"من القتل للضبط".. القصة الكاملة لمقتل شابين في الشرابية

تركوا منازلهم قبل سنوات، وشدوا الرحال إلى قاهرة المعز، كلاهما وضع خططه التي ترك أهله من أجلها، وبدأ ينقش السطور الأولى في كتاب أحلامه، ففي الصباح يتوجهون إلى الدراسة، وفي المساء يعملون في أحد المطاعم بمنطقة الشرابية التي يقطنون بها، محاولين توفير قوت يومهم، حتى وضعوا أنفسهم حتى شعار "الباحثين عن الرزق في ثوب العلم".

ففور دخولك المنطقة سالفة الذكر، وبالتحديد أحد الشوارع الرئيسية التي سيطر على أرجائها الغموض، ففي المؤخرة منزل بحارة نائية يكسوه التراب، أصوات الحزن تعم المكان، أرواح تصعد لخالقها ودماء تغرق أرض، ومستقبل يتحطم وأسر تشرد من أجل المال.

البداية

فهذا الوصف السابق، هو الأكثر توافقًا لهذه القصة المأساوية لشدة قسوتها، وذلك بعدما لقى شابين مصرعمها داخل مسكنهما في منطقة الشرابية، ففى الجمعة الماضية، أنجز الشابين عملهما بالمطعم الذي يعملان به وذهبا لمنزلهما ليستعدا ليوم أخر ملىء بالعمل، أطل اليل بظلمته وفى سكون تام صعدت أرواحهم فى أمان لبارئها، اكتشف أحد الجيران الواقعة برؤية المجنى عليه "محمد" ملقى وبه عدة طعنات، فأبلغ قوات الأمن التى بدورها كشفت عن جثة صديقه داخل المسكن مطعون بسلاح أبيض.

بداية القصة كانت بقدوم الطفلين "محمد سيف" 18 سنة، طالب بالصف الثالث الثانوى، و "أحمد جمال" 17 سنة، طالب بالصف الثانى الثانوي، من محافظة المنيا، تاركين منازلهم وعائلاتهم بحثًا عن "لقمة العيش" الحلال، وسد عجز مصاريف زويهم، لم يحلما هؤلاء إلا بالقليل تركوا منازلهم وعملوا بأحد المطاعم بمنطقة الشرابية بالقاهرة، أملين فى مساعدة ذويهم وسد حاجتهم المالية، ولكن في الغالب تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، حيث تلقى قسم شرطة الشرابية، بلاغًا من الأهالي مفاده العثور على جثتين لعاملين أحد المطاعم داخل أحد الغرف بشقة بدائرة القسم وبالانتقال والفحص تبين أن الجثتين للشابين سالفين الذكر وأصلهم من محافظة المنيا.

عقب وصول القوات المنية إلى مكان الواقعة، ومعاينة أثار الجريمة، بدأت على الفور نيابة حوادث شمال القاهرة الكلية، برئاسة المستشار كمال الشناوي، سماع أقوال صاحب عقار في الواقعة، حيث كشف عن أن المجني عليهما لم يفتعلا المشاكل مع أحد وكانا يبحثان عن لقمة عيش في القاهرة.

أسر الضحايا

وتواصل "بلدنا اليوم" مع أسر أحد الضحايا، يقول الدكتور أحمد سيف، شقيق محمد المجنى عليه، إن الضحايا كانا يعملان سويا فى مطعم بمنطقة الشرابية، ويعودا سويا لأداء الامتحانات، وكانا يقطنان داخل شقة مملوكة لصاحب المطعم، لكن صاحب المطعم ضغط عليهما للخروج من الشقة، فقاما سويًا باختيار سكن بديل، فسكنا فى الدور الأول بمنزل مملوك لأحد الأشخاص، ويقطن به شباب آخرون، وظلا يقطنا بالغرفة لما يقرب من أربعة أشهر.

وسرد شقيق المجني عليه اللحظات الأخيرة قبل الحادث، قائلاً: "قبل الواقعة بثلاث أيام هاتفنا محمد، وتحدث معنا فى مكالمة صوتية عبر فيسبوك، وتحدث بعد ذلك مع أفراد من الأسرة، كما تواصل أحمد جمال مع والدته، وأخبرها أنه سيعود إلى البلدة بعد أن يحصل على ما يقرب من ٥ آلاف جنيه حصيلة جمعية اشترك بها.

واستكمل شقيق ضحية الشرابية: "فوجئنا بنبأ الغدر بشقيقى محمد، وجارى أحمد جمال، وعلمنا من الأجهزة الأمنية، أن شقيقى محمد طعن طعنتين بالقلب، فيما تم طعن أحمد جمال طعنتين بالظهر، لافتًا إلى أنه تم الغدر بهما وقتلهما أثناء النوم، والدليل على ذلك أننى ذهبت فى وقت سابق إلى محل سكنهما، وأعلم أن شقيقى محمد ينام على ظهره بالفعل، طعن فى القلب بينما ينام أحمد جمال على بطنه وطعن بالفعل فى ظهره، موضحًا أننا فوجئنا بفتح الغاز عليهما داخل السكن بعد ذبحهما، ولم نعلم سبب ذلك حتى الآن".

وأردف: أن من قام بتلك الجريمة على علم تام بأن المجنى عليهما لديهما مبالغ مالية، حيث أنه تم سرقة المبالغ المالية والهواتف المحمولة، لافتا إلى أننا نثق فى قدرة الأجهزة الأمنية لضبط الجناة، ونطالب بالقصاص لحق ضحيتى لقمة العيش فى الغربة.

أخر كلماته

قبل الواقعة بعدة أيام كتب "محمد سيف" أحد المجني عليهم علي صفحته الشخصية "فيس بوك": "هدفي كبير في الحياة هدفي ابقى معلم كبير أوي وإن شاء الله هبقى.. وكلمة وأنا لسة صغير كدة ومش هفتح مطعم واحد هتبقى سلسله مطاعم سيفوووو صح يامعلم".

وكثفت الأجهزة الأمنية بالقاهرة، جهودها لكشف لغز ملابسات الواقعة، حيث تم تشكيل فريق بحث ضم أكثر من 40 ضابط وبالتنسيق بين مديريتي أمن القاهرة والمنيا، لفحص علاقات المجني عليهم، لسرعة ضبط المتهمين.

من الاشتباه للضبط

وفي مساء اليوم الثلاثاء، أكد مصدر أمني، أن مباحث قسم شرطة الشرابية تمكنت، من إلقاء القبض على شخص مشتبه به، لتورطه في واقعة ذبح شابين داخل عقار سكني في منطقة الشرابية.

وأضاف المصدر لـ"بلدنا اليوم" أنه أثناء بحث رجال الأمن عن مرتكب الواقعة، اشتبهت في شاب يدعى "م" مقرب للمجني عليهما، وعلى الفور ألقت القبض عليه، وتقوم بمناقشته للوقوف على ملابسات الواقعة.

وبعد قرابة ساعة ونصف الساعة من الاشتباه في أحد الأشخاص قريب من المجني عليهما، تمكن ضباط المباحث من ضبط المتهم الرئيسي في قضية مقتل شابين داخل عقار في المنطقة ذاتها، حيث تبين أنه يعمل معهما في أحد المطاعم، بدافع سرقة مبلغ مالي كان بحوزتهما، وكان لديه علم بذلك، وقتلهم واستولى على تلك الأموال وسيقوم بتمثيل الجريمة فى حضور النيابة العامة.