أزمات «الزراعة» كعب داير.. والمحصلة صفر
الوزارة: يجب تنفيذ قرار حظر الدواجن.. وننتظر توفيق الأوضاع
نواب: البحث عن الحلول معها يدفعنا للسقوط فى «عش للدبابير»
تمراز: يجب التشاور مع ممثلى الشعب عن كل ما يمس المواطن بشكل مباشر
عيسى: محو الإنجازات السابقة والأيادى المرتعشة تسببا فى المشكلات المتتابعة
نقيب الفلاحين: «الفلاح مش هيزرع محصول يذله بعد اللى حصله مع القطن»
تستمر أزمات وزارة الزراعة على مدار سنوات طويلة، نخرج من أزمة إلى أخرى ويضيق على المواطن عنق الزجاجة، وعلى الرغم من المجهودات العظيمة التى يقوم بها الرئيس عبد الفتاح السيسى لجذب الاستثمارات وحل الأزمات المالية وعودة مصر لمكانتها الرائدة خارجيا؛ ولكن سوء الإدارة والروتين وانعدام الرؤية المستقبلية وعدم وجود خطة واضحة لحل الأزمات، يجعل الحياة تزداد صعوبة على المواطن البسيط، وتضييق الخناق على الفلاح فى مصدر رزقه.
وفى ظل التقدم من حولنا وتدارك الدول للأزمات قبل حدوثها؛ نجد نفسنا أمام عوائق كثيرة، تعرقل التنمية وتقف بوجه المقترحات المقدمة من نواب الشعب، وضجيج على جميع الأصعدة، فالفلاح غير راضٍ، وكذلك التجار، والنواب يصرخون بصوتهم ولكن لا حياة لمن تنادى.
أزمات بلا حل
الطماطم، تضرر العديد من المزارعين من تقاوى الطماطم "023" المضروبة فى آلاف الأفدنة بعدة مناطق بالنوبارية ووادى النطرون وأخرى بالمحافظات، حيث أكدت وزارة الزراعة أنها طرف أصيل فى المشكلة المثارة حاليا بشأن وجود بذور طماطم مغشوشة فى الأسواق، لتبدأ اللجان المشكلة من قبل مركز البحوث الزراعية بأخذ عينات وتحليلها من المناطق المصابة بتقاوى الطماطم المضروبة، والتى أثبتت أن المحاصيل مصابة بالفعل.
أزمة القطن، تراجع الحكومة عن شراء القطن من المزراعين بالسعر الذى حددته البالغ 2700 جنيه للقنطار الواحد، والذى جعل لجنة الزراعة بالبرلمان تستدعى بعض الوزراء المعنيين، خوفًا من عزوف الفلاحين عن زراعته مستقبلاً، ما ينذر بأزمة كبيرة قد تؤدى إلى انقراض القطن، ورغم وعد وزير الزراعة باستلام المحصول من المزارعين بنفس السعر ولكن لم تتسلمه الحكومة حتى الآن.
الدواجن، خطاب وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى الموجه إلى محافظة القاهرة، لتنفيذ وتفعيل قرار وزير الزراعة رقم 941 لسنة 2009 بشأن اللائحة التنفيذية للقانون رقم 70 لسنة 2009، والصادر بشأن تنظيم تداول وبيع الطيور والدواجن الحية وعرضها للبيع، أشار إلى أن تفعيله؛ يأتى حفاظا على صحة المواطنين، وعلى البيئة من التلوث وحماية صناعة الدواجن كإحدى ركائز الاقتصاد الوطنى ودعم الأمن الغذائى.
الرد الرسمى
قال المتحدث الرسمى لوزارة الزراعة، إن القانون الخاص بأزمة الدواجن لم ينفذ بعد فهو ليس جديدًا ولكنه موضوع منذ سنوات، ومن المفترض أن تقوم الوزارة بتنفيذه، وبالرغم من ذلك؛ نحن لم نقم بتنفيذه إلا بعد توفيق أوضاع عناصر المجموعة، ونسعى بكل الطرق إلى الوصول لحلول مناسبة من أجلهم، وعدم إلحاق الضرر بهم.
وأوضح المتحدث الرسمى لوزارة الزراعة، أن أزمة الطماطم كبدت المزارعين خسائر فادحة، وخسروا المحصول بالكامل، مشيرًا إلى أن بعض التجار استغلوا الأزمة ورفعوا أسعار الطماطم.
وتابع أن: "الوزارة تتواصل مع الفلاحين بصفة يومية وجاهزون لتقديم ملف محصول الطماطم للجهات الرسمية"، مؤكدًا أن الفيروس الذى أصاب المحصول ليس له علاقة بالثمرة ولا ينتقل إلى الإنسان نهائيا.
وذكر أنه ستتم محاسبة الشركة المستوردة لبذور الطماطم قانونيًا؛ حال ثبوت تورطها فى الأزمة، لافتًا إلى أن الشركة تنفى علاقتها بالبذور المغشوشة، موضحًا أن الوزارة لن تمنح الفلاحين تعويضات كونها غير مسئولة عن استيراد البذور، لكنها تساندهم كى يتم معاقبة المسئولين عن الأزمة.
وفى تصريحات له، أكد الدكتور عزالدين أبوستيت، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، أن نتائج عينات محصول الطماطم مصابة بفيروس "تجعد وإصفرار الأوارق" بنسبة 96.5%؛ نتيجة البذور المستوردة للصنف "023" بمعرفة إحدى الشركات الخاصة، مشيرًا إلى أنه قام بتشديد الرقابة على جميع أنواع التقاوى المستوردة بعد واقعة إصابة المحصول بالفيروس؛ لأنها لن تقبل بالضرر للفلاح أو الإنتاج الزراعى.
أما عن القطن، فقال إن تسويقه هذا العام يتعلق بأقطان الوجه البحرى، بعد الانتهاء من تسويق محصول الوجه القبلى بالكامل، ورسالتى لكل المزارعين أن الوزارة لن تتخلى عن الفلاح، وملتزمون بقرار الحكومة بشراء القطن بـ2700 للوجه القبلى و2500 وجه بحرى.
وأشار إلى أن هناك مجموعة من الخطوات لوزارة الزراعة بالتعاون مع وزارة قطاع الأعمال؛ لتنفيذ العقد بين الشركة القابضة للغزل والنسيج والجمعية العامة للقطن لتسويق 450 ألف قنطار قطن.
وأضاف أن الوزارة تعمل على الاتفاق مع أحد البنوك الوطنية لتوفير قروض ميسرة لتمويل شراء القطن من المزارعين على ألا تزيد الفائدة على 12%، ومن المتوقع إعلان الإجراءات خلال الأسبوع الجارى.
رد فعل برلمانى
قال النائب محمد سعد تمراز عضو لجنة الزراعة بالبرلمان، إن القرار الذى يتم إتخاذه دون المشاورة وتجميع آراء؛ دائمًا ما يكون قرارا غير صائب وغير موفق، ولذلك تتابع الوزراء على ديوان وزارة الزراعة لم يغير السياسة المتبعة فى حل الأزمات، بل بالعكس، مع كل تغيير ترجع الأمور للخلف ولا تتقدم للأمام، ونحن نلمس مشكلات الوزارة من داخل لجنة الزراعة بالمجلس، واحتكاكنا بالفلاح والمواطن العادى.
وأضاف عضو لجنة الزراعة أن إصدار القرار لا يجب أن يكون مفاجئا، بل يجب أن يتم التشاور فيه مع ممثلى الشعب فى مجلس النواب وجمع الآراء عليه، خاصة وإن كان يمس الشارع والمواطن البسيط بشكل مباشر، لأن بعض الآراء قد تحمل الحلول للمشكلات أو حتى جزء منها.
وتابع النائب، أن الوزارة بها الكثير من الملفات التى يجب حلها، مثل أزمة القطن التى تقترب من العام، وتحديد الحكومة الأسعار قبل الزراعة دون دراسة الأمر وكيفية البيع جيدًا، مستنكرًا ذلك بقوله: "المعروف أن الجهة الوحيدة التى تأخد القطن هى الحكومة، والحكومة إذا تم توصيتها على حاجة؛ يبقى وصلنا للخراب والفشل مع الأسف"، أما إذا تم فتح محال البيع والشراء للعديد من الجهات؛ سيتم فتح باب العرض والطلب ويكون هناك سوق مفتوح، ولكن بعد وعد الحكومة باستلام المحصول وزراعة الفلاحين للقطن، جمعوا المحصول وخزنوه أمام منازلهم، وصار المحصول "مركون" لن تشتريه الحكومة ولا غيرها.
وأكد عضو مجلس النواب، أن وزارة الزراعة عليها معاقبة من أتى بالتقاوى الفاسدة وليس البرلمان، حيث أن الوزارة هى من أعطته التصريح وهى المتحكمة، وبذلك يكون تعامل المزارع مع جهة حكومية، هى من تعاقب المتسبب فى فساد المحصول، خاصة وأن هذه الأزمة أضاعت ما تبقى من ثقة بين المزارع والحكومة.
وتساءل النائب عن سبب قرار الوزارة بحظر بيع الدواجن بالقاهرة والجيزة، مشيرًا إلى أن هذه الأزمة ترتبط بأرزاق بعض المواطنين أصحاب المحال، والبعض الآخر من المواطنين لا يأكلون إلا الدواجن الحية، لذا فهذا القرار يفتح الباب أمام معدومى الضمير الذين من الممكن أن يبيعوا الدواجن المريضة وهى مذبوحة.
وفى نفس السياق علق النائب على ارتفاع إيجار المزارع السمكية، بأنها زيادة مبالغ فيها وغير مقبولة، وحين تواصل مع الدكتورة منى محرز المسئولة بوزارة الزراعة قالت له إن الأمر لدى وزير المالية وليس من شأنهم، وتعجب مما قالته حيث أن وزير المالية ليس له شأن بهذا الأمر، حيث وصف محاولة إيجاد الحلول مع الوزارة بأنه "كأنك دخلت عش الدبابير".
فيما قال النائب سيد عيسى عضو لجنة الزراعة بالبرلمان، إن أزمات وزارة الزراعة تزداد مع تغيير الوزراء، وأن من يأتى من الوزراء لا يستكمل المسيرة بل إنه يمحو ما سبق ويبدأ من جديد، على عكس ما يحدث بالدول المتقدمة.
وأضاف النائب أن الأزمة الحقيقية تكمن داخلنا نحن وفى طريقة تعاملنا مع الأمور، مشيرًا إلى أن الوزارة لا تملك الحلول، وحتى عندما تستمع إلى مقترحاتنا؛ لا تنفذها، والأيادى مرتعشة، ولذلك لن نتقدم.
وأشار إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسى يحاول ويجاهد من أجل مصر ولكن الحكومة لا تتعاون معه وترجع به للخلف ولا تساعده، ولا تملك الحل لأى شىء.
محاربة الطموح
قال حسين أبو صدام نقيب الفلاحين، إن المزارعين لديهم 3 أزمات أساسية مع وزارة الزراعة، أولها مشكلة القطن والتى تتلخص فى أن القيادة السياسية فى مصر تسعى إلى عودة الذهب الأبيض إلى سابق عهده ليتربع على عرش المحاصيل الصيفية، وأتت التوجيهات من القيادات العليا بأن نقوم بزراعة القطن بدلاً من الأرز وتم تنفيذ ذلك، وقام المزارع بزراعة القطن والذرة، وأعطت الحكومة "سعر ضمان" تراوح بين 2500 لـ2700 ما بين وجهى بحرى وقبلى، وكان من المتفق عليه أن يزرع الفلاحون 600 ألف فدان فى العام المقبل، ولكن الحكومة لم تتسلم القطن من الفلاح كما وعدت حتى بعد أن صرح وزير الزراعة أن الحكومة ستقوم بتسلم محصول القطن من المزارعين ولكن لم يتم هذا؛ مما جعل المزارعين يتجهون نحو بيع المحصول إلى التجار بسعر أقل من المتفق عليه كونهم لا يملكون رفاهية الانتظار فى ظل الالتزامات عليهم واجبة السداد؛ الأمر الذى أعطى فرصة للتاجر أن يستغل هذه الحالة ويشترى القطن من المزارع بمبلغ يقل عن ما وعدت به الحكومة بـ300 جنيه.
وأشار أبو صدام إلى أن أسباب الأزمة تنقسم لقسمين، الأول هو عدم وجود الزراعات التعاقدية التى ينص قانونها على أن يتعاقد الفلاح على المحصول قبل زراعته، مما يحمى المزارع من تمرد التاجر والشركات عليه، خاصة وأن القطن لا ملجأ له، فهو لا يؤكل ولا يشرب ولا يستطيع الفلاح التصرف فيه.
وأضاف أن السبب الثانى هو الإهمال الجسيم من وزارة الزراعة خاصة مع علمهم بالمساحة المزروعة، ومن المفترض أن كان لديهم خطة لتسويق هذا الإنتاج الضخم من القطن، مشيرًا إلى أن ما يحدث من إهمال داخل الوزارة يرجع لكثرة تغيير الوزراء فى وجهة نظره، وأن ما حدث فى ملف القطن سيجعل المزارعين يعزفون عن زراعته مرة أخرى، بقوله: "أنا كمزارع مش هزرع حاجة تذلنى"، خاصة وأن الوزارة لا تستطيع أن تلزم المزارع بزراعة محصول محدد.
ولفت نقيب الفلاحين، إلى أن المزارعين اتجهوا إلى زراعة الذرة بدلًا من الأرز، فأصبح المحصولان الأساسيان هما القطن والذرة، ووعدت الوزارة أيضًا باستلام المحصول وإعطائه إلى مربى الدواجن، وإلى الآن لم يتم تسلم طن واحد من المزارعين، وتم إرجاع الأزمة إلى انخفاض سعر الذرة عالميًا.
وأوضح أنه كان من المفترض على الدولة أن تمنع استيراد المحاصيل الموجودة داخل مصر، خاصة وأن هناك حربا من الخارج على الزراعة المصرية، وهذا ما تعطله وزارة الزراعة بنفسها، فهى لا تعلم ما تفعله وبها تخبط، والوزير ليست لديه خلفية عن ما يحدث داخل الوزارة لأنه لم يقض مدة كافية بها، والموظفون القدامى "حيتان من زمان ويعملون مع المافيا"، هناك فساد بالمؤسسة يقف أمام مصالح الزارع.
وتابع أن الأزمة الثالثة هى أزمة الطماطم والتى تكمن فى غش المبيدات والتقاوى، خاصة وأن مصر تعتمد على استيراد التقاوى الخاصة بها بأكملها من الخارج، مشيرًا إلى أن المزارعين كانوا يشترون هذه التقاوى من عدة سنين من شركات معروفة وكانت نتائجها جيدة، ولكن ما حدث أن بعد شراء المزارعين التقاوى هذه المرة فوجئوا بمرض المحصول وانتشار الفيروس، مما أدى إلى تناقص المحصول، وحدوث أزمة عرض وطلب، فكان العرض قليلا وارتفع الطلب، مما استتبعه بالضرورة ارتفاع فى الأسعار، والسبب الأساسى هو التقاوى والأسمدة المغشوشة، وعدم تحليل عينات التقاوى إن كانت صالحة أم لا، ولذلك الفحص ضرورى بشكل مستمر.
وتساءل أبو صدام، بعد منع استيراد التقاوى مجددًا كما صرحت وزارة الزراعة، ماذا سنفعل بعد ذلك أو ما البديل لهذا الصنف؟
المتضررون
المتضررون من تقاوى الطماطم صنف "023" تقدموا بمذكرة رسمية، إلى الدكتور عز الدين أبو ستيت وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، أكدوا فيها أنهم المتضررون من كارثة الغش التجارى الذى حدث فى بذور وشتلات الطماطم للصنف المسمى "023"، والذى ادعت الشركة المستوردة للصنف أنه عقد حرارى ومقاوم للفيروس "TYLCV" إلا أنهم فوجئوا بإصابة آلاف الأفدنة بنفس ذات الفيروس.
أما متضررو أزمة القطن، فكما أوضح النائب محمد سعد، أنهم ما زالوا ينتظرون أن تنفذ الحكومة وعدها، وإلى أن يتم ذلك؛ سيظل القطن فى المخازن أو أمام المنازل انتظارا للفرج.
وفيما يتعلق بأزمة حظر دخول الدواجن الحية إلى القاهرة والجيزة؛ فلا يعرف أحد شيئا عنها، فالتجار لا يعرفون متى سينفذ القرار، أو آلية تعويضهم عن غلق أبواب رزقهم، والمواطنون الذين لا يعلمون هل ستوجد دواجن مذبوحة؟ أم سيكون المتداول فقط للمجمدة؟.
موضوعات متعلقة..
نقيب الفلاحين: انتهاء أزمة البطاطس خلال يومين
نقيب الفلاحين: الزراعة ستشهد تطهير كبير من الفساد الأيام القادمة (حوار)