بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

«صمود كبريت».. هنا أفشل الأبطال غدر «الصهاينة» في 73

كتب : ساره أبوشادي

ظلام دامس، صوت خطوات بطيئة في أنحاء المكان، ضوء كشاف خافت يظهر بين الحين والآخر، ثواني معدودة وانقلب الحال على عقبيه، الوضع كان أشبه بمعركة عنيفة، فما بين كر وفر يصحبها أصوات صفارات إنظار ورصاص يدوي في كل ناحية، وبين ضربات المدافع وقنابل الطائرات، التي كانت تتراقص في السماء، ومن هنا بدأت الحكاية، الحكاية التي لم تنتهي إلّا بعد ما يقرب من 4 أشهر من تلك الليلة.

 

الثانية ظهرّا، السادس من أكتوبر الجميع يترقب حدث عظيم، أبطالّا عبروا قناة السويس في محاولة لتحرير الأرض التي سرقت من قبل محتل غاصب، الشاشات بأكملها تتجه إلى القناة، الجميع في انتظار إعلان النصر، في المقابل وعلى بعد أمتارّا من الشط صنعت معركة أخرى، تلك التي صنعها الرجال في شهور وضربوا بها أعظم الأمثال في التضحية «معركة كبريت»، لن ينسى أحد حكاية صمود أبطالها ورحلة حياتهم في الشهور التي قضوها تحت القصف دون إمدادات، لكن هناك سؤال يتطرق إلى أذهاننا في بعض الأحيان،ماذا لو لم يصمد رجال كبريت، ماذا كان سيحدث؟، فلم تكن الإجابة أبسط من كونها أنّه لو صمود رجال تلك المعركة لكان من الممكن أن تخسر مصر الكثير في الحرب.

في هذا التقرير نستعرض أهمية معركة كبريت وماذا لو لم يصمد المصريين بها؟.

الساعة التاسعة صباحا التاريخ 9 أكتوبر 1973، تحركت الكتيبة 603 شمالا بحذاء شاطئ البحيرة المرة الصغرى لتنفيذ إحدى المهمات وهي الاستيلاء على الحصن الإسرائيلي بوتزر «كبريت شرق»، ليتفاجأ الجنود المصريين فور وصولهم الحصن بأنّ خاوي على عروشه، ليكتشفوا فيما بعد أنّ قوات العدو قامت بإخلائه مساء يوم 8 أكتوبر، تاركين خلفهم معدات وأنواع من الطعام والشراب، اعتقد الجنود المصريين حينها أنّه لا يوجد معركة فالحصن بات في أيديهم بسهوله وتمّ رفع العلم المصري عليه، لكن لم يسلم أحد من الغدر الصهيوني.

 

وبعد 8 أيام وتحديدّا يوم الثامن من أكتوبر، اكتشف القادة المصريون، عبور قوات إسرائيلية الى الضفة الغربية للقناة، لذا صدرت الأوامر بالاهتمام بتأمين الجانب الأيسر للفرقة الذي هو في نفس الوقت الجناح الأيسر للجيش الثالث الميداني.

 وفي يوم السابع عشر من أكتوبر مرّ تشكيل اللواء 25 مدرع المستقل، أحد اللواءات التابعة للجيش المصري، من أمام موقع كبريت تتقدمه زوبعة هائلة من الغبار، بعد أن تم دفعه في الصباح من رأس كوبري الفرقة 7 ليتحرك شمالا بحذاء البحيرة المرة الكبرى، بمهمة تصفية ثغرة الاختراق الإسرائيلية من ناحية الشرق، وهي المهمة المؤسفة، والتي أدت الى تدمير هذا اللواء بعد بضع ساعات على أثر وقوعه في كمين إسرائيلي محكم، واستشهد جميع تشكيل اللواء.

 

بداية الحصار الفعلي

في الثاني والعشرين من أكتوبر عام 1973،  بدأ الحصار الفعلي للموقع وتمّ إحكامه بشدة من قبل الجنود الإسرائيليون، وشنت الطائرات الإسرائيلية هجمات جوية مركزة استمرت معظم ساعات النهار حتى غروب الشمس، وقد جرت خلال هذين اليومين أشد الأحداث خطورة في تاريخ الحصار، وظلت امدادات الطعام والمياه التي تعد بالطبع امدادات غير عسكرية تصل الى الجنود المصريين المحاصرين بكبريت، بمغامرات تكاد تكون أشبه بالخيال، ولم يمتلكوا ابطال الكتيبة سوى مياه البحر المالحة التي كانت تبخر لتكون صالحة للشرب.

وفي ظهر يوم السابع عشر من يناير، وأثناء وجود قائد الكتيبة حينها، المقدم إبراهيم عبد التواب، في نقطة الملاحظة الأمامية، أطلق العدو بعض طلقات المدفعية والهاونات على الموقع، واكتشف القائد نقطة الملاحظة الاسرائيلية التي كانت تقوم بتوجيه الضرب، وأثناء قيامه بتوجيه النيران عليها سارع العدول بضرب مكانه،واستشهد المقدم ابراهيم عبد التواب وبينمناه المصحف وبيسراه نظارة الميدان، ليكون فيما بعد آخر شهيد في أكتوبر.

 

وفي صباح اليوم التالي مباشرة، وهو 18 يناير وقع الجانب المصري والإسرائيلي عند الكيلو متر 1010 اتفاقية فض الاشتباك، وانتهى الحصار عند تلك النقطة وعاد الإسرائيليون وتمّ فك الحصار، وعاد أبطال الكتيبة إلى مدنهم مرة ثانية رافعين رؤوسهم بعدما رفضوا ترك مواقعهم للعدو.

ماذا لو ترك المصريون الحصن للعدو؟

لم تكن معركة كبريت فقط مجرد الحصول على موقع من العدو والاستبسال والموت فداه، فهذا الموقع كان له أهمية خاصة في أكتوبر، فكان هذا الموقع ضمن خط بارليف وملتقي الطرق العرضية شرق القناة، ممّا أضاف أهمية كبرى عليه، خاصة وأنّه  يمكن من خلاله السيطرة علي كافة التحركات شرق أو غرب منطقة كبريت، كما أنّها تقع في المنطقة الفاصلة بين الجيشين الثاني والثالث المصريين، وعلاوة علي ذلك تقع في أضيق منطقة بين البحيرات المرة الكبري والصغري والمسافة بين الشاطئين الشرقي والغربي عند هذه المنطقة لا تزيد علي 500 مترا، وتوجد في الوسط جزيرة، تلك التي كان يستطيع من خلالها العدو تطويق الجيش الثالث والوصول لمدينة السويس، فلولا معركة كبريت وبسالة الجنود المصريين، لكان من الممكن أن يطعت الجيش غدرّا في أكتوبر بدخول العدو إلى مدينة السويس، أو حتى محاصرة الجيش، لكن أفشل الأبطال هذا المخطط.

 

 

موضوعات متعلقة

بطل ملحمة كبريت.. إبراهيم عبد التواب آخر شهيد في الحرب

لماذا لا يوجد عمل ملحمي بضخامة نصر أكتوبر؟.. الفنانون يجيبون

تم نسخ الرابط