شيركو حبيب يكتب: عادل عبد المهدي هو المذنب

لا أقول هو المتهم؛ فلا يجوز توجيه اتهام دون دون سند من القانون وإدانة القضاء، لكن أقول هو المذنب.
كنت أتصفح صفحتي على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، وطلب أحد الأشخاص صداقتي؛ وعادة لا أقبل الصداقة إذا لم تكن لي معرفة سابقة بطالبها، لكن ما طالعته بصفحته تعجبت به.
في يوم ما من الزمن الذي مضى أصاب الجفاف الأرض ولم يكن لدى الناس ما يكفي من الحبوب، ولكن شخصا كريما؛ رئيس عشيرة كما نسميه (الأغا) أو شيخا أو كبيرا في منطقة ما في كردستان، كان ميسور الحال يساعد المحتاجين، كتب هذا الشخص أن مواطنا ما من قرية أخرى تبعد أياما و ليال عن قرية الأغا سمع بهذا الشخص؛ أي الاغا، فجمع ما يلزم ترحاله من لوازم السفر من حمار وأكياس؛ قاصدا الأغا؛ لعلى وعسى أن يلطف عليه ويأمر بتزويده بكمية من الحبوب ما يكفي عائلته.
مر الرجل بعدد من القرى؛ وبعد أيام وليال وصل إلى المكان المقصود، لكن تعرض لما لم يفكر به في قرية الأغا، فقد سرقوا حماره والأكياس التي جلبها معه من أجل الحنطة، فجن جنونه وطلب لقاء الأغا، وذهب إلى مقر الكبير، فتم تبليغ الأغا بأن ضيفا يطلب لقاءه، فأمر الكبير بتكريمه وإعداد الأكل والشرب له؛ ريثما يلتقي به، ثم ذهب الأغا إلى المقر فسأله عن سبب قدومه، فقال الرجل: قبل أن أطلب لدى شكوى، لقد تم سرقة حماري وأكياسي.
فسأله الكبير: وهل تشك بأحد؟ فقال: نعم أشك فيك أنت.
تعجب الحضور؛ كيف يجرؤ أن يقول له هذا الرجل كلاما واتهاما لكبيرهم، فقال الكبير: دعوا يكمل حديثه. فقال: يا كبير مررت بعديد من القرى وكنت أشد حبل الحمار في يدي والأكياس مخدتي في جميع القرى التي مررت بها؛ لأنني كنت أعلم أنه لا أمان فيها، ولكنني سمعت عنك بأنك رجل عادل طيب؛ والأمن مستتب، لهذا نمت و أنا مرتاح وربطت الحمار في شجرة، إذا أنت لم تكن بهذا الشكل كنت أعمل مثلما عملت في بقية القرى.
فقال الأغا: أنت على حق، فأنا المسؤول؛ لتأمر فأعوضك بحمار آخر و عدد من أكياس الحنطة. لكن الرجل رفض وقال: أريد بغلا محله وأضعاف أكياس من الحنطة. فأمر الأغا له بما طلب.
الغرض من هذه القصة، أننى أرى أن الدكتور عادل عبد المهدى هو المذنب فى تعامله بمسألة العراق وما شهده من اضطرابات، فعندما استلم المنصب أعلن أنه ليس مع هذا أو ذاك؛ بل مع مطالب الجماهير، يلتزم بالدستور الذي أقرته أكثرية الشعب في حل الخلافات وخاصة مع الإقليم.
قال إنه لا يفرق بين أي مكون من مكونات العراق، وهذا لم يرق للبعض؛ لذا نصبوا له المصائد ودبروا المكائد، إلى أن أوصلوا العراق لحالة يرثى له، ويوم بعد يوم تزداد الحالة سوءا.
العراق يا سادة ضحية الخضوع للمرجعية المذهبية والصراعات الإقليمية على فرض نفوذ قوى بعينها داخل حدوده على شعبه بمختلف مكوناته، وها هو الوضع مستمر فى السوء بزيادة عدد شهداء التظاهرات المطلبية وعدد المصابين فيها.
إن الحكمة تقتضي الاستماع لصوت العقل والبحث عن أسباب النزول الشعبي ضد تأخر حقوق ومطالب واضحة يضمنها الدستور للعراقيين وتتأخر فى تلبيتها الحكومات منذ العام ٢٠٠٥ ، أو قل إن اتفاقا وتوافقا منذ ١٥ سنة على المستقبل لم تلتزم به قوى سياسية، وكانت النتيجة أن أية استحقاقات سياسية وانتخابية لم تنتج حلا لأزمات المواطن العراقي بعد زوال طغيان العهد البائد.
المخلصون وحدهم؛ يفكرون فى الأزمة العراقية ويقدمون الحل مدعوما بخطوات وأفكار واضحة؛ والمعطلون لتنفيذها كثر؛ لا يتخذون قرارا بشأنها دون الرجوع لمن يحكمون توجهاتهم ويوجهون مسارهم، والأزمة مستمرة إلى حين لا يعلمه إلا الله.