حكايات من دفاتر الختان.. "هند" تفقد حنان الأمومة والعطف الأبوي

ختان الإناث، من القضايا الشائكة التي تخص الفتيات اللاتي يتعرضن لتلك الجريمة، التي تعتبر من أبشع أنواع الاعتداءات لبتر الأعضاء التناسلية الخارجية لفتيات بدون سند علمي أو ديني، ولا يترتب عليها أي نفع، والتي أحيانا تكون سببًا للانهيار الأسري والطلاق في أغلب الأحيان.
وتزامنا مع اليوم الوطني لمناهضة ختان الإناث، والحملات التي دشنتها المجلس القومي للمرأة لمكافحة تلك الظاهرة، نرصد قصص البؤس والمرارة التي لحقت بكثير من الفتيات:
تحكي فتاة عشرينية مآساتها قائلة: "كنت في السادسة من عمري، نائمة في سريري الدافيء بجانب أخواتي الصغار، أحلم أحلام الطفولة الوردية، وفجأة تأتي والدتي لتوقظني في وقت متأخر، لا حاجة للاستيقاظ فيه، فهو ليس بوقت لأداء صلاة، أو لشراء متطلبات".
الفتاة هند ع.م، أكملت قصتها قائلة: "قامت والدتي بارتداءي جلبابًا رماديًا الساعة الواحدة صباحًا، واصطحبتني في يدها، لمكان يبعد عن المنزل ما يقرب من 10أمتار، وهناك وجدت عدد من الفتيات يرتدين جلبابا مثلي، ونفس اللون، فقد كانت العادات في تلك القرية هو لبس الجلباب الرمادي، والولد الجلباب الأبيض".
"يد خشنة كبيرة، ذات الأظافر الكبيرة، مدت يدها الملطخة بالدماء وأمسكتني، ووضعتني على سرير عليه ملاءة قذرة، وامرأة أخرى قامت بسد فمي بكل قوة لتمنعني من الصراخ، ووالدتي تنظر إلى وعيناها تزف بالدموع، وفجأة لم أستطع رؤية أي شيء أمامي، فقد وضعوا فوق عيني غطاء"، وقالت "هند" لقد أصبحت الدنيا أمام عيني مغلقة بضباب أسود، وعجزت أن أدافع عن نفسي، وفي لحظة لم أدركها وجدت أحدًا يقترب من ساقي، في الجزء الأسفل، وحينها تذكرت كلام أبي عندما كان يعطيني النصيحة قائلا: "لا تتركين أحد يقترب منك، وإذا فعلت ذلك سأذبحك وأدفنك تحت التراب".
وأكملت: "لم أستطع فعل شيء، أدركت في ذاك الوقت أن والدي سيقتلني، حيث أحسست وأنا مكتومة الأنفاس ومغلقة العينين أن رجلي قد فتحتا على آخرهما، وكل واحدة شدت بعيدًا عن الأخرى، وأنهم قاموا ببتر شيء من جسدي، وفي ذات اللحظة سمعت الزغاريد تمتليء في أرجاء المكان، وهنا ازددت غيظًا وصرخت من شدة الألم، وناديت على أمي التي قالت لي في ذلك الوقت "بطلي صراخ.. مخدناش منك كتير".
كانت صدمتي الكبرى، عندما وجدت الصبية الصغار في الشارع، يخرجون ألسنتهم لي، يغيظونني قائلين: "الذبيحة خرجت" وعجزت عن الرد لأني مازلت أشعر بالجروح في جسدي".
وتابعت، منذ تلك اللحظة أدركت أننا من الجنس الضعيف البائس، الذي يتخذ كالذبيحة ضحية لأفكار ومعتقدات خاطئة، فما زلت حتى الآن أرفض الحديث مع والدتي في أشياء تخصني، ومنذ ذلك الوقت لم أشعر بحنانها، فقد كانت قاسية القلب معي ذاك الوقت.