”الإيدز في مصر”.. رحلة المرض اللعين في شوارع المحروسة
في عيادة الطبيب جلست الفتاة وحيدة تختلس النظرات على من حولها، تترقب الجميع في صمت تحاول الابتعاد عن المتواجدين تغطي جسدها بالكامل ما عدا وجهها، علت علامات القلق والخوف ملامح وجهها، فتاة عشرينية في بداية رحلة الحياة لكن ما ألمّ بها جعلها تدرك أنها على وشك بلوغ النهاية، أيام قليلة مرت على الفتاة وهي تعتقد كونها تعيش في كابوس فإصابتها بمرض الإيدز أفقدها لذة الحياة، خاصة وأنّ الإصابة كانت صدمة لها.
في شوارع المحروسة لا يمكن أن تسير فتاة مصابة بالإيدز بشكل طبيعي إلّا في حالة إذا لم يعلم أحد بتلك الإصابة، لكن لو انتشر الخبر فستصبح بمثابة الوحش الذي لا يقترب منه أحد بل يهرول الجميع خائفين من حوله، حتى ولو كانت لا حول لها ولا قوة، لكن العقيدة التي يسير عليها مجتمعنا أنّ مريض الإيدز لا يمكن حتى الاقتراب أو التعامل معه فالحياة الآدمية بالنسبة له غير مرغوب فيها، لذا يعتبر غالبية مرضى الإيدز في مصر أنّ الموت أرحم وأهون عليهم بما يلاقونه يوميّا.
اليوم وفي اليوم العالمي لاحتفال العالم بمرض الإيدز، نتحدث عن هذا المنظور بمنظور واحد فقط وجهة نظر المواطن المصري والتي تختلف عن العالم بأكمله، هنا في المحروسة يلعن المرد وصاحبه وينبذ من المجتمع كآفة.
"الإيدز" في مصر
يتعامل المصريون بمختلف طبقاتهم مع مريض الإيدز بتنمر شديد، ينبذون صاحبه لا يتعاملون ولا يختلطون معه، وكأنّه يحمل الموت على كفيه من اقترب منه حتمّا يموت، بالرغم من أنّ هذا المرض يعد طبيعيّا في أحيانّا كثيره فهو وصفه الطبي نقص شديد في المناعه، لكن الجميع اتخذ فكرة أنّ الإيدز له علاقة بممارسة الجنس فقط، وهى الطريقة الوحيدة لانتقاله، ولكن هناك عدة طرق أخرى لانتقال المرض، وهو عبارة عن المتلازمة التى تظهر فى المرحلة المتقدمة من الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية وهو الفيروس الذى يهاجم الخلايا فى جهاز المناعة.
انتشرت عدة حالات انتحار بسبب هذا المرض، كان آخرها انتحار ربة منزل في بولاق الدكرور، بسبب إصابتها بالإيدز ، ولم تكن تلك الجريمة هي الأولى من نوعها التي تمثل هذه المأساة،و التى يعانى منها الآلاف، فباعتبار أنّ المرض في مصر فضيحة، لذا الهروب منها هو الحل السهل بالنسبة لهم.
ولم تكن سيدة بولاق هي الأولى من نوعها، فقد أقدم أحد المساجين بقسم شرطة زفتى بمديرية أمن الغربية على الانتحار وذلك بشنق نفسه بسبب إصابته بمرض الإيدز ونظرة المجتمع التي وصفها البعض باللعينة له.
العدوى
يعتقد الكثيرون وتحديدا هنا في المحروسة، أنّ الاقتراب من مريض الإيدز فإنّه سيصاب بالتأكيد، بالرغم من أنّ المرض ينتقل في حالات الاتصال الجندي، وعملية نقل الدم من شخص لآخر، وخصوصا بين مدمنى المخدرات الذين يتناولون الحقن الملوثة المستخدمة من قبل، ومن الممكن أن ينتقل أيضا للأطفال من الأم المصابة بالمرض أثناء الحمل أو عن طريق الرضاعة.
وهناك العديد من المفاهيم الخاطئة عن نقل فيروس نقص المناعة البشرية والإيدز، فيعتقد البعض أنه ينتقل عن طريق (التصافح باليد، العناق، التقبيل ، العطس، لمس الجلد، استخدام نفس المرحاض) ولكنها أخطاء شائعة ولا يمكن انتقال المرض عن طريقها.
هناك المئات من المصريين المصابين بهذا المرض، بعضهم يسير على طريق الشفاء وآخرون أصابهم اليأس وكثيرون يعيشون وكأنّهم أموات على الأرض فقط بسبب نظرات المجتمع الشاذة لهم.