بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

حسام بدر يكتب: محنة البحث عن البعث

بلدنا اليوم
كتب : بلدنا اليوم

قال الرحمن (واهب الحياة والوجود) على لسان خليله "رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى"، وفي الكتاب المقدس "فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ"؛ عما يتساءلون؟ عن السر العظيم، الذي هم فيه حائرون، هو من أمر العليم الخبير، والعقل في بحثه عنه حسير، ولوج وخروج وولوج ثم ولوج ــ لا مقام هنا لحديث أو صوت، بل السكوت والصَمْت.

وإذا كانَتِ النّفُوسُ كِباراً, تَعِبَتْ في مُرادِها الأجْسامُ ... إنها رغبة القلب في إدراك ما لا تدركه الأحلام؛ لا شكٌ من خليل الرحمن في البعث أو ريب، بل بحث عن كيفية العودة بعد غيب، وحيرته حيرة مندهش، من أنفاسه تنبعث، شوق وتطلع، لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِه، ليستقر عقله، كيف الولوج بعد خروج ؟ .

رأى أشلاء طيور متفرقة، في كل ركن ممزقة، تجمعت وتركبت وجاءت ساعية، شاهد الخليل معجزة وما كُشف له عن السر؛ سر آدم وبدء الخليقة، وفي ابن مريم الصدّيقة، فالأمر كما كان بدايةَ "الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ "وبالله وفي الله ومن الله؛ "كُن" كانت هي ، ليكون الكائن أو يندثر، سر الحياة والممات محجوب، بين يدى علام الغيوب، والجهد في ذلك سدى، و"لبيك" هي الهدى، يإبراهيم هكذا "إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَىٰ" –قل: (إنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ـــ شششـ: سكوت وصمت.

كمن "مر على قرية وهي خاوية أنى يحيي هذه الله بعد موتها"؛ "أنّى" لها الولوج بعد خروج -"أنّى وأنّى"، مائة عام كان بين الأموات وطعامه وشرابه لم يتسنه، وظن أن هجعته كانت عددا من ساعات، فالزمن غير الزمن والإدراكات غير الإدراكات؛ ترى ألم يأته نبأ الخائفين، الذين كانوا في الكهف نائمين؟ شششـ: سكوت وصمت.

كيف السكوت - أنى للدرويش الصمت، وخليلته سيسكت عنها الصوت... صاح وكأنه يُحدِّث هواء: ألم تألفي السكنى فيها؟ الآن لما تنفكين، والبقاء تأنفين؟ قالت: الآن حان ... حان ماذا؟ حان منها خروجي وعروجي ... شششـ سكوت وصمت.

مدت عنقها تريدني أن أصحبها، أرخت يديها علّني أشاركها ــ أشاركها ماذا؟ رحلة بلا عودة، رحلة القدر المحتوم، ونوم أبدي محسوم، والمقهور هيكل متهالك، والقاهر ينزع مالا تُرى؛ فكُشف للعيون عن السر فأبصرت، عوالم ذي قبل ما أدركت، شهق الهيكل فإذا الأنفاس قد خمدت ... سأل الدرويش نفسه هل لها من بعث؟ هل لزوجتي من قيامة؟ بعدما اندثر الجسد وعظامه ــ قيل ستنضم معه، وقيل قيامتها دونه... شششـ: سكوت وصمْتْ.

بين فر وكر يمر كل حلو ومر، تنتهي حينها السعادة والآلام، قصة معها كانت كالبحث عن البعث، موقد إيمان ونور، والعادل عادل كي يعيدها إلَىّ - حديث وكلام، أين الحلو أين المر؟ حدث الدرويش نفسه في همس وجهر. ذكرى كانت ، دُفنت كالسر... أين دُفن السر؟ في بحر قلبك العميق، في جوفك السحيق، لقد اختفى عنك وإن ظل، في دمائك كالغريق؛ متى يُكشف لي عن السر؟ حينما يخرج السر، وبصرك حينها حديد، هذا ما كنت عنه تحيد، جلبة داخلك من برق ورعد --- الموعد لم يحن بعد! متى الخروج؟ سأل الدرويش- عاوده الصوت: الموعد لم يحن بعد! إنها "الكلمة" ــــ شششـ: سكوت وصَمْتْ.

تم نسخ الرابط