آمنة نصير: مساجد الأرياف خارج سيطرة «الأزهر».. والسلفيون الحاليون لا يمتون لمنهج السلفية بصلة

أكدت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ الفلسفة والعقيدة بجامعة الأزهر وعضو مجلس النواب أن دور مؤسسة الأزهر حاليًا يحتاج إلى أن يكون أقوى وبشكل أفضل عما هو عليه، مشيرة إلى أن الأزهر يحتاج إلى التجديد دون أن ينفضل عن جذوره، كاشفةً عن تغلغل السلفيين في مساجد القرى ووصول بعضهم إلى مؤسسة الأزهر نفسها، معتبرة أنهم لا يمتون إلى السلفية الحقيقية بصلة، معبرة عن دهشتها من موقف الدول العربي الصامت تجاه ما يحدث في فلسطين حاليًا، وأن ترامب رجل أعمال لا يفهم غير لغة الأموا، في سياق حوارها معنا، خلال السطور التالية.
ما رأيك في دور مؤسسة الأزهر الديني حاليا؟
أتمنى أن يكون دور الأزهر أقوى من ذلك وأوقع لظروف الحياة مما أراه وأن أرى لمستقبل هذه المؤسسة ما يليق بها من تفعيل دورها لليوم وللمستقبل.
هل فعلًا خطاب الأزهر الديني في حاجة إلى تجديد كما يطالب البعض؟
كلمة تجديد من كثرة ترديدها فقدت معناها، لكن أنا أود أن اقل هل يستطيع الأزهر ألا ينقطع عن مصادره وجذوره وفي نفس الوقت لا يبتعد من مستجدات العصر، هذا جسر طويل وأود للأزهر وأساتذته أن يتعلموا كيفية العبور على هذا الجسر في مناهجهم وكتاباتهم وتأهيلهم للطلبة وللطالبات من المراحل الأولى حتى مراحل الجامعة حتى لا يتغرب عن هذا العصر وهذا ما لا أتمناه.
وكيف نجدده في خطوات؟
القضية ليست المنشر، وإنما المخبر فالتأهيل العلمي يبدأ بتأهيل المناهج وهذه الجملة ليست أول مرة أقولها فقد قولتها عندما كنت عميدًا للكلية التي أسستها في الأسكندرية وطرحت هذه الدعوة في مجلس الجامعة أمام 67 عميدًا وكان الرد هو الصمت فنظر إليهم رئيس الجامعة آنذاك الدكتور عبد الفتاح الشيخ رحمه الله وقال لهم لماذا لا تردوا على ماطرحته العميدة وإلى اليوم لم أتلقى الرد.
هل كنتي تقصدين في طلبك تجديد المناهج؟
أنا لا أطلب أن نتوارى عن نصوصنا، لكن أقصد كيف نحلل النصوص صدرت في أزمنة كانت فيها حروب وقضايا شائكة بين المسلمين والمختلف معنا، فبعد أن استقر الإسلام وصار بالمليارات كيف نتصالح مع الوجه الأخر لنصوصنا التي فيها الدعوة بمفهوم الأخوة الإنسانية وسأعطيك مثال فمثلًا في الأية الكريمة "يا أيها الناس إن خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعبوا وقبائل لتعارفوا إن أكرمك عند الله أتقاكم" الدعوة هنا للناس جميعًا ولم يقل يا أيها المسلمون وهناك الأية القرأنية أيضًا "ولقد كرمنا بني أدم" فلما تركز الدعوة دائما على أن المكرمين هم المسلمين فقط وغيرهم لا وتأخذ بعض النصوص التي ولدت في عصور انتشرت فيها الحروب ضد الإسلام والمسلمين وغيرهم وتهمل نصوص تركز على الأخوة الإنسانية.
هل لا زالت المساجد خصوصًا في الأرياف بحاجة إلى رقابة من ناشري الفكر المتطرف؟
بالفعل يسيطر عليها غير الأزهريين وتحت تصرفهم وتارة تقع تحت يد السلفية الذين لا يمتون بصلة للسلفية الحقيقية فهم أدعياء السلفية وليسوا سلفيين حقًا فكم يتلفون من العقول في المناطق البعيدة عن عين الأزهر في العاصمة.
من هم السلفيون الحقيقيون؟
السلفية الحقيقية هم الذين التزموا بصحيح النصوص والقدرة على فهمها على مراد الله والسير على منهج الرسول عليه الصلاة والسلام في المودة والرحمة ومن اختلف معه وهناك عشرات الروايات التي تبين مدى سماحته واستيعابه للمختلف معه حتى في أمر الفترات من العداء هذه هي السلفية الحقيقة وليس سلفية اليوم التي تتدعي ماليس في الدين ولا في أخلاقنا وما ليس في كراهيتنا للمختلفين معهم.
ما تعليقك على الصمت العربي تجاه ما يحدث في فلسطين حاليا؟
أنا مندهشة جدًا من هذا الصمت فموقف الدول العربية يفتقد للحمية والتماسك والقدرة على المواجهة لهذا الطغيان الأمريكي وما يرتكيه رئيس أمريكا من حماقات فهو لا يعرف التاريخ ولا يفقه عقيدة المقدسات ولا يدرك قيمة الوطن الذي نشأ فيه أهل فلسطين هو رجل أعمال لا يعرف غير التجارة والمال، كما أن تمزق الصف العربي جعلنا في حالة وهن مخجل.
الأزهر اختار 2018 عام القدس ونفذ فعاليات كثيرة دعما لفلسطين هل هذا يكفي أم هناك خطوات أكثر عملية؟
الأزهر جزء من هذه المنطقة يتحرك على قدر المساحة المتوفرة له في هذه المنطقة فهل الأزهر يمتلك سلاح أوجيش أو حتى لديه القول الفصل كي يقول اعطوا ظهوركم لهذه الدولة التي سلبت مقدساتنا ونجست أوطاننا، الأزهر كل ما يملكه كلمات تأييد واستنكار فقط هذا ما يملكه.
لكن هى أقوى مؤسسة دينية في العالم الإسلامي؟
كنت أود أن يكون لهم صوت أقوى وأعلى لكن هذا هو حال الجميع والمؤسسة جزء من الجميع.
هل لا زال التعليم الأزهري قادر على تخريج عظماء كما كان يحدث في الماضي؟
لا أحسب ذلك.
وما تفسير ذلك؟
لا بد أن نعيد تأهيل أولادنا وبناتنا بشكل فيه انفتاح عقلي واجتهاد ويترك للعقل المعاصر أن يفتش ويحلل ويبين، ولكن نحن نلقن فقط وشتان ما بين التأهيل والقدرة على التفكير والقبول والرفض والتحليل، وما بين تلقين المنهج من أجل دخول الامتحان فقط فهذا هو حالنا حاليًا.
في الفترة الماضية الأزهر انسحب من المشهد وتركوا الساحة للسلفيين برأيك ما السر في ذلك؟
الأزهر استكان وهم تربصوا وقفزوا على دور الأزهر بل هناك منهم من تسلل وتغلل إلى الأزهر وهذا هو الأخطر.
وما الذي يجب أن يفعله الأزهر كي يعود إلى دوره من جديد؟
لن يحدث هذا في المرحلة الحالية أبدًا وأنا أقولها وأنا أدرى ببواطن الأمور.
وما الذي يجب فعله حاليًا؟
لا شىء ولكن ترك الأمور تسير على حالها.
ومتى نستطيع تطهيره من السلفية؟
ربما في المستقبل بأجيال أكثر انتفاضة وأكثر جراءة وقوة واقتناعًا بأن السير في ظل الستر لا يحمي دعوة ولا ينشيء أجيالًا.
برأيك لماذا فشل الجندي في حصد رئاسة البرلمان الإفريقي؟
مصر تراجعت عن دورها القيادي في إفريقيا ذلك الدور الذي انفردنا به كثيرًا خصوصا في فترة حكم الرئيس جمال عبدالناصر، ونحن نحتاج حاليًا إلى المثابرة والصبر ومعرفة كيفية استعادة قيادتنا لهذا القارة الكبيرة.
البرلمان الحالي متهم بأنه ضد المواطن العادي؟
هو ليس ضد المواطن وإنما يضطر في بعض الأحيان إلى الموافقة على القرارات التي لا بد منها فببساطة "العين بصيرة والإيد قصيرة" فالبرلمان والحكومة يتمنيان أن يجدا مال الدنيا ويعيداه إلى الشعب.
وما المطلوب من المواطن حاليًا؟
مصر تعيش حاليا في حالة ضيق اقتصادي فالسياحة لم تتعافى بعد والاقتصاد محدود والشعب غير منتج كما يجب فعندما تقارن الأجداد والآباء وإقبالهم على الإنتاج بأبسط الأدوات التي كان يحققوا بها النجاح والمواطن الحالي فالأخير لا يشبههم في شيء فنحن شعب نطلب الكثير ونعمل القليل، أضف إلى ذلك الأزمات في دول الجوار التي تعود علينا بالسلبية، فلا بد أن نكون منصفين وتكون عيننا ثاقبة على مشاكلنا.
في تصريح سابق أعلنتي ندمك على دخولك البرلمان ما سر ذلك؟
السبب أنني لم أجد نفسي في هذا البرلمان فأنا أستاذة فلسفة ودرست في جامعات أوروبا ولدي خبرات كأستاذ جامعي تعدت الأربعين عامًا ومن المؤلفات ما يزيد عن 50 مؤلفًا وعندما دخلت كي أطلب لجنة التعليم تم استلاب هذه اللجنة بطريقة لا أعرفها لأني لست مما يجيدون الألاعيب السياسية.
إذن ما الذي منعكي من قيادة لجنة التعليم في المجلس؟
تم إسناد هذه اللجنة إلى شخص طبيب ليس معنيا بالتعليم ولا التربية فمن الممكن أن أكون طبيب متميز لكن ليس لدي معرفة ولا خبرة بالتأهيل التربوي والعلمي في المدارس والجامعات فهذه أول صدمة تعرضت لها في البرلمان لكني لست ندمانة عليها، وكنت أود من الإعلام أن يتوجه إلى رئيس لجنة التعليم ويسأله ماذا قدم للتعليم، أليس من الأفضل أن يكون في ظهر وزير التعليم وهو يخوض حربًا ضروس حاليًا من أجل تطوير التعليم المصري سواءً بالإيجاب أو السلب أو بالخبرة فسؤالي "هل تعاونت لجنة التعليم مع وزير التعليم فيما يطرحه من مشروع التعليم للمستقبل".
وهل أنت راضية عن وجودك في لجنة الخارجية؟
بالفعل فأنا أقوم بواحدًا من أحد الأدوار المهمة في اللجان.
يوجد في البرلمان ما يقارب الـ 90 امرأة لكن ليس لهم دورًا فعالًا.. ما سبب ذلك؟
أنا لا يعنيني الأرقام لكن ما يهمني هو الأداء فأعطيني مثلًا 10 سيدات يحملون قضايا يكافحون فيها من أجل المرأة.
هل وضع المرأة المصرية حاليا أفضل من قبل أم بحاجة إلى تعديل؟
المرأة حصلت على دعم معنوي وأدبي فقط لكن لم يحقق هذا الدعم ما تصبوا إليه المرأة على أرض الواقع فالمشوار لازال طويلًا وقضايا المرأة متشابكة فهي تتضمن قضايا الطلاق واستحقاق الميراث وأطفال، فمثلا المرأة التي ترمى في الشارع بعدما تمكث في بيت زوجها 30 أو 35 سنة متفرغة ويطلقها زوجها وهي بلا عائد مادي هل هذا عدل، وعندما طالبت بأن التي مكثت متفرغة في بيت زوجها وطلقها يجب أن تناصفه في الأجر قامت قائمة الرجال ضدي.
الإرهاب الذي تتعرض له مصر حاليا هل يشبه إرهاب التسعينات أم هناك اختلاف؟
هناك اختلاف كبير فالإرهابيون أصبح لديهم أساليب كثيرة خصوصًا في نقطة استخدام التكنولوجيا فالإرهاب في التسعينات كان مدجج بالسلاح لكن حاليا أصبح هناك أشكال مختلفة للإرهاب.
ما تعليقك على الاستفتاء الذي طرحته قناة روسيا اليوم بخصوص حلايب وشلاتين؟
هذا الاستفتاء استأت منه بشكل كبير، وكنت أتمنى أن أناقشه في لجنة الخارجية فمجرد أن تضع افتراضًا أن حلايب وشلاتين بها شك في مصريتها وتحتاج إلى إجراء انتخابات لتحديد مصيرها هذا خطأ كبير فأنا أقول لهم خسئتم أنتم تتكلمون على أراضي مصرية تاريخيًا وحاضرًا ومستقبًلا وفتح مثل هذه الأبواب الخبيثة تؤجج الفتنة.
وما تقييمك لدور الجانب السوداني؟
هذه لعبة يلعبها رئيس السودان على شعبه ليحقق بطولة زائفة وكاذبة فهو قد تنازل وبمحض إرادته عن نصف دولته ورحب بانفصالهم عنه ثم يعود ويحاجج مصر في أراضيها فهذا سوء تقدير من رئيس الدولة الجارة، فيجب أن يحسم هذا الموضوع بأدلة وقرائن لا تقبل الشك بمصرية حلايب وشلاتين.