بمناسبة المولد النبوي.. الأوقاف تنظم ندوة "حياة النبي من الميلاد إلى البعثة"

قال الدكتور أحمد حسين، عميد كلية الدعوة الإسلامية، إن المسلمين في جميع أنحاء العالم على اختلاف أوطانهم وهيئاتهم يحتفلون في شهر ربيع الأول من كل عام بذكرى ميلاد الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) تمجيدًا لشأنه وتعظيما لقدره ولرسالته.
جاء ذلك خلال ندوة الرأي، التي نظمتها وزارة الأوقاف مساء أمس الثلاثاء، بعنوان : "حياة النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) من الميلاد إلى البعثة" ، بمسجد الإمام الحسين بالقاهرة.
وأضاف خلال كلمته بالندوة، كيف لا يحتفلون ومن حقه ( صلى الله عليه وسلم ) على أمته أن تحتفل به دائمًا وهم في هذه المناسبة الكريمة والذكرى العطرة إنما يعبرون عن حبهم وفرحتهم وإكبارهم لهذا النبي العظيم ( صلى الله عليه وسلم ) الذي منّ الله به على المؤمنين وأرسله رحمة للعالمين وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجا منيرًا.
وأوضح أن هذا الاحتفال يمثل جانبًا ضئيلًا مما يجب في حقه ( صلى الله عليه وسلم ) من صادق الحب وكبير الفرحة بميلاده الذي هو ميلاد الخير والهدى والسعادة والنور.
وأشار إلى أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أنشأ دولة الحق والعدل وصنع أمة بنيت على الإيمان بالله الواحد الأحد والاعتماد على الإنسان المؤمن ليعمر الأرض ويبني الحياة ويتجه لخالقه بالعمل والعبادة، مؤكدًا أن ميلاد الرسول كان وما زال حدثًا له شأن في تاريخ الإنسانية.
وتابع أنه صلى الله عليه وسلم، أطلق العقول من أسرها ومزق خيوط الظلم واستعباد الإنسان لأخيه الإنسان فتهاوى الشرك والضلال والانحراف، وأن الميلاد الشريف كان إيذانًا وإعلامًا إلهيا ليخرج البشرية من الظلام إلى النور، ومن الجهل إلى العلم، ومن الكفر إلى الايمان، كما قال سبحانه : «هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ» .
وأوضح أن رسالة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) رسالة حب وخير ورحمة يقول سبحانه ” وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ” ، وأن كل سعادة في الدنيا منتهية إلا السعادة بالنبي ( صلى الله عليه وسلم) فلا تنتهي أبدًا.
من جانبه أكد الدكتور هاني تمام، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، أن ميلاد الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) كان بمثابة النور الذي تفجرت ينابيعه في كل أرجاء الأرض، متسائلًا: كيف لا؟ وقد ملأ الأرض نورًا وعلمًا وحلما وحكمة يقول سبحانه : “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا” وقال سبحانه : ” قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ ”.
وأضح خلال كلمته في الندوة أن الصحابة التفوا حول النبي صلى الله عليه وسلم؛ حبًا وتقديرًا يقول سبحانه : «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ»، وأن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) كان أحسن الناس خلقًا وخلقا .
وأكد أن هذه الأمور وغيرها جعلت كثيرًا من الناس يؤمنون به بمجرد النظر إلى وجهه الكريم صلى الله عليه وسلم، لافتًا إلى أن من امتنع عن الإيمان به، لم يكن تكذيبا لمقامه الشريف ( صلى الله عليه وسلم ) وإنما كان عنادًا واستكبارًا كما قال سبحانه وتعالى: «قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ».
وأوضح أن من أخطر الأمراض التي تصيب الإنسان وتمنعه عن رحمة الله مرض الكبر قال تعالى : «سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ»، لافتًا إلى أن الاحتفال الحقيقي بمولد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، هو التخلق بأخلاقه العالية، وأن يرحم بعضنا بعضا، وأن نكون باب رحمة للناس لا باب مشقة وحرج، وأن يحب الإنسان للناس ما يحبه لنفسه ، قال (صلى الله عليه وسلم) : ” لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ” .
وخلال كلمته في الندوة، أكد الشيخ محمد الدومي، إمام مسجد مصطفى محمود بالمهندسين، أن ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم ميلاد أُمَّة، وميلاد للقيم والأخلاق والمثل العليا والحضارة الراقية، وانه صلى الله عليه وسلم الذي أخرج الله به البشريةَ من الظلمات إلي النور، وأزال به حيرتها وتخبطها العقائدي، فردَّها إلي التوحيد الخالص.
وأضاف أن النبي ميراث إخوانه الأنبياء والمرسلين، فكان بحق رحمة الله للعالمين، فميلاد النبي ( صلى الله عليه وسلم ) منة وعطاء من الله يقول سبحانه : «لقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ».
وتابع أن بميلاده بَيَّض الله وجهَ الأرض ، وعطر به نَسيم الكون، ونظم شؤونَ الحياة، وغيَّر الواقع السيِّئ الذي كانت تعيشه البشرية، وأن بميلاده الكريم انقشعت ظلمة الجهل وجبروت الجاهلية، وتنسمت الدنيا رياح التسامح والمودة والتراحم والأمن والأمان والصدق والإخلاص والإيثار.
وفي ختام كلمته بين أن حب النبي ( صلى الله عليه وسلم) أمر شرعي وعبادة لله رب العالمين ، وأن الاحتفال بميلاد الرسول ( صلى الله عليه وسلم) يتوافق مع الشرع، لافتًا إلى أن الله احتفل بمولده فقال سبحانه : «وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ».
وأن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) كان يحتفل بمولده بصيام يوم الاثنين من كل أسبوع ولما سئل (صلى الله عليه وسلم) عن صوم يوم الاثنين فقال: (ذلك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت أو أنزل عليّ فيه).