بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

تركيا تلجأ إلى «تقنين الطوارئ» لمواجهة الضغط الأمريكي

بلدنا اليوم
كتب : لمياء يسري

عاشت تركيا لمدة عامين في حالة طواريء بأمر من رئيس البلاد رجب طيب أردوغان، منذ عام 2016 عقب محاولة عدد من ضباط الجيش التركي الانقلاب على حكم البلاد.

 

وخرج رئيس الوزراء التركي آنذاك بن علي يلدريم، ليصف ما تمر به البلاد بأنها محاولة للانقلاب على الرئيس أردوغان.

 

وأضاف «يلدريم»: «بعض الأشخاص نفذوا أفعالا غير قانونية خارج إطار تسلسل القيادة والحكومة المنتخبة من الشعب لا تزال في موقع السلطة، ولن ترحل إلا عندما يطالبها الشعب بذلك».

 

وأعلنت عدد من وسائل الإعلام التركية، أن جماعة «فتح الله غولن» هي التي تقف وراء محاولة الانقلاب، قبل أية محاولات للتحقيق في واقعة الانقلاب.

 

طواريء واعتقالات

 

عقب محاولة الانقلاب الفاشلة من قبل الجيش التركي، فرض أردوغان حالة الطواريء على الدولة، كما أقالت الحكومة عدد من القيادات العسكرية، بلغ عددهم حتى العام الماضي 2017، 150 ألف شخص واعتقلت 50 ألف شخص من الجيش والشرطة.

 

ودون إجراء تحقيقات قانونية موسعة، من شأنها تحديد الأسباب الحقيقة التي تقف وراء الانقلاب العسكري ضد «أردوغان»، اتهمت وسائل إعلام تركية «فتح الله جولن» أنه العقل المدبر الذي يقف خلف الأحداث الأخيرة.

 

فتح الله جولن، هو مؤسس حركة  «خدمة» الإسلامية، ويعيش في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1999م.

 

وكانت جماعة «جولن» على صلة وثيقة بالرئيس الحالي رجب طيب أردوغان زعيم حزب العدالة والتنمية الديني.

 

 ولكن تم تجريم الجماعة في تركيا بعد عدة خلافات سياسية وقعت بين الطرفين.

 

واعتقلت السلطات التركية عددًا من الضباط والقيادات العسكرية بتهمة الانضمام إلى جماعة «فتح الله جولن»، كان آخرها مذكرة اعتقال صدرت بحق 30 شخصًا من حرس السواحل والبحرية.

 

تهديدات أمريكية

 

استغلت السلطات التركية قانون الطوارئ للقبض على قس أمريكي، في ديسمبر 2016، بتهمة الانتماء لجماعة «فتح الله جولن».

 

ويعيش القس أندرو برونسون، في تركيا منذ عقدين كاملين، وتم اعتقاله عقب محاولة الانقلاب الفاشلة من قبل عسكريين في الجيش التركي.

 

ولم يكن هذا القس هو المعتقل الأمريكي الوحيد بتهمة الإرهاب والتحريض على قلب نظام الحكم في تركيا، إذ أصدرت السلطات التركية، مذكرة اعتقال لموظف أمريكي يعمل بقنصلية الولايات المتحدة الأمريكية لدى تركيا، في أكتوبر الماضي.

 

وطلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من رجب طيب أردوغان، الإفراج عن القس الأمريكي، خلال زيارة الأخير إلى واشنطن في مايو الماضي، وطالب بإعادته بسرعة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

 

ولم تستمع تركيا إلى طلبات الولايات المتحدة الأمريكية وأصرت على الإبقاء على القس قابع بسجونها حتى الآن.

 

هل كان للولايات المتحدة الأمريكية، أن تترك رعايا داخل سجون الأتراك؟

 

بعدما رفضت تركيا الإفراج عن مواطني أمريكا المعتقلين، أمام الرفض الأمريكي لتسليم عبد الله غولن للسلطات التركية، بدأ المسؤولون في أمريكا باللجوء للتهديد بفرض عقوبات اقتصادية على تركيا، من شأنها الضغط علي أردوغان لإفراج عن مواطنيها وترحيلهم لبلدهم أمريكا في أسرع وقت.

 

حيث هدد عضوان بالكونجرس، بالتحرك لفرض عقوبات اقتصادية على أنقرة في مشروع الموازنة الخاص لعام 2019 إذا لم يتم الإفراح عن القس الأمريكي، بحسب ما ذكرته صحيفة «ذا هيل» الأمريكية.

 

تقنين الاعتقالات

 

أرادت تركيا أن تلغي سبب الاعتراض الأمريكي من جذوره، فلجأت إلى تقنين وضع الاعتقالات وحالة الطوارئ.

 

لم يكتف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بفرض حالة الطواريء في البلاد، عقب محاولة الانقلاب الفاشلة.

 

ومن الواضح أنه سعى لترسيخ نظام حكمه في تركيا، وتحويل حكمه إلى نظام ديكتاتوري.

 

وقام أردوغان بطلب التعديل على الدستور التركي، لصالح حكمه والاحتفاظ بالسلطة وفرض السيطرة على مؤسسات الدولة.

 

وشملت التعديلات المقترحة إعطاء الحق للرئيس أن يتدخل في القضاء الذي يتهمه بالخضوع لنفوذ رجل الدين فتح الله جولن، بجانب حقه الرئيس أن يبقى في منصبه لولايتين رئاسيتين كحد أقصى أي حتى عام 2029 وليس لعام 2024..

 

وبعد الموافقة على التعديلات الدستورية الجديدة، خاطب أردوغان شعبه مطالبًا بتقديم موعد الانتخابات عام كامل، بدعوى محاربة بلاده للإرهاب.

 

واتهم أردوغان باتباع سياسة «الديموقراطية اللاليبرالية» أثناء الانتخابات، للتحايل على الفوز بالرئاسة لفترة جديدة.

 

وعقب إعلان فوز أردوغان بفترة رئاسية جديدة في يونيو الماضي، رفعت حالة الطواريء من البلاد بعد عامين كاملين من محاولة الانقلاب في 2016.

 

ويبدو أن التخلي عن حالة الطوارىء هو استعادة للأمان في الشارع بين المواطنين، أو التوقف عن الاعتقالات التعسفية، التي طالت الكثيرين دون وجود دلائل واضحة.

 

فكان البديل الأكثر قوة أمام القانون الدولي والولايات المتحدة الأمريكية، هو تقنين الاعتقالات بدعوى حماية الدولة من خطر الجماعات الإرهابية، وبالأخص جماعة «فتح الله جولن».

 

وتقدم الحزب الحاكم، بمشروع قانون «مكافحة الإرهاب» بديلًا عن حالة الطواريء، وبحسب وسائل إعلام تركية، فإن هذا القانون من شأنه اعتقال الأفراد الذين يشكلون خطرًا على الأمن التركي العام.

تم نسخ الرابط