عودة سوريا للجامعة العربية.. ”واقع قريب” أم ”حلم بعيد المنال”؟
بات الحديث عن حل سياسي للأزمة الدائرة فى سوريا حتميًا، خاصةً بعد تنامى ظاهرة الإرهاب فى وطننا العربى عامةً ومنطقة المشرق العربى خاصةً، والذى لعبت فيه أطراف غربية أدواراً شكلت من خلالها تهديدات خطيرة على الأمن القومى العربي.
لذلك تتجه الكثير من الدول العربية، بما فيها دول خليجية، للموافقة على إعادة العلاقات بين "الجامعة العربية وسوريا" وإن هناك تحركات عربية، تصب في النهاية لعودة سوريا للجامعة العربية، لا سيما قبل قمة تونس في مارس المقبل، لأسباب بينها بشكل رئيسي إبعاد إيران عن المنطقة.
سوريا لم تخرج من جامعة الدول العربية من ذات نفسها وإنما تم إقصاؤها قسرًا مع بداية الحرب عليها بضغط من دول بعينها وسلم مقعدها لفترة إلى المعارضة، التي رفعت علم الانتداب الفرنسي بدل العلم السوري الوطني، ولكن بعد كل هذه السنوات من خلع سوريا من مقعدها في منظمة كانت من مؤسسيها بقت سوريا ثابتة في أهم المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة، وكل ماجرى من تضييق خانق عليها لم تقع سوريا في مهب الريح لا سياسيًا ولا ميدانيًا ولا اقتصاديًا ولا حتى جغرافيا أو ديموغرافيًا، وإنما صمدت في وجه كل ما تم تدبيره لتطويعها ولي ذراعها بما يخدم مشاريع أمريكية غربية اقليمية اتضح فيما بعد أن لها أهدافا تتعدى حدود الدولة السورية وحتى الإقليم بأكمله.
عودة سوريا لطى صفحة القطيعة
وسط هذه الأجواء، يشير المراقبون أنفسهم إلى أنّ عودة سوريا إلى الحضن العربي من خلال الجامعة العربية، لن تنهي الأزمة الفعلية التي نشأت بين دمشق وغالبية العواصم العربية التي اتُّهمت بتسعير الحرب في سوريا لإنهاء نظام بشار الأسد، كما أنّ هذا الأخير لن يتخلّى بسهولة عن إيران، حليفه الاستراتيجي، كرمى لعيون الدول العربية الهادفة من خلال احتواء سوريا، إثر المعادلات الجديدة التي أفرزتها الحرب، إلى الدخول لمرحلة إعادة الإعمار الواعدة بالمليارات.
ويشير المراقبون، إلى أنّ معالم المرحلة المقبلة ستتّضح شيئا فشيئا مع توالي الأحداث في المنطقة لا سيما ما يُنتظر من انسحاب للقوات الأميركية من سوريا كما وعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وما ستكون عليه الترتيبات الروسية للحلّ السياسي.
أمّا لبنانياً، فيلفت المراقبون الى أنّ عودة سوريا الى الحضن العربي، إذا ما تمّت، لن تعني استعادة دمشق لسياستها السابقة تجاه بيروت وتحديدا للفترة التي تعود إلى ما قبل العام 2005 حينما سحبت قوّاتها من لبنان ورفعت يدها عن القرار السياسي للدولة اللبنانية، بحيث أنّ المناخات الدولية والإقليمية تبدّلت وفرضت واقعا جديدا ينبغي التعامل معه بطريقة مغايرة عن عقليّة الوصاية.
"قمّة بيروت" منصّة عودة سوريا إلى حضن العرب
وصف المراقبون الدوليون، عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية, على أنّه خطوة لطيّ صفحة القطيعة مع دمشق ويضيف هؤلاء أنّ المبادرة العربية باتجاه دمشق تمثّلت بخطوات متتالية كان أوّلها زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى سوريا منتصف الشهر الماضي، وما تلاها من فتح دولة الإمارات العربية المتحدة أبواب سفارتها في دمشق في استعادة للعلاقات الدبلوماسية المقطوعة منذ سنين الحرب الثمانية، وصولاً إلى الزيارة المُرتقبة للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز الى سوريا قبيل منتصف هذا الشهر.
في حين تُتداول في بعض وسائل الإعلام أنباء عن عزم تونس دعوة الرئيس السوري الى حضور القمّة العربية في شهر مارس المقبل (على أن تكون قمّة بيروت منصّة إطلاق دينامية العودة السورية)، رغم قول وزير الخارجية التونسي إنّ بلاده لم ترسل دعوات حاليا إلا للسعودية والإمارات، مشيرا إلى أنّ اتخاذ قرار حول سوريا قد يتمّ بعد اجتماع الرؤساء العرب في القمّة.