بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

د . محمد شعيب يكتب.. القبول المرن بالجامعات

بلدنا اليوم
كتب : بلدنا اليوم

كتب: الدكتور/ محمد شعيب

للمتابع لتصريحات وتكليفات فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخراً سيتأكد له أن التعليم بمراحله المختلفة هو قضية الرئيس، وشغله الشاغل الذي لا يقل أهمية عن القضايا والتحديات الجسيمة التي تواجه الدولة المصرية. فالرجل تحدث عن التخصصات التي لا تتناسب وسوق العمل، حتى من حملة الماجستير والدكتوراه، مما يدل على أنه مدرك تماماً لأبعاد الخلل والتشوه في هيكل الخريجين. وفي وقت سابق أعطى تكليفاته لرؤساء الجامعات بفتح كليات الذكاء الاصطناعي مما يدل على إدراكه التام أيضاً بحاجة العصر إلى مثل هذه التخصصات، وأخيراً أعطى تكليفاته بتعيين 30 ألف معلم سنوياً لمدة خمس سنوات، وزيادة حافز الجودة لأعضاء هيئة التدريس، وتنفيذ زيادات الأساتذة المتفرغين بعد إقرار القانون الخاص بهم.

كتبت عدةَ مقالاتٍ حول ترشيد النفقات في التعليم العالي من خلال وإعادة هيكلة نظام التعيينات بما يتيح النقل ترشيداً لنفقات التعيينات الجديدة، وفصل السلطة المالية والإدارية عن السلطة الأكاديمية لرؤساء الجامعات الحكومية. وجميع هذه المقترحات تتطلب تعديلات في قانون تنظيم الجامعات من خلال السلطة التشريعية.

لكن هناك مقترح جديد أعتقد أنه لا يتطلب تعديلات في قانون تنظيم الجامعات، فهو بيد سلطة الجامعات ومجلسها الأعلى، ألا وهو "سياسة القبول المرن بالأقسام والكليات" – فنحن حينما نقود المركبة على طريق سفر لا نسير بنفس السرعة طول الوقت، فأحياناً نسير بالسرعة القصوى حينما تسمح الطريق، وأحياناً نخفض السرعة قليلاً، وأحياناً نخفضها لأقصى درجة ممكنة إذا كنا بصدد السير في منحنيات خطرة. كذلك الأمر في سياسة القبول بالجامعات، فهل يعقل ونحن في 2022 في عصر الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني وانترنت الأشياء أننا لا زلنا نقبل طلاباً في نفس التخصصات بنفس المناهج منذ أكثر من 60 عاماً، وهذه التخصصات أكل عليها الدهر وشرب لمجرد أن بها أساتذة معينون وميصحش يقعدوا بدون طلاب!!

لذلك أقترح اتباع سياسة القبول المرن وفقاً لاحتياج سوق العمل، بمعنى أنه كما يحدد المجلس الأعلى سنوياً أعداد المقبولين وفقاً لسعة وإمكانيات الكليات، أن يكون التحديد وفقاً لاحتياجات سوق العمل أيضاً، ولا مانع من تعطيل وإيقاف القبول في بعض الأقسام والكليات التي تشبع بها سوق العمل لمدة عام أو أكثر بشكل مؤقت حتى يتم إعادة وزن سوق العمل، أو تلك التي لا تساهم تخصصاتها في سوق العمل، ويعمل خريجوها كأفراد أمن وفي محلات الموبايل، أو في المطاعم والكافيهات، أو لمجرد أنه/أنها يحصل على المؤهل من أجل الخطوبة.

أعلم أن كلامي هذا سيثير حفيظة الكثيرين من أصحاب المصالح، ولكن دعني أوجه للجميع سؤالاً: هل تقبل أن تدخل محل ملابس وتشتري بشكل عشوائي دون أن تأخذ في الاعتبار المقاس المناسب لك؟ هل يمكن أن تشتري عشر قطع من الملابس بمقاسات مختلفة وتكتشف أن سبعة منها ليست على مقاسك؟، وتقبل أن نقول لك "مش مشكلة الفلوس خليك إنساني علشان ننفع صاحب المحل الغلبان" ! لماذا ما نقبل على المال العام ما لا نقبله على أنفسنا وأموالنا الخاصة؟!، الذي هو مال ومقدرات الشعب ومال دافعي الضرائب. وهناك أوجه إنفاق أولى به مثل المستشفيات والخدمات الصحية، ودعم التخصصات المستحدثة مثل تقنيات الذكاء الاصطناعي والتخصصات الفنية الطبية ... الخ.

(كليات الجمهورية الجديدة)

أقترح أيضاً إنشاء تخصصات وبرامج مستحدثة يحتاجها سوق العمل، تكون الدراسة بها من عام إلى عامين، وتكون مجاناً لطلاب الثانوية العامة، ومدفوعة الأجر لمن يرغب من كافة طوائف المجتمع. ولا يشترط أن يكون القائمون بالتدريس فيها من أساتذة الجامعة أو حتى حملة الدكتوراه، فيكفي أن يكون مدرباً معتمداً في مجاله ويتم دفع أجور هؤلاء المدربين من الرسوم الدراسية للطلاب. وأن يكون إنشاء هذه البرامج بالتنسيق مع القطاع الخاص وسوق العمل، بما يضمن الانتهاء بالتوظيف من خلال اتفاقيات وبروتوكولات بين الجامعات والقطاع الخاص. ولا مانع بعد فترة من غلق هذه التخصصات حينما يكتفي سوق العمل ويتشبع، ثم نبحث عن تخصصات جديدة.

تم نسخ الرابط