صفحات من حياة «ملك الكلمة».. المناضل مصطفى أمين

صحفي كبير كان أباه محام شهير وأمه ابنة أخت الزعيم الراحل «سعد زغلول»، ترعرع في بيت زعيم الأمة، رأى في صغره كيف تحاور الأمور، وكيف تعالج الأزمات، فدرس الاقتصاد والعلوم السياسية في أمريكا وتفوق فيها، وعاد لمصر ليصب من علمه في جعب طلبة الجامعة الأمريكية بالقاهرة.دراسته وبداياته الصحفيةمصطفى أمين أبو يوسف، توأم الكاتب الصحفي الكبير أيضا «علي أمين»، ولدا في 21 فبراير 1914، برع في فن الكتابة النقد في سن صغير، حتى أنه أنشأ مجلة الحقوق، والتي كانت تضم أخبار والقرارات التي كانت تأخذ في منزلهما، ثم أنشأ في سن الـ«18» مجلتان كل على حده، بمساعدة أخيه، وهما «التلميذ والأقلام»، ولكن لم يحظيا بالحظ الوافر وذلك لصدور قرار إيقافهما لمعارضة أراء كلا منهما للحكومة.في 1930 كان مصطفى في المرحلة الثانوية، عمل بمجلة روزاليوسف، وعين نائبا لرئيس التحرير، ثم ترك العمل للذهاب إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لدراسته الجامعية ولكنه كان يرسل أعماله من هناك، ثم أنهى بكالريوس الاقتصاد والعلوم السياسية، وتبعه بالماجستير، ثم عاد ليأخذ مكانه في التدريس الجامعي بجوار الصحافة.وفي عام 1944 وافق أحمد باشا رئيس الوزراء ووزير الداخلية، على تحقيق حلم الأخوان مصطفى وعلي أمين «أخبار اليوم»، والتي تبنت «جريدة الأهرام» الدعايا التشويقية قبل إصدارها، وصدر العدد الأول منها في 11 نوفمبر، وهو العدد الذي حقق مبيعات لم يكن يتوقع الأخوان أمين نصفها، لخوف كل منهما أن تلقى مصير كل بنيات أفكارهما.ليلة القدرهي حملة تبنتها «أخبار اليوم»، وذلك بعد أن نشر مصطفى أمين مقاله في عدد يوم 15 فبراير 1954، قائلا فيه «في قلب كل إنسان أمنية صغيرة تطارده في حياته وهو يهرب منها إما لسخافتها أو لارتفاع تكاليفها، فما هي أمنيتك المكبوتة؟، أكتب لي ما هي أمنيتك وسأحاول أن أحققها لك، سأحاول أن أدلك على أقصر الطرق لتحقيقها بشرط ألا تطلب مني تذكرة ذهاب وإياب إلى القمر»، وبالفعل ساهمت هذه الحملة بمساعدة العديد من ذوي الاحتياج، والمتعسرين، وخلق العديد من الفرص.علاقاته السياسيةبدأت مشاكل «مصطفى»، مع الحكومة حيث حكم عليه بـ 6 أشهر سجن، مع إيقاف التنفيذ بتهمة «إهانة الذات الملكية» حينما عاب بولي العهد «الأمير محمد علي»، ولكن الحكم قد ألغي في عهد وزارة «مصطفى باشا النحاس»، وكان ذلك في عام 1939. وفي الـ 23 يوليو 1952، صدر حكم بإعتقال التوأمان، ولم يعرف أي أحد منهما سببا لذلك، ولم يكونا هما الوحيدان بل كان هناك بعد الرموز الصحفية الأخرى، ولكن خرج العديد في اليوم ذاته، وظل الأخوان «أمين»، حتى يوم 26 يوليو، خرجا لممارسة حياتهما العملية دون أن توجه لهم أي تهمة.في عام 1956 إبان العدوان الثلاثي، صدر أمر بإعتقال «مصطفى أمين»، لمدة 9 أعوام، وذلك بتهمة أنه لم يوصل المعلومات التي كلفه بها «جمال عبدالناصر» للأمريكان وإيصال ردود أفعالهم له مرة أخرى.وساءت العلاقة أكثر وأكد عليه ذلك الحكم بعد تصرف «أمين» دون إستأذان، في فيديوهات وصور، التقطها الصحفي الكبير «مصطفى شردي» والذي تولى رئيس تحرير الوفد فيما بعد، حينما ظل راقدا في «بحيرة المنزلة»، ووثق مظاهر الخراب التي نتجت عن ذلك العدوان.أخذ أمين تلك الدلائل وسافر بها حول العالم لفضح ما نتج عن ذلك التحالف الثلاثي «بريطانيا، فرنسا، إسرائيل»، ولكنه خالف ما تم أمره به من القيادة، وأمر بحبسه فقضى السنين في حبسه، وقضى أخوه علي خارج مصر.وقال «صلاح نصر» رئيس المخابرات في كتاباته ولقاءاته، أن الأخوان أمين لم يهتما بمصلحة البلد، ولكن اهتما أن يأخذا دور البطولة في توصيل الأخبار، وأن لهما علاقه بالمخابرات الأمريكية، وذلك من قبل ثورة 1952، ولديه العديد من المستندات على ذلك.جائزة مصطفى وعلي أمين الصحفيةلم تكن هذه الجائزة للصحفيين فقط، ولكنها شملت كل من ساهم في الأداء الصحفي «مصورين، ورسامي الكاريكاتير، سكرتارية التحرير الفنية، الفنانين أيضا»، ومن أشهر الفنانين الذي نالو شرف هذه الجائزة « فاتن حمامة، يحي الفخرانى، نور الشريف، عبلة كامل، يحي العلمي، والموسيقار عمار الشريعى».مؤلفاته ووفاتهترك لنا «مصطفى أمين» كنزا ليس بكبير ولنكه ثمين، ويعتبر بعض الناس «أمين» بأنه «الأب الروحي لصاحبة الجلالة»، لما صنعه في حياته لمحاولة النهوض بهذه المهنة، وتلك المشاكل التي مر بها طوال حياته معها.من أهم أعماله «تحيا الديمقراطية، من عشرة لعشرين، من واحد لعشرة، نجمة الجماهير، أفكار ممنوعة،الـ 200 فكرة، سنة أولى سجن، الآنسة كاف ، مسائل شخصية، ليالى فاروق، ست الحسن، لكل مقال أزمة، أسماء لا تموت مشاهير الفن والصحافة، صاحبة الجلالة في الزنزانة، صاحب الجلالة الحب، بين الصحافة والسياسة».توفي ورحل عنا هذه القامة التي لا وصف لها في مثل هذا اليوم من عام 1997، لاحقا بأخاه وصديق عمره «علي»، والذي توفي في عام 1979.