ابن الصعيد الجواني.. "المنفلوطي" أيقونة الثقافة وصاحب التراث الأدبي

الجمعة 24 مايو 2019 | 11:16 صباحاً
كتب : رحاب الخولى

"لو تراحم الناس ما كان بينهم جائع ولا عريان ولا مغبون ولا مهضوم ولفقرت العيون من المدامع واطمأنت الجنوب في المضاجع"، كلمات وعبارات سطرها التاريخ على أيدي أديبًا وشاعرًا كبيرًا،

انتهج أسلوبًا خاصًا في كتابته وأشعاره، استمدت من مشاعره وأحاسيسه، ولكنه رحل عن عالمنا فيما يقرب من 100 عام.

الأديب مصطفى لطفي المنفلوطي، انفرد بأسلوب نقي في مقالاته، رحل وترك بصمة في عقول المصريين وخاصة الكتاب الأقلاء، حيث تميز بالأسلوب الأدبي الفذ، وتعد كتاباته من أبلغ ما كتب في العصر الحديث.

تميزت أشعاره بالرقة، وكان يحب اللغة العربية كثيرًا، تبين هذا من خلال كتبه وهما النظرات والعبرات اللذان يعدان من أبلغ ما كتب في العصر الحديث، فضلا عن حبه لقراءة القرآن الكريم، واستطاع حفظ القرآن بأكمله وهو في التاسعة من عمره.

ولد مصطفى لطفي المنفلوطي في سنة 1293هـ الموافق 1876م من أب مصري وأم تركية في مدينة منفلوط من الوجه القبلي لمصر من أسرة حسينية النسب مشهورة بالتقوى والعلم نبغ فيها من نحو مائتي سنة، قضاة شرعيون ونقباء، ومنفلوط إحدى مدن محافظة أسيوط.

نهج المنفلوطي سبيل آبائه في الثقافة والتحق بكتاب القرية كالعادة المتبعة في البلاد آنذاك فحفظ القرآن الكريم كله وهو في التاسعة من عمره ثم أرسله أبوه إلى الجامع الأزهر بالقاهرة تحت رعاية رفاق له من أهل بلده، فتلقى فيه طوال عشر سنوات علوم العربية والقرآن الكريم والحديث الشريف والتاريخ والفقه وشيئا من شروحات على الأدب العربي الكلاسيكي، ولا سيما العباسي منه.

الشيخ الإمام محمد عبده، كان إمام عصره في العلم والإيمان، حيث تواصل المنفلوطي معه في مقتبل عمره، فلزم المنفلوطي حلقته في الأزهر، يستمع منه شروحاته العميقة لآيات من القرآن الكريم، ومعاني الإسلام، بعيداً عن الغلو والبدع، وقد أتيحت له فرصة الدراسة على يد الشيخ محمد عبده، وبعد وفاه أستاذه رجع المنفلوطي إلى بلده حيث مكث عامين متفرغا لدراسة كتب الأدب القديم .

ألف "المنفلوطي" العديد من الكتب والروايات، من أهمها "العبرات" وهو كتاب يجمع بين دفتيه شكلين من القصص القصيرة استمدت من القصة الأمريكية، الشكل الأول من العبرات يتألف من أربع قصص قصيرة ألفها المنفلوطي استجابةً لما في نفسه من رغبة في العمل القصصي وهي اليتيم، الحجاب، الهاوية، العقاب، والشكل الثاني يتألف من الشهداء، الذكرى، الجزاء، الضحية.

وتعد رسالة الأربعون التي ألفها من أشهر الكتابات التي تركها لنا، وضمتها رائعة النظرات، حينما قال" وداعا يا عهد الشباب، فقد ودعت بوداعك الحياة، وما الحياة إلا تلك الخفقات التي يخفقها القلب في مطلع العمر، فإذا هدأت فقد هدأ كل شيء وأنقضى كل شيء!).

ومن أهم مؤلفاته، النظرات ثلاث أجزاء، ويضم مجموعة من مقالات في الأدب الاجتماعي، والنقد، والسياسة، والإسلاميات، وأيضاً مجموعة من القصص القصيرة الموضوعة أو المنقولة، جميعها كانت قد نشرت في الصحف، وقد بدأ كتابتها منذ العام 1907.

اقتبس المنفلوطي من الأدب الفرنسي فاستعان بأصحابه ممن لهم خبرة في الترجمة، ليترجموا له الروايات الفرنسية ويقوم بصياغتها إلى اللغة العربية بعد صقلها في قالب أدبي ومنها رواية "تحت ظلال الزيزفون" للروائي الفرنسي "ألفونس كار".

اقرأ أيضا