بين تعثر المرحلة الثانية بغزة وتوسيع الاستيطان بالضفة.. فلسطين على حافة الانفجار | خاص
لازالت المرحلة الثانية من اتفاق السلام في قطاع غزة يشوبها حالة من الجمود والغموض، وسط تمسك إسرائيل بشروط تعجيزية للانتقال إليها, وتباين المواقف الأمريكية بشأن آليات التنفيذ وهو ما كشفه اجتماع الوسطاء الأخير الذي تم عقده في ميامي بالولايات المتحدة الأسبوع الماضي.
في الوقت نفسه، تشهد الضفة تصعيدا استيطانيا غير مسبوق، بعد أن أقرت إسرائيل إنشاء 19 مستوطنة جديدة ساعية إلى فرض واقع جديد على الأرض يقوض فكرة قيام دولة فلسطينية مستقلة، ما يطرح تساؤلات عديدة حول تداعيات تلك التطورات واتجاهات المرحلة المقبلة.
الرقب: الوسطاء أمام اختبار صعب لإنقاذ المرحلة الثانية
قال الدكتور «أيمن الرقب» - أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إن اجتماع ميامي “لم يحقق نتائج إيجابية بشأن خطة قدمها الوسطاء لتفكيك سلاح حماس بشكل متدرج خلال مدة عامين”، لافتا إلى أن الاجتماع تناول أيضا تسريع انسحاب إسرائيل من القطاع، ومناقشة آلية وجود قوة الاستقرار الدولية بمشاركة قوات تركية، إلا أن الجانب الأمريكي لم يكن متجاوبا.

وأوضح أن المشهد العام حاليا يشوبه الجمود, لكن المخاوف الحقيقية تتعلق باحتمالية وجود توجه أمريكي للانتقال إلى البند الـ 17 من خطة الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، والذي يقضي ببدء الإعمار في القطاع بالمناطق الخاضعة لسيطرة إسرائيل فقط، ثم توجيه سكان غزة للانتقال إليها، وبالتالي تبدأ - حسب تقديره - عمليات إخلاء للمدن الواقعة شرق الخط الأصفر تمهيدا لتنفيذ مخطط إخلاء واحتلال المناطق المتبقية الخاضعة لسيطرة حماس.
وأضاف الرقب في تصريح خاص لـ«بلدنا اليوم», أنه لا توجد معالم نهائية للشكل الذي ترغب واشنطن باعتماده للإنتقال للمرحلة الثانية، رغم اتفاق الجميع على رؤية واحدة وهي “وضع نهاية للحرب والاحتلال”، الأمر الذي يتطلب جهودا كبيرة من الوسطاء بشكل خاص.
وتابع: “تبدو التطورات في الضفة الغربية كالنار تحت الرماد، فما تقوم به إسرائيل من تصعيد عسكري بالضفة على مدار عامين بالتوازي مع حربها على غزة، وحملات الاعتقالات، وهدم المنازل وتهجير سكانها، وتوسيع المستوطنات وقرارها الأخير بإنشاء 19 مستوطنة جديدة، بالإضافة إلى اعتداءات المستوطنين المتزايدة بحق الفلسطينيين، كل ذلك سيؤدي حتما لانفجار الأوضاع في الضفة الغربية بأي لحظة”.
وأكد أستاذ العلوم السياسية أن إسرائيل تسعى للاستيلاء على الضفة ببناء المستوطنات عبر ما يُعرف بعملية "القضم"، في إشارة إلى القيام بعمليات احتلال متكررة وممنهجة لأراضي محددة في كل مرة، بدلا من إعلان الضم الكلي للضفة والذي قد يؤدي لأزمة سياسية كبرى، خصوصا بعد اعتراض واشنطن على إقرار الكنيست إعلان السيادة الإسرائيلية على الضفة في أكتوبر الماضي.
ويرى الرقب أن اعتداءات إسرائيل ومستوطنيها المتزايدة في الضفة تمثل “مقدمة لمواجهة أطول ميدانيا وسياسيا، خصوصا في ظل الرفض القاطع من المجتمع الدولي، وعلى رأسه مصر والدول العربية والإسلامية”، مشيرا إلى وجود مؤيدين لعملية الضم داخل إدارة ترامب دون إعلان ذلك بشكل رسمي في الوقت الراهن نظرا لخطورة الأمر وحساسيته.
عباس: التوسع الاستيطاني يقضي على جهود توحيد غزة والضفة
من جانبه، أوضح الدكتور «سامح عباس» - أستاذ الدراسات الإسرائيلية بجامعة قناة السويس، أن حماس وإسرائيل تتجهان بشكل ما لإفشال المرحلة الثانية، إذ تعرقل إسرائيل الانتقال إليها بشروط تعجيزية من جهة، وترفض حماس المساعي الدولية لإقصاءها من حكومة التكنوقراط المفترض تشكيلها لإدارة القطاع، من جهة أخرى, إلى جانب رفضها نزع سلاحها حسب رغبة إسرائيل, لافتا إلى أن سلاحها يشكل أساس قوتها في مواجهة الاحتلال وإدارة القطاع منذ 2007, الأمر الذي قد يؤدي - حسب تقديره - لابقاء الوضع الحالي كما هو عليه.

وأكد عباس خلال حديثه لـ«بلدنا اليوم» أن ما تمارسه إسرائيل من عربدة وتوسع استيطاني متسارع في الضفة الغربية وآخرها قرار إنشاء 19 مستوطنة جديدة، يجعل من مسألة توحيد والضفة تحت سلطة فلسطينية واحدة تبدو كأنها "أمل بعيد المنال”، خصوصا في ظل الظروف الراهنة، لافتا إلى انقطاع الصلة الفيزيائية بين المنطقتين منذ سيطرة حماس على غزة عام 2007 وفشل جميع محاولات المصالحة بين السلطة في الضفة وحماس منذ ذلك الحين.
وأضاف أنه “من الصعب الآن توحيد غزة والضفة تحت إدارة سلطة فلسطينية متهالكة ومنقسمة داخليا, إلى جانب الرفض الإسرائيلي لوجودها بالأساس”، مشيرا إلى أن ترامب لا يمانع توسيع الاستيطان بالضفة و"إلا كان بإمكانه الضغط على إسرائيل لوقف ذلك فورا".
ويرى عباس أن التوجهات الأمريكية خلال الفترة القادمة ستركز على تعزيز الانفصال بين غزة والضفة، مستبعدا أن يتنازل ترامب عن فكرة تهجير سكان غزة رغم تنفيذ خطة السلام الجارية، مؤكدا أن الموقف الأمريكي لا يزال في مرحلة المناورة، في حين تضغط إسرائيل على أهالي القطاع نحو التهجير عبر منع دخول المساعدات الإنسانية والغذائية والعلاج بكميات كافية، إلى جانب منعها إدخال الكرافانات اللازمة للحماية من الصقيع والأمطار خلال الشتاء.