«غدر الصحاب».. ابن الصعيد يُسقط ضحية التنقيب عن الآثار

«خاف من صديقك مرة ومن عدوك ألف مرة لعله أعلم بالمضارة» مثال شعبي ضمن آلاف الأمثال التي يتداولها الناس في حياتهم على سبيل المزح والهرج، ولكن لم يتوقع أحد أنه يصبح في هذه الأيام واقع طبق على الجميع بالأخص الشباب، فلم يكن «جمال عثمان» ابن محافظة المنيا، يعلم أن طلقة الخيانة والغدر، من الممكن أن تأتي من أقرب الناس له، في يومٍ من الأيام.
مثله مثل باقي الشباب، وضع أحلامه وطموحه أمام عينيه، وبدأ يخطط لتحقيقها، ولكن الحكايات التي تداولت من حوله في المنطقة جعلته يفكر في شيئًا آخر، فقد كان يأمل الشاب العشريني أن يترك بلدته التي غلب عليها الفقر وعدم الاهتمام في صعيد مصر، ويتوجه إلى القاهرة، لكي يتبسم له الحظ مثل من سبقه من شباب البلدة، ولكن لم يعلم أن التغييرات السريعة التي طرأت على أهل منطقة، من السكن في بيوت إلى القصور، ومن السير على الأقدام إلى ركوب السيارات، كل من وراءها هو الإتجار في الآثار والأعمال المشبوهة، ولم يكن يعلم ابن قرية أبو قرقاص بمحافظة المنيا، أن نهايته ستكتب في تلك الطريق.
بالفعل ترك جمال قريته الصغيرة، وشد الرحال إلى قاهرة المعز، ليسوقه القدر إلى أصحاب السوء الذين سبقوه، للعمل في التنقيب عن الآثار، وتأتي الفرصة التي كان ينتظرها طوال سنوات، لكي يلعب له الحظ، عندما علم بأن أصدقائه يحفرون داخل منزلهم في مدينة حلوان بحثًا عن مقبرة فرعونية، وبالفعل عمل معهم بدون مقابل على أمل ان يأخذ نصيبه عقب استخراج الآثار وبيعها.
ولكن مثلما ذكر المثل الشعبي «قليل البخت يلاقي العضم في الكرشة» فهذا ما حدث بالفعل مع الشاب العشريني أثناء قيامه بأعمال الحفر، فاختنق وصعدت روحه إلى بارئها، وقرر أصدقاؤه التخلص من جثته وحملوه داخل سيارة تابعة لهم، وقاموا بإلقاء الجثة أمام مستشفي النصر للتأمين الصحي بحلوان في منتصف الليل، ليعثر عليهم عمال المستشفى، وعلى الفور أبلغوا الأجهزة الأمنية.
يذكر أن المقدم هاني أبو علم، رئيس مباحث حلوان، تلقى بلاغًا من العاملين بمستشفي النصر، مفاده العثور على جثة شاب ملقاة أمام سور المستشفى، وعلى الفور انتقل الرائدان أحمد ماضي، وأحمد الدالي، معاوني المباحث، لمحل البلاغ.
وتبين في التحقيقات أن المجني عليه يدعى «جمال كمال عثمان» انتقل من محافظة المنيا إلى مدينة حلوان للعمل في التنقيب عن الآثار.
وأوضحت التحريات أن المجني عليه، قام يوم الواقعة، بأعمال حفر داخل منزل بشارع سور المطار بالعزبة القبلية بدائرة القسم بصحبة 3 من شركائه، وفي تلك الأثناء لفظ أنفاسه الأخيرة وتوفى خنقًا أثناء القيام بأعمال التنقيب عن الآثار.
البداية كانت عندما تلقى الرائد أحمد ماضي، معاون مباحث حلوان، بلاغًا من الأهالي، مفاده العثور على جثة شاب ملقاة أمام مستشفى النصر، وعلى الفور انتقل الرائد أحمد الدالي، معاون المباحث، لمحل البلاغ، وبالفحص تبين أن الجثة لذكر في منتصف العقد الثاني من العمر، يرتدي ملابسه كاملةً ولم يعثر بحوزته على أي مستندات أو أوراق تدل على هويته، وبتفريغ كاميرات المراقبة بمحيط موقع الحادث رصدت إحدهما لحظة قيام 3 شباب يستقلون سيارة أجرة ماركة «BYD» بيضاء اللون قاموا بالوقوف وإلقاء الجثة بجوار سيارة مركونة بجانب رصيف المستشفى بطريق الكورنيش ولاذوا بالفرار.
وبعمل التحريات تم تحديد المتهمين والقبض عليهم، وهم: «أحمد على عزوز، ومحمد السيد عزوز، وشرف كامل» وتحرر المحضر اللازم وأخطرت النيابة العامة لمباشرة التحقيقات.