بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

دعاية رخيصة لم تخلوا منها أجندات المرشحين.. رحلة «الجلابية» من الزي الشعبي إلى السياسي.. تقرير

أحمد طنطاوي يرتدي
أحمد طنطاوي يرتدي الجلابية
كتب : أحمد الشوكي

زي بسيط للغاية يكاد من فرط بساطتة أن لا يثير اهتمام أحد، فما أن تقع عيناك على مرتديه حتي تدرك مقرراً أنة أما من الصعيد أو الدلتا، ولا عجب في ذلك فالخيال الشعبي يحتفظ بصورة نمطية عن منبع الجلابية ومنشأها.

 يرتدي الجلابية الغالببة العظمي من أهالي الصعيد والدلتا ويكنون لها كل الاحترام ويعتبرونها رمزاً للاصالة والشجاعة والفتوة والتذكير بعهود خلت حيث كان الأجداد أكثر حفاوة والأبناء أكثر وقارا فكيف تحول هذا الجلباب من زي شعبي إلي أداة سياسية "بلدنا اليوم ترصد رحلة الجلابية وكيف تم استخدامها كرمز سياسي.

لا يخلوا أي مؤتمر انتخابي في الصعيد والدلتا من مرشح يرتدي الجلباب البلدي أو القفطان الصعيدي ملتفا بالعشرات من أنصارة والذين يرتدون الزي نفسة ويتكلمون اللهجة ذاتها ليلقي بشعاراتة السياسية ويعرض برنامجة الانتخابي وسط اعتزاز من الحضور بابن البلد أو الدايرة باعتباره واحدا منهم، يرتدي ما يرتدون ويتكلم بما ينطقون.

كيف تحولت الجلابية إلي رمز سياسي

يدرك أهالي الصعيد والدلتا قيمة الجلباب وماله من قداسة ومهابة في نفوسهم  ولعل تلك القداسة هي التي دفعت الكثيرين لاستخدامه كأداة للتقارب الشعبي خاصة في مواسم الانتخابات البرلمانية والرئاسية.

البداية من زيارة قام بها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلي مسقط رأسه بقرية بني مرة سنة 1954، خلال توزيع صحكوك الأراضي علي الفلاحين لتلتقط الصحف المحلية والأجنبية هذة الصورة ويتم تداولها علي نطاق واسع داخل مصر وخارجها لتبدأ رحلة خروج الجلابية من زي شعبي إلي رمز سياسي.

وعلى نهج سلفه سار الرئيس السادات، فلا تخلوا مناسبة وطنية أو دينية إلا ويظهر فيها الرئيس بجلبابة وعباءتة وغليونة الشهير، كما ضهر بصورة مكثفة في مسقط رأسه بقرية ميت أبو الكوم وهو بجلبابه الشهير بل أنه له حوار مسجل ومتوافر إلى الأن على موقع يوتيوب؛ يظهر فيه بالجلباب.

في 2012 وأثناء خوض غمار الانتخابات الرئاسية يقطع كل من حمدين صباحي ومحمد مرسي مؤتمراتهم الانتخابية في القاهرة ويذهبان لعطلة سياسية داخل منشأ ولادتهم، وحرص كلاهما على التقاط الصور الشخصية وسط أهالي قريتهم بالجلابية البلدي بل إن هناك مواقع ومنصات ممولة قامت بنشر تلك الصور خصيصاً دون غيرها كأداة لتحريك المشاعر الشعبية تجاة هؤلاء المرشحين الذي كان شعار الحملة الانتخابية لأحدهم "واحد مننا".

واستمرارا للاستغلال السياسي للجلباب أعلن المحامي الحقوقي خالد علي نيتة الترشح للانتخابات الرئاسيه عام 2018 عبر حسابة الشخصي على موقع "فيسبوك" مرفقا صورة لة مرتديا الجلابية البلدي ومحاطا بالعشرات من أنصارة ومؤيدية قبل أن يتراجع عن خوض غمار المنافسة الرئاسية في وقت لاحق.

الجلباب كـ «زي سياسي» في التاريخ

يتحدث فيكور كليمبر المتخصص في علم النفس السياسي في كتابه الشهير "لغة الرايخ الثالث" وتحديدا في فصل بعنوان الإشارات السياسة يقول فيكتور كلمبر أن "الموروث الشعبي يستخدم بغزارة في كل العصور كأداة للتقارب الشعبي أو بحسب ما يقول التزلف الشعبي"

 ويذكر  كليمبر عشرون واقعة تم استخدام الزي فيها كأداة سياسية للتقارب مع الجماهير،  منها ارتداء أدولف هتلر «قبعة الفاخيت الشعبية» لنبلاء ميونيخ أثناء زيارته للمدينة في خضم الانتخابات الشهيرة التي صعدت به للسلطة.

 ومن الوقائع الأخرى ما حدث سنة 1945 عند غزو الاتحاد السوفيتي في الحقبة الاستالينية دول أوروبا الشرقية مؤسسا ما سيعرف بعد ذلك بالستار الحديدي ولكن كان علي وزير خارجيتة مولوتوف أن يطوف البلدان المحتلة ويرتدي الزي الرسمي لكل بلد تم غزوها ويخطب أن الاتحاد السوفيتي لم يأتي كقوة استعمارية لهذة البلدان وأنما ليحمي هذة الدول من أطماع الرأسمالية التي تقودها أمريكا وبريطانيا.

علم الاجتماع السياسي يجيب

في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم" تقول الدكتورة سامية قدري أستاذة علم الاجتماع السياسي بجامعة عين شمس أن بعض السياسيين في الحقيقة يذهبون إلى استخدام أشياء من التراث لفئة ما كالملابس أو نمط موسيقى معين أو اعتناق أفكار مؤقتة كنوع من التزلف الشعبي،  وبحسب قولها "هذة الظاهرة ليست بغريبة ويستخدمها الساسة في كل العصور وأنها قديمة قدم التاربخ والزمن" موضحة أن علم الاجتماع السياسي يحظي بآلاف من الأمثلة على استخدام الموروث الشعبي والتراث كأداة سياسية وهو ما يسمي برأس المال الثقافي.

تم نسخ الرابط