من الاستقامة للدرب الأحمر.. القصة الكاملة لانتحاري "حادث الأزهر"

دماء متناثرة في كل مكان، بقايا أشلاء وآثار تدمير على واجهات المنازل، أصوات سرينة الإسعاف تلاحقها سيارات الشرطة، الجميع يهرول لمكان الواقعة أجهزة الأمن لم تتوقف عن النداء، تجمع الكثيرون هنا في منطقة الدرب الأحمر وتحديدًا شارع الكحكيين.
رجال رحلوا من أجل الوطن
التاسعة والنصف مساءًا، كان الهدوء يعم الشارع، هنا عجوز يجلس أمام محله التجاري بالقرب منه شاب يقف برفقة أصدقائه على إحدى النواصي، وسيدة أربعينية عادت للتو من السوق، لم تكن هناك حركة غريبة في المكان لكن وبعد ثواني معدودة تبدل الحال.
المشهد كما التقطته كاميرا إحدى المحال المتواجد في الشارع، شاب يخرج من منزل قديم يحمل حقيبة تبدو غريبة على ظهره يحاول ركوب دراجته الهوائية، من الخلف تجمع 5 رجال يبدو أنّهم غرباء عن المنطقة، فور رؤيتهم للشاب أسرعوا نحوه وكأنهّم كانوا في انتظار خروجه، فباتوا أشبه بالأسد الذي انقض على فريسته، حاول أحدهم الإمساك به ولحقه الآخرون لكن في غفلة من الجميع وبعدما فشل الشاب في الهرب ضغط على زر النهاية، وانقطع بث الكاميرا وطغى مشهد دموي على المكان.
ليلة حزينة
دقائق معدودة وامتلأت منطقة الدرب الأحمر بسيارات الإسعاف والشرطة والمطافي، تجمع الكثير من الأهالي في محاولة للبحث عن الضحايا ، اثنين من رجال الأمن الذين حاولوا إمساك الشاب والذي فجر نفسه تم استشهادهم على الفور، كما أصيب زملائهم الذين كانوا برفقتهم، بالإضافة إلى السيدة الأربعينة والعجوز الجالس أمام محله والشاب المتواجد على الناصية، وتمّ نقلهم جميعا إلى مستشفى الحسين الجامعي باعتبارها الأقرب للحادث الإرهابي، وتمّ تحويل ضباط الشرطة المصابين إلى مستشفى العجوزة.
رفعت قوات الأمن الطوارئ واتجهت الأنظار جميعها إلى منطقة الدرب الأحمر في ليلة لن ينساها سكانها، دقائق معدودة وبدأت النيابة في التحقيق، تمّ الكشف عن هوية الشاب والذي يدعى الحسن عبدالله صاحب الـ37 عامّا، والمتهم الرئيسي أيضًا في محاولة التفجير الفاشلة التي حدثت الجمعة الماضية أمام مسجد الاستقامة بالجيزة.
الإرهابي استهدف دماء المصريين
لم تنتهي الحكاية هنا بل مازال هناك بقية، الحادية عشر مساءًا الحزن خيم على المكان، النيابة تستمع لشهود العيان، أهالي المصابين يرافقون ذويهم بالمستشفى والشهداء يبكي رفقائهم بالقرب منهم، صوت من بعيد جاء ليفزع المتواجدين "اخلوا المكان بسرعة فيه قنبلة تانيه"، كان الإرهابي يستعد جيدًا لم يكن فقط يرتدي حزامًا ناسفا يتجول به في شوارع القاهرة القديمة، بل وضع في منزله المزيد حتى يستطيع تنفيذ خطته التي أفشلها رجال الأمن، على الفور توجهت الحماية المدنية وقامت بإخلاء كافة المنازل المجاورة للمسكن الذي كان يقيم به الإرهابي حتى لا يسقط مزيدًا من الضحايا تحسبا لأي خطر.
يقظة رجال الأمن أفشلت المخطط
لم يكن تواجد رجال الشرطة في محل الواقعة محض الصدفة، بل كان مخطط له جيدًا فبعدما استطاع قوات الشرطة إفشال محاولة إرهابية الجمعة الماضية أمام مسجد الاستقامة، بدأ رجال الأمن الوطني في محاولة البحث عن هوية الإرهابي الذي وضع القنبلة، وشاء القدر أنّه وبعد 3 أيام استطاعوا تحديد مكانه القاطن به في منطقة الكحيكيين بالدرب الأحمر، لتخرج قوة متنوعة من قسم شرطة الدرب الأحمر ورجال الأمن الوطني والأمن العام في محاولة للقبض عليه، وأثناء انتظار رجال الأمن للإرهابي تحت مسكنه وفي محاولة للقبض عليه فجر نفسه بالحزام الذي يرتديه بحوزته دائمًا وكأنّه كان مستعدًا للتفجير في أي وقت وكان يعلم جيدًا أنّ رجال الأمن سيصلون إليه لا محالة.
انتهت الحكاية
انتهت حكاية الدرب الأحمر، لكن قصة الإرهاب الدامي ما زالت مستمرة ومازال الوطن يقدم شهداء كل يوم في سبيله، رحل الأمين محمد ابو اليزيد والآمين عمرو السيد، والمقدم رامي هلال، شهداء من أجل محاولتهم الحفاظ على أرواح أبرياء كادت أن تزهق على يد الإرهاب الأسود.