دكتور حسام بدر يكتب: محنة قابيل

قال من هدى إلى النجدين "فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ"، وفي الكتاب المقدس " بدافعٍ من غَيرته، قتل قايين أخاه، لكنّه لم يتمكّن من إخفاء عار جريمته عن الله".

------------------

سكت عن الشيخ الوجل وهو قائم يتبتل ، ثم نادى ورتل " ...ويسفك الدماء" ، همس: الدماء اليوم كالماء! سأل الراهب: كانت الملائكة تعرف و[هو] يعلم ما لا يعلمون؛ فبماذا كان يعلم؟ قال الشيخ: قف ياعقل عند منتهاك!

-

انظر إلى ساعتك قابيل، سيرتد البصر إليك وهو حسير، أما زلت مصرا؟ وللشر مضمرا، أمك تستصرخك، وإلى الخير تستحثك: أنت منيّ وهو منيّ، الماء واحد والرحم واحد والرب واحد.-

اصمتي حواء، توسلك هراء، القدر نافذ ، وأنا له بحافز، فلما أنا أظل من الملعونين وعن الرحمة من المطرودين، لما لا يكون ابنك أيضا من الخاسرين ؛ إيه وبعزة رب الطائفين، سأهمز في أذنيه ليكون من الفاعلين. قابيل في كل زمان يتكرر ، في هيئات مختلفة يتصور.

أما زلت مصرا، وللشر مضمرا؟ إنه ميت وإنك ميت --- يا أيها الميت لا تقتل ميتا، الموت سيموت، وسيكون اللقاء --- ارحم أخاك، الغراب الأدمي يتنظر، دعه يولي الدبر، وكاميرا السماء معلقة، تستنسخ ما تعمل، تسجل ما تفعل، منذ بدء الخليقة حتى صناعة الساعة إلى يوم الساعة.

صرخ الجاني منادياً السحاب: " يا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ"؛ يارب الأرباب، لقد انتهت الألقاب، اختفت الأنساب. سمع صوتا: عجب عٌجاب لقاتل قتل نفسه قبل أن يقتل غيره.

خرجوا كأنهم جراد منتشر، الجميع خرجوا، فكيف خرجوا؟ يُقال إن ماءً نزل من السماء رائحته كطلع النخيل، أنبت أجساد العدو والخليل، الماء واحد والرب واحد. خرج قابيل في جسد أحدب، إلى صورة حيوان ذليل أقرب، وهابيل يمتطي جوادا أصهب، التقت الأعين، والعين التي لا تنام ترقبهما؛ همس هابيل في أذن أخيه: ألم يقل أبونا آدم لك : انظر إلى ساعتك، ها هي قد حانت كما حانت ساعتي وساعة الجميع، لا تعتذر فالكاميرا لم تعد تراقب، قُضي الأمر!

--

قال الراهب: نار ونيران لسافك دم إنسان ، عمل خبيث هو ووسوسة شيطان؛ حرب بُعاث وداعش ، قريظة وبني النضير وراءها ؛ تمتم الشيخ: هكذا "عمل غير صالح" هي، فعل طالح، و ”مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ"!