بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

«خاشقجي».. صحفي أنجبته السعودية ودمرته تركيا

كتب : محمود صلاح

الصحفي الذي امتلك عمودًا رئيسيًا في صحفية "واشنطن بوست" الأمريكية، يكتب فيه دائمًا عبر صفحات الجريدة ما طابت له نفسه، لم يُسمع له صوتًا ولم يُكتب قلمه حرفًا منذ سبع أيام مضت والذي كان أولهم يوم الثلاثاء الماضي، فرغم حياته التي استقرت في تركيا منذ سنوات طويلة، غاب عن الأنظار ولم يعرف أحد سبب غيابه، بل تضاربة الأقوال بين اختطافه ومقتله.

 

الصحفي والكتاب السعودي "جمال خاشقجي" صاحب الـ59 عامًا لم يخطر بباله أن خطواته إلى القنصلية السعودية في اسطنبول التركية، في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء الماضي سوف تكون هي بداية غيابه عن الأنظار، بل ستكون سببًا في إعلان موته عبر وسائل الإعلام المحلية والعالمية.

 

خاشقجي من أشهر الصحفيين الذين أنجبتهم المملكة العربية السعودية، حيث دون له التاريخ العديد من المقابلات الهامة التي كان أبرزها مع القيادي الإرهابي قائد "تنظيم القاعدة" أسامة بن لادين - الذي رتب عملية 11 سبتمبر التي ضربت برج التجارة العالمي في أمريكا- وعمل كرئيس تحرير لصحف كـ"الوطن" السعودية، و"عرب نيوز"، "أوائل الألفية"، بينما كان عنوانه الأبرز هو عمله كمستشار لرئيس المخابرات السعودية السابق الأمير تركي الفيصل.

 

قضية الصحفي السعودي كادت من أغرب القضايا الغامضة التي حدثت على الساحة الدولية، حيث بدأت باختفائه،  بعدما أبلغت خطيبة خاشقجي وسائل الإعلام بأنه لم يخرج من القنصلية السعودية بإسطنبول صباح يوم الثلاثاء الماضي في الثاني من أكتوبر، والتي دخلها لتوثيق طلاقه من زوجته السعودية، حتى يتسنى له الزواج بأخرى، وفقا للقوانين التركية.

 

عقب تداول وسائل الاعلام العالمية لخبر اختفاء خاشقجي، جاء الرد السعودي خلال ساعات بالقول إن خاشقجي زار القنصلية لإنهاء أوراق طلاقه، وخرج بعد فترة قصيرة، نافيًا الأنباء التي تحدثت عن احتجازه.

 

وعلى الجانب الأخر قال المتحدث باسم الرئيس التركي إبراهيم كالين، إن تركيا تتابع قضية اختفاء خاشقجي وإنها على اتصال بمسؤولين سعوديين، كما استدعت الخارجية التركية، بعد مرور 48 ساعة على اختفاء خاشقجي، السفير السعودي لدى أنقرة وليد عبد الكريم الخريجي، للاستفسار حول مصير مواطنه خاشقجي.

 

وأجرت وكالة "بلومبيرغ" مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في 5 أكتوبر، حول هذه القضية، حيث أكد سلمان أن بلاده سمحت لتركيا بتفتيش قنصليتها في اسطنبول، للتأكيد على عدم وجود الصحفي داخل القنصلية، قائلًا: "ليس لدينا ما نخفيه.. المنشآت الدبلوماسية أرض ذات سيادة لكننا سنسمح لهم بتفتيشها".

 

فيما أعلنت تركيا في اليوم التالي بدء التحقيقات في قضية الصحفي، تبعها في ذات اليوم، تصريحات مصادر في الشرطة التركية لوكالة "رويترز"، رجحت مقتل خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، "نعتقد أن القتل متعمد، وأن الجثمان نقل إلى خارج القنصلية"، فيما نفت المملكة هذه الأنباء، وقال مصدر مسئول في القنصلية السعودية بحسب ما ذكرت  "واس" مشككًا بأن تكون "التصريحات صادرة من مسؤولين أتراك مطلعين أو مخول لهم التصريح عن الموضوع"، كاشفًا عن وصول فريق أمني سعودي للتحقيق بمصير المواطن السعودي جمال خاشقجي.

 

وأكدت تركيا في 7 أكتوبر، أن خاشقجي لم يغادر القنصلية السعودية بطريقة طبيعية، وقال مستشار الرئيس التركي ياسين أقطاي "السلطات التركية تعتقد أن مجموعة من 15 سعوديًا ضالعة على نحو شبه مؤكد في الأمر"، متابعًا "حديث مسؤولين سعوديين عن عدم وجود تسجيلات للكاميرات لم يكن صادقًا".

 

بينما تتضارب الأنباء حول القضية أكدت صحيفته "واشنطن بوست" الأمريكية في افتتاحيتها، أمس الإثنين، أن الأدلة حول اختفاء كاتبها خاشقجي موجودة، ويجب إعلانها، مشددة "السفير السعودي في واشنطن قال إن كاميرات المراقبة في قنصلية بلاده في إسطنبول لم تسجل شيئًا… لكن هناك كاميرات المراقبة التركية"، حيث نقلت الصحفية صورًا لخاشقجي من مصادر لها هناك.

 

وشددت الصحيفة "يقيم خاشقجي منذ عام في الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي يعطي أرضية لإدارة ترامب كي تطالب باستجلاء معلومات وإجابات وأدلة ذات صلة من السلطات السعودية والتركية"، وتابعت "إذا صح مقتل خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول فإن ذلك يستدعي إعادة النظر الشاملة في العلاقات مع النظام السعودي، وزعيمه الفعلي محمد بن سلمان، ومن الأفضل أن يظهر ذلك قريبا جدا وليس فيما بعد".

 

وعبّرت الولايات المتحدة الأمريكية، ودول أوروبية عن قلقها إزاء اختفائه، وأكدت واشنطن أنها تسعى للحصول على معلومات بشأنه، بينما حثّ المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك قادة وزعماء العالم على تعزيز حرية الصحافة، وحماية الصحفيين.

 

وبعدما طالب أردوغان بتفتيش القنصلية السعودية، طالب أمش الإثنين، من السعودية بإثبات خروج مواطنها خاشقجي من القنصلية في إسطنبول، وقال "لا يمكن أن يتملص المسؤولون السعوديون من المسؤولية من خلال القول بأنه خرج من القنصلية"، مؤكدًا "متابعة هذه القضية واجب إنساني".

تم نسخ الرابط