بعد 65 عام من الإستقلال .. ليبيا تحت الإحتلال
هذا ليس سرداً تاريخياً للأحداث قدر ماهو إستخلاص للدروس والعبر من تاريخ الأمم ، لأنه مثال رائع لصراع الأنسان من أجل البقاء ، والسعى الى الحرية ، رغم الإحباط والصعوبات التى تواجهه من أجل تحقيق ذلك.ليبيا .. مستعمرة إيطالية إبان نشوب الحرب العالمية الثانية فى سبتمبر 1939، لم يكن هناك خلاف دولى وخاصة مابين القوى العظمى ذات النفوذ الأستيطانى مثل فرنسا وبريطانيا وبين أيطاليا فى هذا الأمر، ليبيا أصبحت جزء معترف به دوليا أنها إيطالية وتحقق حلم إيطاليا فى إعادة ذلك الجزء من الشمال الأفريقى الذى كان فيما مضى جزء من الإمبراطورية الرومانية. حركة المقاومة فى ليبيا كانت قد إنتهت بعد أشهر قليلة من إستشهاد قائدها "عمر المختار" الذى وقع فى الأسر فى الحادى عشر من سبتمبر 1931 وأعدم فى السادس عشر من نفس الشهر ونصب بعده كقائد لحركة المقاومة المسلحة يوسف بورحيل وبآخر رصاصة أطلقت من بندقيته فى التاسع عشر من ديسمبر 1931 كانت آخر رصاصة تطلق فى الصراع المسلح مع المستعمر الأيطالى.الحرب العالمية الثانية كان الليبيون يراقبون تطورات الصراع الدولى عن قرب ورأوا أن هذة هى الفرصة التى ينتظرونها منذ وقت طويل وفور أعلان ايطاليا الحرب على الحلفاء بدأ الليبيون إتصالاتهم الرسمية مع السلطات العسكرية البريطانية فى مصر وأعلنوا تأييدهم ومساعدتهم لبريطانيا فى صراعها فى الشمال الأفريقى. فى 9 أغسطس 1940 أنُشىء الجيش الليبى من خمس فرق تم تدريبها وتسليحها من قبل بريطانيا والذى حارب إلى جانب قوات الحلفاء فى حرب الصحراء والتى كانت برقة مسرحاً لها. حاربوا ببسالة أشاد بها "أنتونى أيدن" وزير الخارجية البريطانى فى أحدى جلسات البرلمان البريطانى عند تقديمه لتقريره عن مجرى العمليات العسكرية وفيها أشاد بالموقف الليبى.تم تكوين اللجنة الوطنية التأسيسية فى نوفمبر 1950 من ستين عضواً كانوا مثالاً للوطنية والنزاهة ويتمتعون بأحترام وتقدير المجتمع السياسى الليبى فى ذلك الوقت فلم يكونوا قادة أجتماعيين فقط بل رجال قيادة سياسية يمثلون ليبيا بأقاليمها الثلاث تمثيلاً متكافئاً العدد ويعبر عن إرادة حقيقية من أجل الدفع بمسيرة الأحداث الدولية المؤاتية فى تلك الفترة للحصول على إستقلال البلاد الذى كان قبل عشر سنوات من ذلك حلماً يصعب تحقيقه.دستور جديد وفى 25 نوفمبر 1950 بدأت مسيرة كتابة الدستور بأول أجتماع للجمعية الوطنية التأسيسية فى طرابلس بأقرار مبدأين أساسين أعتبرا مهمين لتقرير مستقبل الدولة الليبية، أولهما أن تكون ليبيا دولة أتحادية وثانيهما تبنى نظام الحكم الملكى وأن يعرض عرش ليبيا على أمير برقة السيد محمد أدريس السنوسى. وقد تم أقرار ذلك بأجماع الجمعية الوطنية فى جلستها بطرابلس المنعقدة فى 2 ديسمبر 1950، تم ترجمة دساتير أثنتى عشرة دولة أتحادية وقامت لجنة العمل بدراستها ثم بدأ الشروع فى أعداد فصول الدستور الأثنى عشر والذى أحتوى على 213 مادة.بهذا تم تمهيد الطريق لأعلان أستقلال ليبيا فى 21 من ديسمبر 1951 الذى تم فيه ميلاد الأمة الليبية وتكوين دولة ديمقراطية مستقلة ذات سيادة تؤمن الوحدة القومية وتصون الطمأنينة الداخلية وتهييء وسائل الدفاع المشتركة وتكفل أقامة العدالة وتضمن مبادىء الحرية والمساواة والأخاء وترعى الرقى الأقتصادى والاجتماعى والخير العام.أعقب ذلك فق 24 ديسمبر 1951 م إعلان دستور ليبيا الاتحادي واختيار ادريس السنوسي ملكا ل المملكة الليبية المتحدة بنظام فيدرالي يضم ثلاثة ولايات (طرابلس، برقة، فزان).ليبيا النفطوبعد اكتشاف النفط في سنة 1957 بدأت الدوائر الاستعمارية تخطط من أجل السيطرة على ثروات ليبيا وازدادت تلك المؤمرات بعد اكتشاف النفط بكميات هائلة وتصدير أول شحنة نفط ليبية، ولم تمر بضعت شهور حتى قامت أحداث يناير سنة 1964 التي تعتبر هي والغاء الفيدرالية القشة التي قضمت ظهر المملكة السنوسية كما ذكر السفير البريطاني في بنغازي بعدها بدأت شركات النفط الغربية الكبرى بالقلق على مصالحها بعد تنامي التيار القومي بالمنطقة العربية وبعد الغاء النظام الفيدرالي سنة 1963 تشكلت 6 حكومات مركزية في 6 سنوات تحت النظام المركزي، انتهت آخر تلك الحكومات بانقلاب القذافي "عملية البلاك بوت المدعومة من اجهزة استخبارت دول شركات النفط".ثورة القذافى في الأول من سبتمبر 1969 م قام مجموعة من الضباط الشبان من ذوي الرتب الصغيرة وبقيادة الملازم معمر القذافي بتحرك ضد النظام الملكي والقيام بثورة الفاتح من سبتمبر واعلنوا الجمهورية العربية الليبية.وتولى الفذافى رئاسة ليبيا منذ عام 1977 حتى 2011 بعد قيام الثورة الليبية،وقام معمر القذافى بتأليف « الكتاب الأخضر»هو كتاب فلسفي ألفه عام 1975 وفيه يعرض أفكاره حول أنظمة الحكم وتعليقاته حول التجارب الإنسانية كالاشتراكية والحرية والديمقراطية، حيث يعتبر هذا الكتاب بمثابة كتاب مقدس عند معمر القذافي.مظاهرات وإحتجاجاتفبراير 2011، في أعقاب الثورات العربية في الدول المجاورة في مصر وتونس، بدأت المظاهرات والإحتجاجات ضد حكم القذافي وتصاعد هذا التوتر إلى الانتفاضة في جميع أنحاء ليبيا، وتم تجميد أصول القذافي وعائلته، وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية والانتربول مذكرات توقيف في 27 يونيو لمعمر القذافي، وابنه سيف الإسلام، ورئيس المخابرات عبد الله السنوسي، بأحكام تتعلق بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.سقوط القذافىخسر القذافي وقواته معركة طرابلس في أغسطس 2011، وفي سبتمبر من العام نفسه، حجز المجلس الانتقالي مقعده في الأمم المتحدة، ليحل محل القذافي، إلا أن معمر اعتقل على قيد الحياة على أيدي أفراد من جيش التحرير الوطني بعد الهجوم على موكبه بالقنابل من قبل طائرات حلف شمال الأطلسي يوم سقوط المدينة في 20 أكتوبر عام 2011. قتل القذافي من جانب مقاتلي جيش التحرير الوطني وأذنت لانتهاء فترة حكم امتدت لاثنين وأربعين عامًا وهي الأطول في تاريخ ليبيا منذ أن أصبحت ولاية عثمانية سنة 1551. وأطول فترة حكم لحاكم غير ملكي في التاريخ.فوضى وإرهابمنذ سقوط القذافى ، تبخرت آمال معظم الليبيين في تحول بلادهم إلى واحة من واحات الديمقراطية،بعد الاطاحة بنظام العقيد معمر القذافي.فبدلاً من التحكم بمقدرات البلاد الغنية، وتوظيف الاستثمارات لجعل ليبيا قبلة للسياح، وتشجيع الشركات على الاستثمار، اكتست الشواطئ بلون الدماء جراء جرائم "تنظيم داعش" الإرهابي، وأصبحت معبرا لقوارب الموت باتجاه القارة العجوز.ومع انعدام الأمن وسيطرة فوضى السلاح لاقتسام النفوذ بين الميليشيات المتحاربة توقف انتاج النفط وتصديره أكثر من مرة، وتوقفت عجلة الانتاج في معظم المرافق، وباتت البلاد مهددة بشبح التقسيم بين الشرق والغرب، والساحل والجنوب.وعلى الرغم من أن الكثيرون كانوا يقولون على المعمر القذافى أنه لا يفقه شئ الا أن الايام أثبتت عكس ذلك فلقد كان على حق حين رفض تسليم ليبيا، وحاول فعل الكثير من أجل المحافظة عليه، ولكن أبى أهله ذلك فى محاولة منهم للوصول الى الديمقراطية الكاذبة ولم ينجحوا قط فى الوصول الى شئ، واليوم تحتفل ليبيا بذكرى أستقلاله فهل نالت ليبيا أستقاله حقا.