بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

«حكاية الكسوة».. تُطلى بالذهب ويعمل بها 100 شخص لمدة 10 أشهر

بلدنا اليوم
كتب : سارة أبوشادي

هي قبلة المسلمين وبيت الله الحرام، يتوافد إليها الملايين كل عام للطواف حولها، في أطهر بقاع الأرض أولى الحرمين وثالث القبلتين، تقف بعظمتها والآلاف يتجمعون حولها، تمتلك كسوتها أيضًا جزء كبير من أهمية هذا الكيان العظيم، لذا وفي كل عام والمسلمون يتوافدون على عرفات يتم تغيير تلك الكسوة الطاهرة.

فكانت الكعبة المشرفة قبل الإسلام تُكسى في يوم عاشوراء ثم صارت تُكسى في يوم النحر وصاروا يعمدون إليها في ذي القعدة فيعلقون كسوتها إلى نحو نصفها ثم صاروا يقطعونها فيصير البيت كهيئة المحرم .. فإذا حل الناس يوم النحر كسوها الكسوة الجديدة، ثم كساها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالثياب اليمانية عندما احترقت على يد امرأة أرادت تبخيرها وبعد ذلك كساها الخلفاء الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم بالقماش المسمى بالقباطي.

مراحل تصنيع كسوة الكعبة تختلف كثيرًا عن أي كسوة أخرى، فهناك مصنع بالمملكة العربية السعودية مختص بصناعتها فقط، كانت قديمًا يتم تصنيعها بمصر في عهد الملك فاروق، واليوم، أصبح لها مكانًا بالمملكة ، حينما أصدر الملك عبدالعزيز، في شهر محرم عام  1346هـ ، أوامره بإنشاء دار خاصة بصناعة الكسوة فكانت هذه الدار أول مؤسسة خصصت لحياكة كسوة الكعبة المشرفة بالحجاز منذ كسيت الكعبة في العصر الجاهلي إلى العصر الحالي.

 

وتمر صناعة كسوة الكعبة بعدة مراحل، حيث يتم تصنيعها في مدة زمنية تتراوح بين 8 إلى 10 أشهر، يتم خلالها استكمال مراحل خياطة الثوب وانتهاءً بيوم تغيير الثوب القديم واستبداله بالجديد على جدران الكعبة المشرفة، وهو يوم وقوف الحجاج على عرفة التاسع من ذي الحجة.

 وتستغرق مدة تركيب الثوب نحو 13 ساعة، ويصل عدد المكلفين بذلك إلى 100 شخص تتوزع مهامهم بين "خياطين ومساعدين وعمال"، ويقدر محيط الحزام الخاص بالثوب 47 متراً، وارتفاع 95 سنتمتراً، فيما تقدر تكلفة الثوب المادية ما بين 22 إلى 25 مليون ريال سنوياً.

 

ويضم المصنع «210» عمال موزعين في أقسام المصنع في الخياطة، والطباعة، والمتابعة، والدباغة، كما يستقطب المصنع فئة الشباب من خريجي الكليات التقنية لتدريبهم بالمصنع قبل تخرجهم بـنحو 9 أشهر لتعليمهم كيفية الغزل والخياطة، ومن ثم توظيفهم.

 

وتستخدم نحو 670 كجم من الحرير الأسود الخالص المستورد من دولة إيطاليا، وتستهلك نحو 120 كجم من الذهب الخالص، و100 كجم من الفضة، فاعلم أنك تتحدث عن «الكعبة المشرفة» التي تُكسى بأغلى ثوب في العالم، سنوياً.

 

وتبدأ الصناعة بصباغة الحرير الخالص ثم نسجه آليا مع طباعة آيات قرآنية عليه من ذات لون النسيج، وذلك قبل مرحلة النسيج اليدوي التي تتم فيها إنتاج الثوب الداخلي، ليقوم بعد ذلك اثنين من أمهر الخطاطين بكتابة الآيات القرآنية وهو ما يستغرق 60 يومًا قبل أن تأتي مهمة قسم التطريز، من خلال وضعهم أسلاك دقيقة من الذهب والفضة على الكتابة المخطوطة بالنسيج، لتظهر حلة الكسوة .

وبعد التطريز يتم تجميع أجزاء الكسوة وتخييطها آليا بعد إجراء اختبارات الجودة على كل جزء منها، وبينما تستغرق عملية صنع الكسوة ثمانية أشهر بالإضافة إلى شهرين في التجميع النهائي، فإن العاملين يقيمون احتفالا سنويا بعد الانتهاء من إتمام مهمتهم.

 

ونظراً لثقل ستارة الباب يتم تعليقها مباشرة على جدار الكعبة المشرفة، كما تُشكل لجنة من المختصين في المصنع لمراجعة وتثبيت القطع المطرزة في مكانها المناسب، وكذلك التأكد من اتصال تكرار الجاكارد والتأكد من عرض كل جنب على حده، والقطع المطرزة المثبتة عليه، ولم ينتهي الأمر عند هذا الحد بل يتعدى ذلك إلى العناية به على مدار الساعة طوال العام، إذ يتم تخصيص خياطين وعمال لتنظيف الثوب والعناية به.

 

تم نسخ الرابط