"رافقت صديقها الموت".. السرطان يتغلب على صاحبة "كتاب المشاهدة" حنان كامل

"كان العالم يبتعد.. وكنا معلقين فوق الجبل البعيد، قال لي.. هل تريدين أن تتمكني من الرؤية؟؟،إذن كوني على الحافة واحفظي المسافة، تلك هي شروط المشاهدة، والآن: حدقي في الصورة جيدا، هل يستحق المشهد الانخراط فيه؟، كانت التفاصيل صاخبة، كل شيء يجري بجنون، يا الهي كيف احتملنا كل هذا الصخب".
حاربت المرض اللعين في سلام، لم تمتلك سوى سلاح المحبة والابتسامة رغم الألم الشديد، عاشت مؤمنة بقضاء الله مواجهة المرض بكل قوة رغم شراسته، حتى فاضت روحها إلى خالقها لتودع عالمنا مسافرة إلى عالم أفضل بلا أوجاع أو آلام، اليوم، رحلت عن عالمنا الكاتبة والأديبة والصحفية حنان كامل بعد صراع طويل مع مرض السرطان.
كتاب المشاهدة
في رحلتها الطويلة مع المرض ومحاولة التعايش الصعبة معه، لم تجد الشاعرة والفنانة التشكيلية المصرية حنان كمال، سوى الشعر، ليكون رفيقها وصديقها في تلك الرحلة الصعبة، لتستطيع إصدار ديوانها الأول "كتاب المشاهدة" والذي لم تستند إلى قضايا كبرى، في هذا الديوان لكنها كتبت ووصفت كل ما هو إنساني ويومي وبسيط، حولت آلامها ومعاناتها إلى أمل في 56 قصيدة نثرية، وشكلت من تفاصيلها جميعاً لوحة شعرية كلية تستحق التأمل، وقد استفادت خلالها من كونها فنانة تشكيلية أيضاً، فجعلتها تزدهي باللون والظل والإيقاع الزاخر بالحياة، حيث يتجلى الموت في معظم قصائد الديوان بوصفه كائنا يمكن أن يكون صديقاً، أو شخصا يخاف الضوء، ويعتريه الارتباك.
وفي حوار لها مع صحيفة الشرق الأوسط بعد صدور الكتاب تحدّثت عنه خاصة وأنّها جعلت من الموت صديقا ورفيقًا يعيش معها كونه كائنًا لا يمكن الخوف منه، فقالت الراحلة حينها " أنا أعيش مع الموت فعلاً، أقترب من حافته كثيراً، حتى حدثت بيننا ألفة، تخلصت من الخوف منه فصار وديعاً، وأعتقد أنني حين تخلصت منه صار هو يخاف من صلابتي، الموت يقتات على هشاشتنا، لكنني أعترف أنه الصديق الذي عرَّفني على الحياة بشكل أفضل، فصرت أحياها بجسارة أكثر، وقد عرفت أن الاقتراب من الموت يفك ألغاز الحياة، هذه الثنائية لن تدركها إلا حين تنسحب من ضوضاء الكون وتصغي، وقد حدث لي هذا بينما كنت أعتقد أنني بصحبة الموت أعبر البوابة الأخيرة فإذا بي أرقص مجدداً مع الحياة.
رحلت حنان في الساعات الأولى من صباح الجمعة، نعتها الجماعة الصحفية وعدد كبير من الأدباء والكتاب خاصة وأنّ الراحلة كانت على علاقة طيبة ووطيدة بالجميع، رحم الله صاحبة "كتاب المشاهدة".