بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

طن الفول أغلى من الحديد مرتين.. «مسمار بطن الغلابة» يبحث عن منقذ

بلدنا اليوم
كتب : مصطفى محمود

قلة إنتاجية الفدان والاعتماد على الاستيراد والأمراض وراء ارتفاع سعره

٣ محاصيل تتنافس معه.. وأصحاب المطاعم يحجزونه قبل الحصاد

الإنتاج المحلى لا يغطى احتياجات السوق.. ومطلوب دور أكبر للتموين

توفير التقاوى المناسبة وتحقيق هامش ربح للفلاح سبل حل المشكلة

شهدت الفترة الأخيرة ارتفاع سعر الفول بنسبة كبيرة، ذلك المحصول الذى يشكل واحداً من أهم مقومات الأمن الغذائى المصرى، بما يمثله من وجبة الصباح الأساسية التى يعتمد عليها المواطن المصرى وتمده بالبروتينات الكافية لجسمه.

حاولنا البحث عن أسباب ارتفاع سعر الفول وكذلك الأسباب التى تمنع من التوسع فى زراعة ذلك المحصول الاستراتيجى، وكيف يمكن التغلب عليها.

وأكد الخبراء أن هناك أسبابا كثيرة أدت إلى ارتفاع سعر الفول، منها قلة ما تم استيراده من الخارج نظراً لوجود أزمة عالمية فى إنتاج المحصول وهو ما ترتب عليه قلة المعروض، وكذلك قلة الإنتاج المحلى وارتفاع سعره بصورة أكبر من المستورد، بالإضافة إلى وجود أمراض تتسبب فى قلة إنتاجية المحصول كالهالوك والتربس والتبقع البنى وغيرها.

«القرش»: إنتاج تقاوى أفضل وذات إنتاجية أعلى

أكد الدكتور محمد القرش المتحدث الرسمى لوزارة الزراعة ومعاون الوزير أن الوزارة تواجه تلك المشكلة من خلال إنتاج تقاوى أفضل وذات إنتاجية أعلى، وتحقق تنمية مستدامة، وتوفر فى كمية المياه المستهلكة، وتعطى تعظيماً للاستفادة من وحدة الأرض والمياه.

أضاف، لقد تم استنباط مجموعة من الأصناف، منها ما يحتاج إلى رى مرة واحدة فقط من المياه، وآخر يحتاج إلى مرتين رى، وصنف آخر يكون مقاوماً للهالوك، وثالث يقاوم التبقع البنى، مشيراً إلى أن ما يجرى حاليأً هو التوسع فى استنباط هذه الأصناف وإعادة تسجيل الأصناف التى سقطت التسجيلة الخاصة بها بهدف التوسع فيها، كما أن وزير الزراعة ينسق مع وزارة التموين، حتى يتم تحديد سعر تشجيعى للفلاحين الذين سيزرعون الفول.

وأشار إلى أنه على مدار السنوات الماضية كان هناك تناقص فى المساحات المزروعة من الفول؛ بسبب إهمال هذا المحصول، والاهتمام بزراعته لم يحدث إلا مؤخرا ؛ لأن سعر المستورد كان أقل، مما كان يؤدى إلى أن المستورد أكثر وفرة من البلدى، وبالتالى المزارعون يعزفون عن إنتاج البلدى، وما يتم بذله حالياً هو تشجيع الفلاح لإنتاج الفول البلدى المعروف بجودته، وهناك إجراءات حاسمة اتخذها الوزير بهذا الخصوص كالعمل على إنتاج التقاوى وتشجيع المزارعين على زراعة الفول مرة أخرى.

وأكد القرش أن ما تنتهجه الوزارة هو عدم الاعتماد على الاستيراد، ومحاولة إيجاد بدائل محلية كمصادر أساسية لغذائنا، ولذلك فقد اتخذت طريقها بالتوسع فى زراعة الفول محلياً وابتكار أصناف تساعد على التوسع فى هذه المساحات، وزراعة الفول فى أراض جديدة، وتوفير أصناف تتحمل الجفاف والملوحة والإصابات المرضية، بهدف التوسع فى زراعته الفترة القادمة، وهذا ما نعمل عليه من خلال المشروع القومى، والذى يشمل إنتاج تقاوى الفول، حيث سيقلل من الأمراض التى سيتعرض لها المزارع أثناء زراعته، وهذا هو منهج الوزارة بتعظيم الاستفادة من وحدة الأرض والمياه، وتقليل فاتورة الاستيراد وإيجاد بدائل محلية لأى صنف يتم استيراده.

أبو صدام: المساحة المزروعة لا تغطى احتياجاتنا

يرى حسين أبو صدام نقيب الفلاحين أنه ليس هناك حل لمواجهة المشكلة سوى الاستيراد ومراقبة المستوردين؛ لأننا لم نزرع هذا العام أكثر من 80 ألف فدان، وإنتاجياتها ضعيفة جداً بالنسبة لاحتياجات مصر فالفدان لا ينتج أكثر من طن ونصف، فى حين أن الاحتياجات لا يمكن أن تقل عن 350 ألف فدان، لذلك فالاعتماد بصورة كبيرة على الاستيراد، وهو ما يستلزم تدخل وزارة التموين لعمل توازن فى أسعار الفول، خاصة مع دخولنا على شهر رمضان، ومعظم الناس يتناولون الفول فى السحور والكثيرون يتناولونه حتى على الإفطار، لذلك يجب توفير مراقبة شديدة على مستوردى الفول.

وأضاف أن الفلاحين عزفوا عن زراعة الفول، نظراً لانتشار الأمراض كالمن والتربس، وانتشار حشيشة الهالوك كما أنهم لم يستطيعوا مقاومة تلك الحشائش، ووزارة الزراعة لم توفر التقاوى التى تقاومها حتى الآن، والتقاوى التى سمعنا عنها ما زالت شحيحة فى السوق، لذلك فقد عزف الفلاحون عن زراعة الفول، بسبب ما يتعرضون له من خسائر كبيرة وهذا الأمر يعود إلى التسعينيات، وللعودة للفول لا بد من توفير التقاوى اللازمة، وتحفيز الفلاحين بالزراعات التعاقدية بشراء المحصول قبل زراعته.

وأكد أن سعر الفول يتوقف حالياً على دور وزارة التموين، وما تقوم به من استعدادات فى مواجهة الأسعار، فالأسعار خرجت الآن عن نطاق المزارعين تماماً، فالفول البلدى كميته قليلة، وبالتالى فالسعر مرشح للزيادة، بينما يمكن للوزارة استيراد كميات كبيرة من الفول المستورد تحدث توازنا فى السوق.

عزيز: لا بديل عن الاستيراد

استهل عزت عزيز سكرتير شعبة البقوليات فى الغرفة التجارية حديثه بأن سعر الفول شهد انخفاضاً بما يتراوح بنسبة ٣٠% نظراً لقيام الحكومة باستيراد 100 ألف طن من الخارج، وتدخل وزارة التموين فانخفض سعر الطن 4 آلاف جنيه، وهو ما انعكس على سعر الكيلو فانخفض من 17 جنيها إلى 13جنيها.

وأكد أنه لا يمكن أن يتم تحقيق الاكتفاء الذاتى من زراعة الفول، نظرا لأن زراعته فى نفس موسم زراعة القمح، فكل المزارعين يقومون بزراعة القمح، وعموماً نحن لدينا نقص فى المحصولين، لذلك فلن يشكل ذلك فارقاً على الإطلاق.

وتابع حتى وإن تم التوسع فى مساحات الأراضى الزراعية، فالقمح أولى فى زراعته من الفول، كما أن ما يتربحه الفلاح من القمح يأتى بصورة أكبر مما يتربحه من الفول، لذلك فهو لن يعرض نفسه للخسارة بزراعة الفول بديلا عن القمح، مؤكداً أنه لا بديل عن استيراد الفول أو القمح.

تمراز: سببان وراء المشكلة

قال النائب رائف تمراز وكيل لجنة الزراعة بمجلس النواب إن مشكلة الفول تكمن فى أمرين، أولهما الهالوك الذى يهاجم الفول ويؤثر على إنتاجية المحصول، لذلك لا بد من وجود حلول لهذه المشكلة التى لها أثر كبير فى ضعف إنتاجية محصول الفول، وعزوف الفلاحين عن زراعته.

وأضاف أن السبب الآخر عدم استنباط بذور مقاومة للهالوك، وتعطى إنتاجية عالية، مما كان له الأثر فى قلة هامش ربح الفلاح، وعدم مساعدة وزارة الزراعة للفلاحين فى إنتاج تقاوى عالية الإنتاجية ومقاومة للهالوك، كان له التأثير السلبى فى قلة المساحات المزروعة من الفول، مما أدى إلى استيراد كميات كبيرة من الفول وبأسعار مختلفة، مشيراً إلى أن سعر الفول حالياً أصبح أغلى من سعر الحديد، فسعر طن الحديد 12500 جنيه، بينما سعر طن الفول الآن حالياً 24 ألف جنيه.

وأكد أن الاستيراد عرض وطلب، متسائلاً عن الدور الذى يجب أن تؤديه وزارة الزراعة للفلاحين للاكتفاء ذاتياً من محصول الفول، فنحن حالياً نستورد الفول والعدس من الخارج وبالتالى يجب النظر فيما يريده الفلاح وإيجاد تقاوى منتقاة عالية الإنتاجية تحقق هامش ربح له، وتكون مقاومة للهالوك.

وأوضح تمراز أن الإنتاج الموجود حالياً من الفول لا يكفى ما تحتاجه وزارة التموين والفول المصرى من أجود أنواع الفول فى العالم، مشيراً إلى أنه يتم بيعه بأسعار مرتفعة مقارنة بالفول المستورد؛ لأن أصحاب مطاعم (الفول والطعمية)، لديهم إقبال على الفول المصرى، لذلك هم يحجزونه من الفلاح، عندما يقوم بزراعته، ويحجزون كل المساحات المزروعة قبل الحصاد.

وأكد أنه عندما يتم التوسع فى المساحات المزروعة، فسيتم التعاقد بين الفلاحين ووزارة التموين، بما يحقق هامش ربح للفلاح، كما تنص المادة 29 من الدستور، بأنه على الحكومة إعلان أسعار المحاصيل قبل الزراعة بمدة كافية، وتوفير مستلزمات الإنتاج بما يوفر هامش ربح للفلاح، فكل هذه الأمور إذا تم توفيرها، سيكون هناك راحة لدى الحكومة، وراحة لدى الفلاح؛ لأنه سيضمن بيع المحصول والسعر الذى سيحصل عليه به هامش ربح.

وأشار إلى أن الفلاحين يلجأون إلى زراعة القمح بديلا عن الفول؛ لأن الأول يحقق لهم هامش ربح بصورة كبيرة، بينما الأخير لا يحقق لهم هامش ربح على الإطلاق، بالإضافة إلى أن محصول الفول المصرى لا يستطيع مقاومة الهالوك كما أن الفول والقمح والبرسيم والشعير يتم زراعتها فى نفس العروة الشتوية.

وأوضح أن الفول له فائدة فى أنه يوفر بروتينًا مهمًا وقويًا للإنسان مثله مثل البروتين الحيوانى، بل أنه يمكن أن يكون أفضل صحيا من البروتين الحيوانى.

الدمرداش: زيادة المساحات المزروعة مرتبط بتحقيق مكاسب للفلاح

النائب عبدالحميد الدمرداش رئيس المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية وعضو لجنة الزراعة والرى بمجلس النواب، استهل حديثه بأن الفول قد أصابته بعضاً من الأمراض فى الفترة الأخيرة، مما تسبب فى تقليل إنتاجية المحصول، وبالتالى عزوف الفلاحين عن زراعته، نظراً لتوافر بعض المحاصيل الأخرى التى يمكن زراعتها فى نفس التوقيت وتعطى مكسباً بصورة أكبر من الفول نفسه.

وأكد أنه لا بد من البحث فى كيفية اكتشاف أنواع أكثر مقاومة للأمراض، وأيضا تلك التى تعطى إنتاجية أفضل للفلاح، فالفلاح لن يقدم على زراعة أى محصول إلا إذا حقق له إنتاجية كبيرة.

وأشار إلى أنه لا يمكن زيادة المساحات المزروعة من الفول، إلا إذا استطعنا تحقيق مكسب للفلاح، بتدعيم محصول الفول، والبحث عن أنواع أخرى كما فى البلاد الأخرى، تعطى إنتاجيات أكبر للفدان، فلا بد من البحث عن حلول جذرية فى هذا الأمر.

ويرى الدمرداش أن المشكلة الحقيقية فى مصر والتى تواجه الاكتفاء الغذائى هى التزايد السكانى، لذلك لا يمكن أن يتم تحقيقه سواء فى الفول أو حتى القمح، والحديث فى ذلك عبث، نظراً لعدم وجود مساحات كافية من الأراضى، أو حتى وجود كميات كافية من المياه اللازمة للزراعة، كما أنه كل عشر سنوات هناك زيادة فى عدد السكان تصل إلى 25 مليون نسمة، لذلك فاستيراد للفول سيستمر، والفلاح لن يقدم على زراعته بما يحقق لنا القدر المطلوب، إلا إذا حقق المكسب من خلال نوعيات جديدة ذات إنتاجية عالية مقاومة للأمراض، بالإضافة إلى الإرشاد الزراعى للفلاح، والذى يساعده على مقاومة هذه الأمراض.

ورجح الدمرداش، ارتفاع أسعار الفول فى الفترة الأخيرة مع اقتراب موسم رمضان، وإقدام التجار على تخزينه استعداداً للموسم، مشيراً إلى أنه فيما يخص المنتجات الزراعية، لا يتم استيراد سوى الفول والعدس، أما الخضراوات والفاكهة فلا يتم استيرادها مطلقا من الخارج.

وأكد أنه عند اتخاذ خطوات باستنباط أصناف جديدة، لا بد من دراسة الإنتاجية التى تحققها، بالإضافة إلى إمكانية مقاومتها للأمراض، والفترة الزمنية التى يستغرقها استنباط هذه الأصناف، وكذلك تجربة الزراعة نفسها للصنف فبدلا من أن ينتج طنًا للفدان على سبيل المثال، يجب أن ينتج 3 أطنان، وكذلك البحث عن الأماكن التى يمكن فيها زراعة الفول كأن يزرع فى الصحراء.

وتابع ليس هناك دولة فى العالم يمكن أن تحقق اكتفاءً ذاتيًا فى كل حاجة ولا تستغنى عن الاستيراد من الخارج، فالصين والبرازيل وأمريكا لديها مساحات ضخمة جداً، ولكنها على الرغم من ذلك يستوردون أصنافا من الخارج.

شيحة: نقص الإنتاج العالمى أدى إلى ارتفاع الأسعار

يوضح المهندس أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية أن النقص فى الإنتاج العالمى خلال هذا العام كان وراء ارتفاع سعر الفول مؤخراً، فإنتاج كميات بسيطة أدى إلى ارتفاع تكلفته نظراً لقلة الكميات فى مختلف أنحاء العالم.

وأشار إلى أنه ليس هناك إنتاج محلى كاف، تزامنا مع قلة الإنتاج العالمى، ما أدى إلى أن كل من لديه كمية من الفول يبيع بالسعر الذى يريده، لذلك ارتفعت الأسعار بشكل غير طبيعى خلال الفترة الماضية، مشيراً إلى أن أهم الدول المنتجة للفول كندا وأمريكا وتونس كان إنتاجها ضعيفا، وبالتالى قلة الكميات المطروحة من الفول عالمياً، ما تسبب فى ارتفاع الأسعار، مشيراً إلى أن ما يتم استيراده من الخارج يشكل حوالى 60%.

وأوضح أن الكمية التى تم استيرادها مؤخراً شهدت زيادة فى الأسعار بالفعل ولن تزيد مرة أخرى مع قدوم شهر رمضان، والكل يبيع حالياً قبل حلول الشهر الكريم، ولكن بمجرد حلوله، لا تحدث زيادات أو يحدث بيع من الأساس، والكل يشترى حاجاته ويخزنها قبل شهر رمضان، مشيراً إلى أنه بعد العيد فى شهر يونيو تبدأ الأسعار بالانخفاض، متمنيا أن تقل الأسعار بصورة أكبر العام القادم مع وجود وفرة فى الكميات المستوردة من الخارج.

صيام: الفول البلدى يتنافس مع ٣ محاصيل رئيسية

قال الدكتور جمال صيام خبير الاقتصاد الزراعى، إن الإنتاج المحلى من الفول لا يكفى للاستهلاك، لذلك فنحن دائما مستوردون للفول، كما أن إنتاجيته مشكلة، فالفول البلدى يتنافس مع ثلاثة محاصيل رئيسية وهى القمح والبرسيم والبنجر، والثلاثة ربحيتها عالية جداً، والفول هو الوحيد صاحب الموقف الحرج جداً فإنتاجيته ضعيفة جداً حوالى 270 كيلو للفدان، لذلك الفلاح يفضل المحاصيل الأخرى عليه، وبالتالى فوزارة الزراعة هى المسئولة عن الأبحاث الخاصة بإنتاجية الفول، بحيث نرفع من الإنتاجية إلى نصف طن.

وأضاف أن التغيرات المناخية أيضا قد تؤثر على إنتاجية الفول، فبمجرد تعرض زهور الفول لرياح شديدة تتساقط على الفور، مما يؤثر فى الإنتاج الذى يتزامن مع التغيرات المناخية فى فصل الشتاء، على عكس المحاصيل الأخرى الأكثر تحملا كالقمح والبنجر والبرسيم، لذلك فهو محصول يحتاج إلى دعم من جانب الدولة، بأن تساهم فى دعم المزارع بتعاقدات جيدة بهدف التوسع فى مساحات الفول، وعمل برنامج لدعم الفول؛ لأنه محصول أساسى للطبقة الشعبية.

جدير بالذكر، أنه تم التواصل مع وزارة التموين إلا أنه لم يكن هناك استجابة من الوزارة.

تم نسخ الرابط