التحالف الإسرائيلي الأمريكي أكبر من التزام واشنطن تجاه الفلسطينيين بالضغط على نتنياهو وبالتالي فالوضع شديد الصعوبة”.
وأوضح أن تعقيدات المرحلة الثانية تنبع من نقطتين: أولا، الاستقواء الإسرائيلي بأمريكا؛ ثانيا، نفاذ أوراق الضغط من حماس، خصوصا بعد إتمام المرحلة الأولى وتسليمها معظم رهائن إسرائيل، وبالتالي تحولت المسألة إلى ما تعتبره تل أبيب “مرحلة فرض شروطها”، لا مرحلة مفاوضات.

سيناريوهات خطيرة
وأضاف عطالله في تصريح خاص لـ «بلدنا اليوم»: "في ظل تمسك إسرائيل بنزع سلاح حماس ورفض الأخيرة إبداء مرونة مُرضية لمطامع تل أبيب، قد نشهد استعصاءً كبيرًا يهدد بتعطيل المرحلة الثانية، وترك الأمور على ما هي عليه نحو مزيد من الخراب والمعاناة بغزة، قد تتجه في أحسن الاحوال - حسب تقديره - إلى تقسيم القطاع، أو تؤدي لانهيار الاتفاق وعودة الحرب على أسوأ تقدير.
وتابع الباحث السياسي: “من المرجح أن تواصل إسرائيل انتهاكاتها بشكل حذر لا يُفجر الأوضاع وربما تتوسع شرق الخط الأصفر لتسيطر على مساحات جديدة قد تصل لـ 70% من قطاع غزة، وهذا مُريح لها وبموجبه لن تنسحب من القطاع ولن تتمسك بتجريد حماس من سلاحها، وهذا مُريح أيضا للحركة لانها ترفض نزع سلاحها، وهو سيناريو خطير للغاية بالنسبة للفلسطينيين”.