الحب في أحضان الشارع.. "عم حسين" عجوز تشرد بعد رحيل محبوبته

الاثنين 25 فبراير 2019 | 09:20 مساءً
كتب : رحاب الخولى

الساعة تشير إلى السادسة مساءً، المكان تفوح منه رائحة فضلات البشر، أجساد منتشرة هنا وهناك، وأطفال يفترشون الأرض، متلحفين بالسماء خوفًا من دموعها التي تسيل كالثلج يهشم العظام.

ضحايا الشارع تحت الكباري مرصوصين، لم تشفع لهم مركزهم الاجتماعي من انتشالهم من التشرد، فحياتهم التي عاشوها سببًا في أن يحتموا بالتراب ويتمرمغوا فيه، ويكون خير وأقرب صديق لهم.

حالته الصادمة، وجلبابه ذات اللون الداكن، وذقنه ذات الفرو الأبيض، ويده التي تشققت من خشونة الأرض التي يتكأ عليها، ومقعده المتحرك التي يبعد عنه قليلا، أصبح عكازه وسنده في الحياة.

العم حسين

"كان يومًا مفجعًا بالنسبة لي، تركتني وحيدًا بعد عدة سنوات قضيتها معها في أحضانها الدفيئة، حتى الآن لم استوعب ماذا حدث لها، ولماذا ذهبت للنوم في المقابر لوحدها، فلماذا لم تأخذني معها وتركتني، بعد أن وعدتني بأنها ستظل بجانبي حتى نموت سوا"، بتلك العبارات روى الرجل السبعيني قصة حياته.

بشيء من الحسرة سرد حسين قصته، قائلًا إنه كان يعاني منذ الصغر بمرض القلب، وتزوج وهو في السن السابعة عشر من عمره، من ابن خالته التي تكبره عامين، وعاش معها حياة زوجية لن يذوق طعمها أحد مثله، فكانت الحب والسند والقوة له في الحياة.

حسين

بضحكة ساخرة، وبمشاعر جياشة، ملأت وجهه، أكد أن الرجل من غير زوجته لاشيء، وأنه لامال ولا أولاد يعوضوا الحنان والحب والاهتمام اللي هو شافه منها، خلال الـ 25عامًا التي عاشها معها.

"توفيت زوجتي، وتركت لى 4 أولاد، ومنذ وفاتها وقلبي مات، وظهري انكسر، الحب كله وجدته فيها، وزماني كله عيشته معاها، تركت المنزل منذ اليوم الثالث من وفاتها، تجولت من بلد لـ بلد آخر، وعملت في كذا مكان، حتى كرهت الدنيا بما فيها، فلم أجد أحد من الولاد يهتم بي أو يسأل على، كل واحد بقى في حاله"، استكمل الرجل مأساته، راويًا قصة وجوده في الشارع، واتخاذه سكنا لها، ورفضه المساعدة المقدمة من المارة.

مضيفًا: "وجدت في الشارع المعاملة الطيبة من الناس، اللي ممكن تعوضنى عن حب زوجتي التي لم أستطع العيش بدونها، قائلًا: "أتمنى من الله أن يرجع لى زوجتي حتى ترجع حياتي كما كانت".

اقرأ أيضا