خاص| بوتين يلوح بورقة سوريا في قمة العشرين لمساومة الغرب وأمريكا على أوكرانيا.. ودبلوماسيون: محاولة فاشلة

ازدادت الضغوط الروسية على تركيا لدفعها على تقريب وجهات النظر مع النظام السوري لتسوية الأزمة، خاصة مع انطلاق قمة العشرين وجلوس زعماء الدول العظمى على مائدة حوار واحدة ويتساءل دبلوماسيون هل ستلجأ موسكو لطرح القضية السورية خلال القمة لإجبار الولايات المتحدة الأمريكية على منح موسكو بعض المكاسب المؤقتة في الحرب الأوكرانية؟
وقال قياديون سوريون على هامش حديثهم مع جريدة «بلدنا اليوم» إن القضية السورية ليست صراعًا دوليًا بين بوتين وأردوغان، ولكنها محاولة لاستغلال كل طرف للآخر لتخفيف وطأة الضغوطات الدولية عليه، والبحث عن مخرج لتحقيق بعض المكاسب.
وأكدوا أن الاتفاق بين أنقرة ودمشق للتوصل لحل للقضية السورية غير ممكن دون التوصل لتسوية للأزمة مع الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرين أن موسكو ترى تركيا مخرجها الوحيد للتملص من العقوبات الغربية، كما أصبحت دمشق لدى بوتين بعد الحرب الأوكرانية أولوية ثانية، يريد أن يدفع بها في الصراع الروسي الغربي لتحقيق استفادة.
حزب الاتحاد الديمقراطي: استبدال بوتين كييف بدمشق غير مقبول في السياسة الأمريكية
وبدوره، قال صالح مسلم، الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي، إن أنقرة وموسكو تتعاون سياسيًا واقتصاديًا بحذر، ولديهما مصالح مشتركة، إلا إنهما يختلفان حول ملفي أوكرانيا وسوريا، وخاصة فيما يتعلق بتصدير الحبوب الأوكرانية.
وأضاف مسلم في تصريحات خاصة لجريدة «بلدنا اليوم» أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين سيتناولان القضية السورية على هامش قمة العشرين.
وأشار الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي، إلى أن تركيا وأمريكا يشتركان في حلف الناتو، لديهما مصالح مشتركة واستراتيجية أكثر من روسيا، لافتًا أن العلاقة بين أنقرة وموسكو اقتصادية وتجارية وتكتيكية موقتة، أما الأمريكية التركية فهى علاقات مبنية على أسس قوية ومتينة وطويلة الأمد.
وحول تقديم روسيا ورقة سوريا في قمة العشرين للحصول على مكاسب في أوكرانيا، قال إن استبدال بوتين كييف بدمشق غير مقبول في السياسة الأمريكية؛ لأن واشنطن تريد إغراق روسيا في المستنقع الأوكراني واستنزاف قوتها الاقتصادية والعسكرية في هذا المستنقع لإضعافها عالميًا.
وأكد أن الاتفاق بين دمشق وأنقرة لتسوية الأزمة السورية غير ممكن، نتيجة تشابك مصالح كل منهما بجانب التحذيرات الأمريكية من التعامل مع النظام السوري، لافتًا أن هناك ضغوط روسية على تركيا بهدف التوصل لحل للقضية السورية.
وأضاف "مسلم" أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تسمح لأحد بفتح أي علاقة مع دمشق سواء كانت سياسية أو اقتصادية، مشيرًا أن واشنطن تعتبر النظام في دمشق أداة إيرانية لنشر الفوضى في المنطقة، وإمكانية فتح آفاق أمام هذا النظام مستبعدة على الأقل في هذه المرحلة.
قيادي السابق بالبنتاجون: سوريا ليست نقطة مركزية في الرأي العام الأمريكي
وبدوره، قال ديفيد ديروش، القيادي السابق بالبنتاجون، إن سوريا ليست نقطة مركزية في الرأي العام الأميريكي، مضيفًا أن الولايات المتحدة ليس لديها مصلحة بدمشق.
وأضاف القيادي السابق في تصريحات لجريدة «بلدنا اليوم» أن الهدف الأمريكي من التواجد في سوريا يقتصر فقط على القضاء على داعش، وضمان عدم تهديده للمنطقة مرة أخرى.
وأكد ديروش، أن الحكومة السورية لا تستطيع البقاء إلا بفضل رعاية روسيا وإيران، مشيرًا أنها تحاول أن تصور دمشق على أنها حصن لصد داعش.
وتابع أن التحالف الذي هزم داعش على الأرض كان بقيادة الولايات المتحدة، لكن قوات سوريا الديمقراطية قدمت الجزء الأكبر من القوات القتالية البرية، وقامت بمعظم القتال.
ونوه أن الحكومة السورية لم تقم بأي قتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية فقد كانت مشغولة بالتطهير العرقي للمناطق الواقعة غرب دمشق من المسلمين السنة، وإعادة توطين رجال الميليشيات الشيعية، مشيرًا أن القوات التي قاتلت ضد داعش في الرقة، وأماكن أخرى في سوريا ذات أغلبية كردية.
وذكر أن الغالبية الكردية في محافظة الرقة السورية أدت إلى عدة مشاكل تتمثل في أن الأتراك ينظرون إلى أي جماعة كردية على حدودهم باعتبارها تهديدًا محتملًا، مضيفًا أن رجال القبائل العربية في المنطقة لن يكونوا سعداء في ظل الحكم الكردي.
سعدون: أمريكا تعارض أي تقارب مع دمشق قبل التوصل لاتفاق سياسي
ومن جانبه، أوضح الأكاديمي الكردي فريد سليمان سعدون، أن القضية السورية ليست صراعًا بين بوتين وأردوغان ولكنها محاولة لاستغلال كل طرف للآخر لتخفيف وطأة الضغوطات الدولية عليه والبحث عن مخرج لتحقيق بعض المكاسب.
وأضاف الأكاديمي الكردي في تصريحات لجريدة «بلدنا اليوم» أن تركيا تستخدم سياسة براغماتية إذ أنها عضو في الناتو، ولكنها تتقرب من روسيا وتعرض نفسها وسيطًا لحل الخلافات الغربية الروسية، فموسكو تدرك أن أنقرة ليست حليفًا استراتيجيًا، لكنها أيضا تجد نفسها مضطرة للتعامل مع تركيا.
وتابع أن روسيا ترى تركيا مخرجها الوحيد للتملص من العقوبات الغربية، رغم التوصل لبعض الاتفاقات الثنائية الجزئية التي تخص بعض الجوانب الاقتصادية والمالية، ومنها سماح أنقرة باستخدام بطاقة مير البنكية الروسية على أراضيها والتفاهم حول محطة آق كيو النووية التركية لإنتاج الطاقة، إلا أن الخلافات الاستراتيجية ما زالت قائمة ومنها ما يتعلق بدعم تركيا لأوكرانيا وموافقتها لانضمام فنلندا للناتو والصراع على أفريقيا وسوريا وغيرها.
وأشار إلى أن قمة سوتشي الأخيرة هي حلقة من سلسلة متتالية من القمم التي انعقدت بين بوتين وأردوغان ولم تفض إلى أي نتيجة قد تخدم أو تمهد لعلاقات استراتيجية إيجابية بين البلدين، والفشل في إحياء اتفاقية الحبوب يثبت أن القمة كانت فاشلة.
وأكد "سعدون" أنه من غير المرجح حضور بوتين قمة العشرين وسينوب عنه وزير خارجيته سيرغي لافروف، مستبعدًا أن يكون هناك لقاء ثلاثي على هامش القمة.
وتابع أن القضية السورية باتت تتراجع أمام القضايا الاستراتيجية الأخرى التي تمس أمن هذه الدول بشكل مباشر ومنها الصراع في أوكرانيا وبحر الصين الجنوبي وانضمام فنلندا والسويد للناتو.
وأضاف أن المشكلة السورية ذات اهتمام مشترك بين هذه الدول كونها تتدخل فيها بشكل مباشر على الأرض، إلا أنها باتت مؤجلة الحل، والنقاش فيها يركز فقط على تثبيت الوضع الراهن، وعدم المساس بالتفاهمات الحالية حول مناطق النفوذ وعدم تغيير قواعد الاشتباك بين المجموعات المتصارعة على الأرض، وهذه التفاهمات باتت الحل الراهن لهذه الدول، إلى أن تجد سبيلا للتوصل إلى تفاهم حول حل مستدام.
وأشار إلى أن روسيا حصلت على ما تريد في سوريا، ووصلت إلى سواحل المتوسط، لافتًا أنها تستهدف ترسيخ هذا الحضور واستدامته، ما يتطلب حلًا سياسيًا في سوريا يقبل به جميع أطراف الصراع، ولكن ما زالت الدائرة واسعة بين اللاعبين الدوليين والإقليميين من حيث رؤية كل طرف لحل المشكلة بما يتناسب مع مصالحه.
وقال إن روسيا صرحت مرارًا أنها مع تنفيذ القرار الأممي ٢٢٥٤ إلا أنها عمليًا لا تقدم لذلك شيئا، وحتى إذا قدمت موسكو ورقة للحل، ولا أظنها ستفعل، فإنها ستكون مرفوضة حتما من قبل الآخرين، وخاصة أنه في الآونة الأخيرة لاحظنا خلافات بين إيران وروسيا وتركيا في سوريا.
وأضاف أن هذه الخلافات أدت إلى عدم الالتزام بمخرجات لقاء سوتشي، فإذا كانت الأطراف الثلاثة تركيا وروسيا وإيران التي تعتبر متضامنة قد اختلفت، فإن إمكانية التفاهم بينها وبين أمريكا وأوروبا الغربية ستكون شبه مستحيلة حول ورقة قد تقدمها روسيا للحل، لأنها ببساطة ستمثل وجهة نظر روسيا الداعمة لحكومة دمشق.
وأشار إلى أن قسد تدعي أنها انسحبت من الشريط الحدودي وفق اتفاق أكتوبر ٢٠١٩، ولكن الإدارة الذاتية باقية، بينما تركيا تطلب إفراغًا للشريط الحدودي على عمق ٣٢ كم؛ لإقامة منطقة آمنة وفق مفهوم أنقرة لأمنها القومي، وهذا الشرط غير ممكن التحقيق إلا عسكريًا.
ونوه أن أمريكا تمنع الإخلال بالاستقرار النسبي في منطقة شرق الفرات، فالظروف غير مهيأة لتركيا بالإقدام على اجتياح جديد، بينما محاولات أردوغان بالتقارب مع دمشق باءت بالفشل، وحاليا ليست هناك بوادر تشير بقرب أي تفاهمات بين دمشق وأنقرة، وتصريحات الطرفين أكدت على استحالة أي تفاهم مادام كل منهما متمسكًا بشروطه.
وأكد أن قراءة قسد لهذا التنافر بين دمشق وأنقرة، ولموقف أمريكا الرافض لأي توغل عسكري تركي، يعطيها نوعًا من الأريحية في التمسك بموقفها الرافض لأي انسحاب، لذلك لن تنسحب قسد من أي منطقة إلا إذا اقترن ذلك باتفاق سياسي يضمن التفاهم حول الإدارة الذاتية التي تدير شؤون شرق الفرات.
وأوضح أن أمريكا تعارض أي تقارب مع دمشق قبل التوصل لاتفاق سياسي، مشيرًا أنها تغض الطرف أحيانا عن بعض اللقاءات لتترك هامشًا لبعض الدول التي تعتبرها صديقة للتحرك والمناورة، ولكنها عندما تجد تلك اللقاءات تضر بمصالحها وبسياستها في المنطقة فإنها تضغط لوضع حد لها.
وأضاف أن أمريكا تعاملات مع محاولات أردوغان للتقارب مع دمشق وكذلك محاولات الخليج العربي، مؤكدًا أن اللقاءات ارتطمت بجملة من الكوابح التي عرقلت مسيرة تقدمها، لتدرك هذه الدول أن الأزمة السورية أعمق من أن تحلها بعض اللقاءات أو التفاهمات الثنائية.
أقرأ أيضًا| اليوم.. وزير الخارجية يستقبل رئيسة مجلس الشيوخ بغينيا الاستوائية