مصر تمهد لاكتشافات بترولية جديدة.. وخبراء: ستحدث تغييرًا في منطقة الشرق الأوسط

تسعى مصر بالتعاون مع الشركات المحلية والعالمية إلى تسريع الإكتشاف النفطي في مناطق الامتيازات الرئيسة،وهي البحر الأحمر والبحر المتوسط، والصحراء الغربية، بهدف زيادة احتياطيات البلاد من النفط والغاز عن طريق إجراء مزايدات عالمية وزيادة أعمال البحث والاستكشاف، مما سيؤدي إلى زيادة إنتاج النفط والغاز المحلي.
وفي السنوات الأخيرة،تمكنت مصر من التوسع في مشروعات النفط والغاز، حيث وقعت 108 اتفاقيات نفطية مع شركات عالمية للبحث عن النفط والغاز، وتم استثمار مبلغ لا يقل عن 22 مليار دولار في هذه المشروعات، كما تم توقيع منح بقيمة حوالي 1.3 مليار دولار ، تشمل هذه الاستثمارات حفر 409 آبار استكشافية وتنفيذ 9 مزايدات عالمية بتكلفة تبلغ حوالي 2.2 مليار دولار، بالإضافة إلى توقيع منح بقيمة 272.6 مليون دولار.
وفي الأيام المقبلة، تستعد مصر للإعلان عن اكتشافات نفطية جديدة، خاصة في منطقة البحر الأحمر، بعد توقيع اتفاقيات مع شركة شيفرون الأمريكية للبدء في عمليات التنقيب،و تشير نتائج المسح السيزمي الذي أجري في منطقة البحر الأحمر إلى وجود مكامن بترولية وفرص واعدة في المنطقة ، يجدر الإشارة إلى أن الشركة أعلنت في يناير الماضي عن اكتشاف حقل نرجس 1 في البحر المتوسط.
وفي هذا الإطار سنتعرف على مدى انعكاس هذه الاكتشافات علي تحسين الاقتصاد المصري ،وهل سيشهد البحر الأحمر فصل من فصول الصراع علي الطاقة، من خلال آراء بعض الخبراء والمختصين.
وزير البترول السابق يكشف عن آفاق الاستكشافات في منطقة البحر الأحمر
في البداية يقول المهندس أسامة كمال، وزير البترول والثروة المعدنية السابق، بأنه تم طرح مناقصات في منطقة البحر الأحمر كجزء من مزايا ونتائج ترسيم الحدود مع السعودية، وأشار إلى أن قبل ترسيم الحدود، كانت المنطقة غير قابلة للعمل والاستكشاف.
وبعد الانتهاء من ترسيم الحدود، تم إدخال مراكب إنجليزية وصينية لرسم خرائط مبدئية للمناطق المحتمل احتواؤها على البترول والغاز، وعملت هذه المراكب لمدة عام ونصف.
وأضاف الوزير السابق ،أنه تم طرح مناقصات امتياز في هذه المناطق، ومن المتوقع أن تظهر نتائج هذه المناقصات والمزايدات خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، مشيراً إلى أن المناطق الأمامية للحدود مع المملكة العربية السعودية أظهرت أملاً كبيرًا بوجود اكتشافات غازية غنية، وبناءً على ذلك، يتوقع وجود نفس الاحتماليات والفرص في المناطق الخاصة بامتيازات مصر .
وأكد " كمال" ،أن هذه الاكتشافات ستحدث تغييرًا في خريطة الطاقة في منطقة الشرق الأوسط، ولكنه إلى الآن لا يمكن التحدث عن ذلك على المستوى العالمي إلا بعد ظهور نتائج أول مناقصة،وأشار إلى أنهم لم يعملوا في البحر الأحمر من قبل، وأن جميع أعمالهم كانت تتم في خليج السويس.
وأشار المهندس أسامة كمال، إلى أنه حتى الآن لم يتم ترسيت أو منح المزايدات لأي شخص، ولا يمكن لأحد تحديد معدل إنتاج أي اكتشاف إلا بعد العمل والحفر على أرض الواقع، ولكنه أكد أن هناك بشائر جيدة، وأشار إلى أن متوسط حجم أي حقل يتراوح بين نصف تريليون إلي 30 تريليون، ويستغرق الحفر من عام ونصف إلى عامين.
خبير بترولي: اكتشافات البحر الأحمر تتميز بالزيت الخام وسوف تؤدي إلى جذب المزيد من الاستثمارات
ومن جانبه يوضح الدكتور رمضان ابوالعلا استاذ هندسه البترول والطاقة ،إن ما أعلنته شركة شيفرون الأمريكية بعد شهور من التجارب عن بداية حفر أول بئر استكشافية بداية السنة الجديدة يأتي ذلك بناءاً على ما أظهرته البيانات السيزمية ثلاثيه الابعاد بمناطق الامتياز بالبحر الأحمر التي تشير إلى وجود مكامن بتروليه وتوفر فرص واعدة بالمنطقة، وهي لا تأخذ اي قرارات إلا بعد ما يكون لديها نتائج مبشرة باحتمالات قوية بوجود بترول أو زيت خام أو غاز طبيعي .
وأشار ابوالعلا ، إلي أن معظم اكتشافات منطقة البحر الاحمر تتميز بالزيت الخام وليس الغاز وهذا سيساهم في معالجة النقص الشديد فيما يتعلق بإنتاج الزيت الخام في مصر ،والذي انخفض إنتاجه موخرا،ولم يحدث اكتشافات مؤثره في السنوات الأخيرة تزيد من الاحتياط الاستراتيجي للبلاد ، ومن المتوقع أن يشجع هذا الاكتشاف الجديد شركات البترول العالمية علي زيادة استثماراتها في مصر لتحقيق مزيد من اكتشافات الزيت الخام ، وهذا سيساعد مصر في تقليل الاعتماد على استيراد الزيت الخام وتوفير عمله صعبه بنسبة كبيرة كانت تتحملها الدولة لتوفير احتياجاتها وتحقيق استدامة الاحتياجات المحلية من الزيت الخام.
وتابع: من المعروف أن شركة شيفرون هي إحدى أكبر شركات التنقيب عن البترول في العالم. وفقًا للمعلومات العالمية، فقد حصلت شيفرون على حق امتياز على مساحة تبلغ 10000 كيلو متر مربع في منطقة البحر الأحمر. تم صرف ما يقرب من 20 مليون دولار على أعمال البحث السيزمي والجيوفيزيائي والدراسات الجيولوجية في هذه المنطقة ، ومن المخطط أن تستثمر شركة شيفرون حوالي 50 مليون دولار إضافية لحفر أول بئر استكشافي في بداية عام 2024.
واستطرد قائلاً: وبناءً على الإعلانات المبشرة التي أصدرتها الشركة، من المتوقع أن يكون هذا البئر استكشافيًا ناجحًا ومنتجًا. ونتيجة لذلك، ستبدأ هذه المنطقة في جذب المزيد من الاستثمارات وشركات البترول العالمية الأخرى.
ومن الجدير بالذكر أنه لا توجد توقعات لحدوث صراع في منطقة البحر الأحمر بسبب ترسيم الحدود وتحديد المياه الاقتصادية والإقليمية بين مصر والسعودية، وهذا يعني أن المنطقة تتمتع بالاستقرار والهدوء، مما يجعلها جذابة لشركات البترول العالمية.
وأضاف أبوالعلا ،بشكل عام، يمكن القول إن وجود شركات كبيرة مثل شيفرون واستقرار المنطقة يعززان جاذبية منطقة البحر الأحمر للاستثمارات النفطية وتفضيل شركات البترول العالمية للعمل فيها، كما تعتبر العلاقات المصرية السعودية طيبة، مما يعزز التعاون والاستقرار في المنطقة.
وأوضح أبوالعلا ، وبالنسبة لمصر، فإنها تمتلك بنية تحتية قوية وجاهزة لاستقبال أي اكتشافات بترولية جديدة في أي وقت، فهي تمتلك محطة استقبال في العين السخنة للزيت الخام المكتشف من منطقة الخليج، ويتم ضخه إلى منطقة سيدي كرير في الإسكندرية عبر خط أنابيب يربط بينهما، كما توجد معامل تكرير كبيرة في السويس قادرة على استقبال أي اكتشافات في منطقة البحر الأحمر.
خبير اقتصادي: هذه الاكتشافات هتساعد مصر علي سداد الديون المستحقة
وفيما يتعلق بالمساهمة في النمو الاقتصادي لمصر، يرى الخبير الاقتصادي الدكتور رشاد عبده، أن وجود اكتشافات جديدة في مجال الطاقة يعد مكسباً لا يُمكن إنكاره. سواء كانت هذه الاكتشافات في مجال البترول أو الزيت الخام أو الغاز الطبيعي، فإنها تؤدي إلى تقليل الاعتماد على الاستيراد من الخارج، بالتالي يتم تعزيز القدرة التصديرية للبلاد وتوفير العملة الصعبة.
واضاف عبده ، وهو أمر حاسم لمصر التي تعاني من مشاكل مالية وديون مستحقة، وبفضل توفير هذه العملة الصعبة، يمكن لمصر سداد الديون المستحقة، وتلبية احتياجات شعبها من السلع الأساسية والغذائية، والتخفيف من النقص في الدولارات التي أدت إلى تعطيل إطلاق البضائع والسلع الموجودة في الجمارك. بالإضافة إلى ذلك، يساهم توفير المزيد من الموارد البترولية في تشجيع الاستثمار وتشغيل المصانع بكامل طاقتها، مما يدعم تنشيط الاقتصاد وتحسين الحالة الاقتصادية للبلاد.
ومن جانبه، يشير الدكتور عبده إلى أن وجود احتياطيات البترول في مصر ليس بالأمر الغريب، حيث تحيط بالبلاد دول محاذية لها حقول وآبار بترول، ومع ذلك، كان التحدي يكمن في عدم الاستفادة الكاملة من هذه الاحتياطيات بسبب عدم الاستعانة بشركات تنقيب عالمية كبيرة، ولكن مؤخرًا، بدأت مصر في فتح أبوابها أمام التعاون مع العالم، من خلال إجراء مناقصات وصفقات مع شركات تنقيب عالمية ريادية، وهذه الخطوة تعزز إمكانية استكشاف واستغلال الاحتياطيات البترولية بشكل أفضل، وخروج مصر من الأزمات، وتعزز التعاون الدولي في هذا القطاع الحيوي.
وتابع: بشكل عام، يمثل وجود اكتشافات جديدة في مجال الطاقة مصدرًا هامًا لتعزيز الاقتصاد المصري وتحقيق التنمية المستدامة، وهي عنصر مهم جداً في جذب المستثمرين والشركات بشرط تحسين بيئة ومناخ الاستثمار ، ومصر دولة كبيرة وعملاقة ولديها الإمكانيات لاستقبال أي اكتشافات بتروليه وسبق وأن تعاملت مع اكتشاف حقل ظهر ببساطة وسهولة.
وفي نهاية كلامه، أشار الخبير الاقتصادي ،إلى أهمية ترسيم الحدود كونها عنصرًا حاسمًا ومنظمًا في الاقتصاد، حيث لا مجال للتساهل أو التنازلات في هذا الجانب. فترسيم الحدود يحدد الحقوق والالتزامات لكل دولة، وهو أمر لا بد منه في العلاقات الدولية، وبالتالي، يجب على جميع الدول الالتزام بحدودها الجغرافية واحترام سيادتها.
وذكر مصدر مسؤول في وزارة البترول والثروة المعدنية أنه لا يزال يتم دراسة وتقييم لوجود مكامن بترولية في منطقة البحر الأحمر، ولم يتم الانتهاء تمامًا من هذه الدراسة، وطالب بعدم الاستعجال والانتظار حتى يتم الحصول على نتائج مبشرة تؤكد وجود تلك الموارد على أرض الواقع.