«القاتل والمقتول من بيتٍ واحد».. حكاية فتاة طعنت شقيقها بسبب «ريموت التليفزيون»
في إحدى المناطق الشعبية بمحافظة القاهرة، وبالتحديد عزبة الهجان في مدينة نصر، ومن بين الشوارع الضيقة، تجد في أخر الممر الصغير، منزل لا يختلف كثيرًا عن جيرانه، من النوافذ المتواضعة والألوان ذات القيمة القليلة من الأموال، وبداخله أسرة صغيرة تكونت، من الأم الثلاثينية، والأبناء الذين تتراوح أعمارهم مابين الـ10 و15 عامًا، والأب الذي يكفلهم ليعيشوا في حياة كريهة مثل غيرهم.
كالعادة في السابعة صباحًا، يذهب الأب إلى المحل الصغير لأداء عمله، وبعد مرور ساعة تقريبًا، تنزل زوجته هي الآخرى بحثًا عن الأموال التي تساعد زوجها على نوائب الدهر ومصاريف المنزل والأولاد الأربعة، ولكن في اليوم المشؤوم اختلفت الأحوال بعض الشيء، ولم تعود السيدة إلى منزلها إلى مع أذان العشاء، لتجد الكارثة التي تجعلها تحزن طوال العمر بسبب التأخر من اجل لقمة العيش.
عند دخول الأم إلى منزلها، وجدت ابنتها الكبرى «شروق» وشقيقيها التوأمين الرضع ولم تجد نجلها «محمد»، على الفور بدأت البحث عنه في الشوارع التي تعود على المرح فيها مع الأصدقاء، ولكنها عادت غير مجبورة الخاطر، فلم تجد فلذة كبدها في مكانه المعتاد، هنا بدأ القلق يتسلل في قلبها، فسألت ابنتها الكبرى على شقيقها تلجلجت الفتاة وردت سريعاً: «نط من الشباك وخرج يلعب مع زمايله فى الشارع»، لم تقتنع الأم بكلمها وأنه في الخارج، وظلت تبحث عنه داخل الشقة الصغيرة، وفجأة رأت المنظر البشع الذي لم تنساه طوال حياتها، وهو ما تسبب في خروجها عن شعورها وظلت تصرخ وتلطم خديها حتى تجمع حولها الجيران.
وقفت "عفاف" تنظر بعينان مدهشتان صوب طفلها صاحب الـ10 سنوات، وهو ملقى على الأرض جثة هامدة ملفوف بملاءة بيضاء ملطخة بالدماء، وعندما فتحتها الأم لتشاهد نجلها وجدته مصاباً بجرح نافذ بالبطن أودى بحياته، تجمع الجيران وحاولوا تهدئتها ولكن الأم أمسكت بالطفل وضمته لصدرها على أمل أنه لا يزال حياً ولكن اتضح أنه قاطع للنفس وتكتب السطور الأخيرة في حياة هذا الطفل الصغير.
البكاء الشديد والحالة الانهيارية التي كانت فيها السيدة، دفعت الجيران للدخول لمعرفة بسبب ذلك، وسرعان ما أبلغ الأهالى القسم لكشف ملابسات الجريمة والقبض علی الجانى، وعلى الفور توجهة قوة أمنية من قسم أول مدينة نصر إلى مسرح الجريمة وعاينت المكان وبدأ الجميع يتساءل عن تداعيات الموقف.
بدأ رجال المباحث عمل التحريات، والتي اوضحت أن الأب يعمل بمحل دواجن والأم "عفاف" تعمل خادمة فى المنازل وتساعد السكان مقابل المال، وأنهم تركوا قريتهم بالشرقية وأتوا إلى القاهرة بحثاً عن الرزق بعد إنجاب 4 أطفال، استبعد رجال المباحث فكرة القتل بغرض السرقة نظراً لأن الحالة المادية لأسرة الطفل متواضعة ويحتاجون المساعدة.
فحص رجال المباحث مسرح الجريمة وتأكدوا من سلامة النوافذ وباب الشقة واستبعدوا فكرة السرقة تم تضييق الخناق على المتواجدين بالمنزل واستمعوا إلى أقوال الأسرة الصغيرة والجيران ومالك المنزل.
قالت الأم إنها عادت قبل ميعادها لتصطحب نجلها القتيل وتشترى له ملابس جديدة وأدوات مدرسية وأنها لم تجده فى الشقة وسألت «شروق» وقالت لها إنه خرج من الشباك للعب مع أصحابه، وتابعت قائلة: قفلت الباب بالمفتاح علشان محدش يخرج، ولما رجعت أخته قالت لى إنه نط من شباك المطبخ عشان يلعب مع أصحابه، ولما اتأخر قلقت ودوّرت عليه لقيته ميت ومرمى تحت السرير.
رجل في الأربعين من عمره، عائدًا من عمله أخر اليوم، ابتسامة الرضا تتلاعب على وجهه، والاشتياق إلى أطفاله الصغراء يدفع إلى الهرولة أو الشمى أسرع لكي يصل إلى بيته، ولكن غالبًا تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، ليتفاجأ الأب بتجميع الجيران والشرطة حول المنزل وتواجدهم بداخل الشقة، تمكن الخوف من قلبه وشك بحدوث شيءٍ ما، وعندما اقترب استمع من الجيران بمقتل طفله، هرول مسرعًا إلى الداخل ليجد زوجته منخرطة فى البكاء وآثار دماء الابن متواجدة على الملاءة وملابسها.
سقطت كل الاحتمالات ولم يجد رجال الشرطة غير «شروق» الشقيقة الكبرى مفتاحًا لسر الواقعة، خاصة أنها هى الوحيدة التى كانت متواجدة بالشقة وقت الجريمة، وبالفعل بدأ رجال المباحث فى استجوابها، في البداية ظلت الطفلة هادئة واستمرت على الرواية التى قالتها للأم بأن «محمد» نط من الشباك للعب مع زملائه، تمت ملاحقتها بالأسئلة وبدأت ملامح الخوف تترسم على وجهها حتى شك رجال المباحث فى سلوكها.
شعرت الطفلة بالخوف وقررت أن تروى تفاصيل الجريمة.. قالت إنها تشاجرت مع شقيقها «محمد» بعدما خطف ريموت التليفزيون من يدها فجأة وعندما طالبته رفض إعطاءها إياه فأمسكت بمفك كان متواجداً أمامها وهددته به من أجل أن يعيد لها الريموت ولكنه رفض وأصر على الإمساك به فسددت له طعنة قوية فى بطنه تسببت فى جرح عميق ونافذ.. خافت الفتاة ولم تدر ماذا تفعل وقامت بإحضار ملاءة بيضاء ووضعت شقيقها بداخلها وسحبته حتى وضعته أسفل السرير ومسحت آثار الدم.. وأخذت الريموت وأتت بالقناة التليفزيونية التى ترغب فى مشاهدتها وكأن شيئاً لم يكن.. مات «محمد» بدم بارد.. انسابت دموع «شروق» سامحينى يا ماما.. والله ما كنت عاوزة أموته.. كنت عاوزة أخوفه بس..