قصة بطلة.. «سمر» فتاة السرطان تودع الحياة بالورود والفستان الأبيض

الاربعاء 19 سبتمبر 2018 | 02:28 مساءً
كتب : سارة أبوشادي

كانت بطلة قاومته كثيرّا حاولت التغلب عليه، لم تفقد سلاح الأمل حتى اللحظة الآخيرة، لكنّه كان أقوى منها فهجم عليها بكامل قواه وأسقطها، لم تستطع الصمود أمامه أكثر فحملها معه ورحل بعيدّا إلى عالم آخر، هناك في هذا العالم ستتخلص من الألم الذي لطالما صاحبها في حياتها، ستتذوق الطعام دون أن يُصاحبه مرار الدواء، لم تنتظر الفتاة كثيرّا لتُقرر الرحيل، وبالرغم من ذلك إلّا أنّها تركت بصمة في قلوب جميع من عرفوها.

بداية رحلة سمر مع المرض اللعين

«سمر» فتاة في العقد الثالث من عمرها، إحدى محاربين السرطان والتي انهزمت في آخر جولاتها مع المرض، تلك الفتاة التي تخرّجت من كلية الخدمة الاجتماعية، وعملت في الكثير من المهن، فما بين تدريب السباحة والإنقاذ والتحكيم، مرورّا بتنظيم الحفلات، وغيرها الكثير والكثير، فطموحها كان يصل لحد السماء.

كانت الأمور تسير بشكل طبيعي والفتاة ترسم أحلامها، والتي بدأت تخطوا أولى خطوات تحقيقها، ولكن كان للقدر رأي آخر، قبل 4 سنوات وأثناء عملها كمدربة سباحة، شعرت الفتاة ببعض الإرهاق فتيقنت أنّ الجهد الذي تبذله في العمل كفيل أن يرهقها، لكنّها قررت أن تطمئن أكثر، فذهبت إلى الطبيب لتكتشف إصابتها بمرض السرطان، هذا اللعين الذي لم يكفه احتلال جزء من جسد الفتاة لكنّه قررّ احتلاله بالكامل،

 

بدأ المرض في الثدي ثم الرحم لينتقل إلى عظامها ويستقر نهائيّا في جسدها بالكامل، استقبلت الخبر وكأنّها كانت على علم به، أصيبت بالمفاجأة في بداية الأمر لكنّها قررت عدم الاستسلام وستظل تسير في تحقيق أحلامها كما كانت وأنّ هذا اللعين لن يستطيع هزيمتها مهما حدث.

فور خروجها من غرفة الطبيب تبدّلت حياة سمر بالكامل، فقررّت أن تفعل كل الاشياء التي أحبّتها، وظلت طوال الـ4 سنوات التي قضتها برفقة هذا المرض تفعل كل ما يُسعدها، الفتاة علمت جيدّا انّها لن تسطيع الزواج خاصة وأنّ المرض نال من رحمها، لكن كانت كل أمنيتها أن ترتدي فستان زفاف، فقررّت القيام بهذا الأمر.

 

الفتاة تُقرر ارتداء الفستان الأبيض

تجمّع الأهل والأصحاب حول العروس وهي ترتدي فستانها الأبيض، وبدأ الاحتفال كانت سمر تحلم بهذا الفستان كثيرّا، وبعد أول جلسة من العلاج الكيماوي قررّت أن ترتديه، خاصة وأنّها كانت تعلم جيدّا أنّ ملامحها قد تتغير وشعرها سيسقط بالتأكيد، لذا حاولت تحقيق أبسط أحلامها، بل ووثّقت تلك الفرحة أيضّا بالصور.

 

كانت سمر تؤمن أنّ عمل الخير هو الشيئ الوحيد الذي سيظل بعد رحيلها، فعملت على تقديم الدعم لمرضى السرطان من كل الفئات وتقديم كآفة المساعدات لهم، فكانت دائمة التردد على مستشفى 57357 لعلاج مرضى السرطان، وبالرغم من تدهور حالتها الصحية في الآونة الآخيرة، إلّا أنّها كانت تصر على الحضور في كآفة المناسبات التي تتعلق بدعم مرضى هذا اللعين، سمر سطرّت اسمها وتركت بصمة بفكرة بسيطة سيظل الجميع يتذكرها من خلالها «الإسورة».

 

تعرّضت الفتاة لإحدى المواقف أثناء مرضها بالسرطان، حيث أصيبت بمرض يشبه مرض الفيل، ولأنّ مرضى السرطان أو كما يطلق عليهم «البريست كانسر»، كان ممنوع عليهم قياس الضغط أو الحقن أو وضع أي شيئ معدني في الذراع، لأنّه لو حدث هذا الأمر فسيصاب بورم كبير ومن الصعب معالجته فيما بعد، وعلى الأغلب يصل هذا الأمر إلى البتر، لذا طرأت لسمر فكرة لمواجهة هذا الأمر، وهي الإسورة.

 

صورت سمر فيديو وأرسلته لوزارة الصحة، تُطالب من خلاله المسؤولين بتصنيع إسورة تخص مرضى السرطان، ويقومون بارتدائها في اليد، حال إصابته بإغماء أو غيره، تكون تلك الإسورة دليل على إصابتها بالسرطان وتحذيرًا للمتواجدين بعدم حقنها في يدها، أو إعطائها أي دواء من الممكن أن يكون خطرّا عليها، وبدأت بالفكرة والتي انتشرت فيما بعد وأصبحت متداولة بين مرضى السرطان.

 

ولم تتوقف أفكار الخير لدى سمر عند هذا الحد، بل طالبت بعمل صندوق لمرضى السرطان، يتم وضع مبلغ بشكل دائم لعلاج المرضى، خاصة وأنّ الدولة تمنح علاج المرض مرة واحدة فقط، لكن هناك الكثير من الحالات التي يعود المرض إليها مرة ثانية، والجميع يعلم أنّ تكالي علاجه مرتفعة والدولة لا علاقة لها به.

قبل أيام، دخلت سمر المستشفى كعادتها بعدما اشتد عليها المرض، لكن تلك المرة لم تخرج منها، فدخلت في غيبوبة استمرت لأسبوع حتى فات روحها إلى بارئها، رحلت الفتاة عاشقة الورد كما لقّبها اصدقائها، فحياتها كانت بالكامل تتلخص بداخل بوكيه من الورد، كانت تؤمن أنّه الشيئ الجميل في هذه الحياة، لذا كانت تُهدي جميع أحبائها بالورود، رحلت الوردة عن عالمنا لكن رائحتها الجميلة ما زالت تُعطر جميع من عرفها، سرقها السرطان مبكرّا قبل أن تستكمل طريق تحقيق أحلامها، لكنّها فعلت به ما يكون أثرّا لها بعد مماتها وسيظلوا يرددون «رحم الله فلان.. كان وكان كان.. لن تُذكر إلّا الأعمال..» فالأعمال هي العمر الحقيقي للإنسان.

موضوعات متعلقة

«السرطان بداية حياة.. معًا أقوى»: حلقة جديدة للمحاربين في مصر تساند على اجتياز المرض

إحصائيات مفزعة عن انتشار السرطان بمصر

 

اقرأ أيضا