بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

«الإيجار القديم».. صداع مزمن فى رأس الدولة

كتب : مصطفى عبدالفتاح

المضارون من الملاك تحملوا خسائر كبيرة لعقود.. والمستأجرون فى حاجة إلى بديل يناسبهم

«حجازى»: المسألة شائكة لتعلقها بالحقوق.. ويجب وضع سقف زمنى لحل الأزمة

«عبدالعال»: القانون الجديد لن يخرج للنور هذا العام.. والدستور يلزم الحكومة بمساعدة غير القادرين

يبدو أن قضية الإيجار القديم لن تنتهى خلال المرحلة الحالية فحتى الآن لم تتقدم الحكومة بمشروع قانونها لحل هذه الأزمة التى باتت كالصداع المزمن خلال دور انعقاد البرلمان الحالى، وذلك على الرغم من تقدم النائبين إسماعيل نصر الدين ومعتز محمود بمشروع قانون لحلها.

مؤيد ومعارض

المضارون من قانون الإيجار القديم يرون أنهم تحملوا ما فيه الكفاية لمدة 60 عامًا وآن الأوان أن يسترد كل منهم حقوقه، مطالبين الدولة بوضع سقف محدد من الوقت لخروج المستأجر وفى نفس الوقت أن تتحمل الدولة مسئوليتها لتوفير سكن للمواطن محدود الدخل كما ينص الدستور.

وفى المقابل تجد المدافعين عن قانون الإيجار القديم يعتبرون القضية بمثابة أمن قومى لمصر لأن هناك 30 مليون مواطن يسكنون فى هذه المساكن منهم 9 ملايين من أصحاب المعاشات ولكى يتم إخراجهم من مساكنهم فكأنك تشعل فتيل ثورة جديدة فى مصر ستطيح بالجميع فى نهاية الأمر، معتبرين أن قضية الإيجار القديم ستنتهى بطبيعتها خلال العشرين عامًا القادمة طبقًا للحكم الصادر من المحكمة فى 2002 والذى نص على أن الشقة ستؤول إلى الجيل الأول من المالك الحالى فقط وبعدها يصبح المالك من حقه استرداد الشقة وأن تعود إلى حوزته من جديد.

1.6 مليون شخص غير قادرين

المهندس عمرو حجازى، نائب رئيس جمعية المضارين من قانون الإيجار القديم، قال إنه فى عام 2011 اجتمعت الجمعية مع وزارة الإسكان، وقدمت مشروع قانون لها ولرئاسة الوزراء لحل هذه المشكلة.

وأضاف حجازى أن مشروع القانون تضمن تحديد العلاقة بين المالك والمستأجر على فترة 5 سنوات وبشكل متدرج بحيث نبدأ بالعقارات القديمة فالأحدث وعقب مرور 5 سنوات لا يكون هناك شىء اسمه إيجار قديم وهذا كان سيعطى فرصة لتفعيل صندوق دعم المستأجر غير القادر، فمن خلال هذا الصندوق يتم تعويض المستأجر غير القادر بمبلغ ما، سواء كانت بصورة رمزية أو غيرها بحيث يصبح وكأنه يشبه برنامج حماية لغير القادرين.

وتابع رئيس الجمعية أننا لو أخذنا نسبة معينة من الضريبة العقارية، فهنا سنصبح قادرين على دعم 30% من سكان مصر من غير المقتدرين، مبينا أن الساكنين بقانون الإيجار القديم من غير القادرين لا يتجاوزن الـ مليون و600 ألف كساكنين فعليين، مبينًا أن الفكرة الأساسية هنا هل هناك إرادة سياسية لحل المشكلة فعلا أم لا؟.

«60 سنة كفاية»

وأشار حجازى إلى أنه التقى بمجموعة من النواب ومنهم معتز محمود وإسماعيل نصر الدين وأمين مسعود، وأكدوا أن الدولة لم تتقدم بمشروع قانون حتى الآن، رغم أن 95% من مشاريع القوانين التى خرجت من البرلمان مقدمة من الدولة، موضحًا أن الحكومة حتى الآن ترفض أن تضع نفسها على المحك لأن هذه المسألة حقوقية بحتة.   

وأكمل أن المستأجر أصبح فى مأساة حقيقية فقد تقدم بالكثير من الشكاوى، وقدمت مبررات وإدعاءات تم تفنيدها جميعًا، مضيفًا: "أنا عارف إن فيه مستأجر غير قادر بس فى النهاية دى مسئولية الدولة وكفاية 60 سنة تحمل فالوضع بقى غالى على الكل".

واستطرد أن الحكومة إذا لم تقدم مشروع قانون فى دور الانعقاد الحالى؛ سنستمر فى المطالبة بحقوق المستأجرين غير القادرين، مؤكدًا أن إعادة الحقوق لأصحابها أمر واجب.

وواصل، أن المحكمة الدستورية صدر عنها حكم يوم 5 مايو 2018، كان فى حيثياته صون الملكية الخاصة وحفظ الإرث ثم الحرية الشخصية ومنها الحرية التعاقدية، مؤكدا وجود تشريع قانونى يسير على ضوء هذه الحيثيات.

وقال: من يتحدث عن المستأجرين محدودى الدخل؛ فالملاك حاليًا من معدومى الدخل، ومن يتحدث عن المستأجرين من الأرامل والأيتام؛ فالملاك منهم أرامل وأيتام أيضًا، وليس لديهم أى دخل ثان غير هذه العقارات التى تركها لها أزواجهم أو أباؤهم.

تحرير العلاقة

وأكمل أن الدولة تعطى للمستأجر الحق فى السكن بالمساكن التى تبنيها، لكن عندما تأتى للمالك تخبره أنه من الملاك وبالتالى يحرم من شقق محدودى الدخل، مشيرًا إلى أن البرلمان تحدث عن حوار مجتمعى عن القانون وهنا أتساءل "هل ستقول الحكومة للمستأجر من فضلك هترجع الحق ولا لأ؟، ففى رأيى هذا تعد على حقوق شرعية ودستورية وقانونية والفضل فيها منتهى، فباختصار إما هم يريدون الذهاب للحق، أو أن يظلوا فى موائمة سياسية فقط".

وشدد على أن سقف مطالبهم هو الوصول إلى تحرير العلاقة سواء كان بعد عام أو 10 أعوام المهم أن يكون هناك سقف زمنى لهذا الأمر، لكن أن تخبرنى بزيادة الإيجار أو غيره فهنا الموقف شبيه بالمثل "تمخض الجبل فولد فأرًا"، مشيرًا إلى أن الدولة حاليًا ليست اشتراكية كما فى الماضى بل أصبح كل ما فيها حرًا، فأى سلع تخضع للعرض والطلب، والأصل هو المِلك، ولولا الملك؛ لم يكن هناك عقد للإيجار، وبالتالى فمن الخطأ أن يكون مطلقًا؛ لأنك حولت المستأجر إلى مالك.

وأوضح أن المقتدر يجب عليه الخروج فورًا من السكن، أما غير المقتدر عليه أن يقدم ما يفيد بدخله ووضعه المالى وبناء عليه يحدد موقف من السكن فالقادر عليه دفع قيمة ما ينتفع به بعقد محدد المدة وغير القادر هنا نمهل الدولة فترة إلى أن تستطيع أن تتحمل مسئوليته، وهو ما يحتم وجود سقف زمنى وألا يصبح الموضوع مفتوحًا مطلقًا.

القانون لن يرى النور

فيما قال محمد عبد العال، المستشار القانونى لرابطة "مستأجرى مصر للعقارات القديمة" إن النائب صلاح حسب الله المتحدث باسم مجلس النواب أعلن فى المؤتمر الصحفى الذى عقده بالمجلس خلال الأسبوع الماضى عن أن القانون لا زال فى مرحلة الإعداد حتى اللحظة، وأنه سيكون هناك حوار مجتمعى بين المستأجرين والملاك، متوقعًا ألا يخرج القانون فى دور الانعقاد الحالى؛ لأن جعبة المجلس مكتظة بالكثير من القوانين.

وأضاف عبدالعال أنه يعتقد أن الحكم الدستورى الذى صدر فى الخامس من ديسمبر عام 2018 والذى ينص على أنه للمؤجر الحق فى أن يأخذ ممتلكاته من الشخصيات الاعتبارية والمقصود بها هنا الحكومية؛ سيجبر مجلس النواب على مناقشة هذا الأمر خلال دور الانعقاد الحالى، لكن بالنسبة للسكنى والتجارى؛ لن تتم مناقشته لأنه يحتاج إلى حوار مجتمعى كبير جدًا يضم أكثر من 15 وزارة وليس مجلس النواب فقط، فالأمر ليس بالسهولة التى يتخيلها الملاك.

حكم دستورى

وتابع المستشار القانونى للرابطة أن هناك حكما دستوريا صادرا فى 14 نوفمبر 2002 تضمن أن الامتداد فى السكن يكون لجيل واحد فقط، وليس لـ5 أجيال، وبالتالى ستنتهى العلاقة بين المالك والمستأجر خلال 15 أو 20 عاما فقط دون خروج قانون من المجلس، مبينًا أنه فى هذه النقطة لا بد أن يُلزم غير القادر، الحكومة، بتوفير مسكن له، طبقًا للمادة 27 من الدستور، وهنا يجب على المستأجر أن يقوم بترتيب أولوياته من الآن، لكن أن أنشئ قانونا يطالب برحيل الناس خلال سنوات مثلًا؛ فهذا أمر غير طبيعى، لأن الدولة وقتها ستحتاج ما يقرب من 400 مليار جنيه حتى تستطيع الدولة أن تبنى مساكن لهم.

قضية أمن قومى

وأكمل أن حل هذه المشكلة ليس بالضغط على زر؛ بدليل أن كل من قدم مشاريع قوانين لحل الأزمة هم أعضاء فى مجلس النواب، فى حين أن الحكومة نفسها لم تقدم مشروع قانون حتى الآن، مبينًا أن هناك أحكاما دستورية ودراسات أمنية تتحكم فى المنظومة بأكملها، فالقضية أمن قومى مصرى وتمس 30 مليون مستأجر منهم 9 ملايين صاحب معاش.

وتوقع أن مجلس النواب، سيجرى- خلال شهر يوليو المقبل- دراسة لحكم الشخصيات الاعتبارية الذى صدر عن المحكمة الدستورية، موضحًا أن مشروع القانون التى من النواب مثل إسماعيل نصر الدين ومعتز محمود قدماها فى 2016 ونحن حاليًا فى 2019 ولم تتم مناقشته، وهو مقترح لم يدخل فى حيز المناقشة أو الحوار المجتمعى، وبالتالى سيضطر النائبان إلى تجميع 120 عضوا من جديد؛ كى يقدموا مشروع القانون فى 2019؛ لأن مشروع القانون طالما مرَّ عليه دور انعقاد واحد لا يجوز تقديمه من جديد.

وأكد أن كثرة الإلحاح فى الأمر ستتسبب فى فتنة بين المالك والمستأجر، وينقسم الشعب إلى فئتين، فالملاك لهم حق، لكن هنا نتحدث عن الملاك الأصليين الذين رحلوا عن الدنيا، أما الملاك الحاليون فهم الورثة الذين يريدون إخراج السكان لبيع العقار أو الأرض، فالعملية ليست بالسهولة التى يراها الجميع.

تم نسخ الرابط