زي النهاردة| رحيل «الكساسبة»

الاحد 03 يناير 2016 | 01:05 مساءً
كتب : غدير خالد

أول طيار تابع محاربة تنظيم الدولة الإسلامية تمكن مقاتلو التنظيم من أسره بعد سقوط طائرته فوق مدينة الرقة شمال شرق سوريا في ديسمبر 2014، وهوالطيار الأردني معاذ صافي الكساسبة. وأعلن تنظيم الدولة إعدام الكساسبة حرقا في الثالث من فبراير 2015 في تسجيل مصور بث على موقع تابع للتنظيم على شبكة الانترنت، فيما أعلنت السلطات الأردنية أن التنظيم كان قد أعدم الطيار الشاب في الثالث من يناير 2015.المولد والنشأة:ولد في لواء عي بمحافظة الكرك (120 كلم جنوب العاصمة عمان) في مايو 1988، لأب عمل مديرا لمدرسة بوزارة التربية والتعليم، وأم امتهنت التعليم طوال حياتها، وترتيبه الثالث بين إخوته الذكور الأربعة، ولديه أربع شقيقات، وتزوج في يوليو 2014.الدراسة والعمل:أنهى دراسته الثانوية عام 2006 والتحق بكلية الحسين الملكية للطيران، وتخرج منها طيارا حربيا عام 2009.التحق بصفوف سلاح الجو الملكي، وتدرج في عمله طيارا حربيا إلى أن تمت ترقيته عام 2014 إلى رتبة ملازم أول، وعرف عنه بأنه أحد أبرز الطيارين الشبان في سلاح الجو الأردني.تنظيم الدولة:وقع الكساسبة في أسر تنظيم الدولة الإسلامية يوم 24/12/2014 بعد أن سقطت طائرته فوق مدينة الرقة شمال شرق سوريا، أثناء تنفيذه غارة ضمن حملة التحالف على مواقع التنظيم، حيث يشترك الأردن في التحالف الدولي على التنظيم منذ إعلانه بقيادة الولايات المتحدة في سبتمبر المقبل.أجرى التنظيم مقابلة مع الكساسبة نشرتها مجلة "دابق" التابعة له بالإنجليزية بعد أسره، روى فيها تفاصيل عن عمله طيارا عسكريا وعن طبيعة الأوامر التي تلقاها وبقية الطيارين أثناء اشتراكهم بالحرب على تنظيم الدولة.وكان الأردن خاض مفاوضات سرية عبر وسطاء للعمل على الإفراج عن الكساسبة على مدى أكثر من شهر، وخلال هذه الفترة أعلن تنظيم الدولة عن قتل أحد رهينتين يابانيين كان يحتجزهما، ويوم 27/1/2015 أعلن التنظيم أنه سيقوم بقتل الكساسبة إضافة للرهينة الياباني الثاني في حال لم تقم عمّان بإطلاق المعتقلة العراقية المحكوم عليها بالإعدام في الأردن ساجدة الريشاوي، التي نفذ فيها حكم الإعدام بعد يوم من إعدام الكساسبة .مفاوضات إطلاق سراحه:بدأت الحكومة الأردنية بإجراء مفاوضات غير مباشرة لإطلاق سراح الطيار مقابل الإفراج عن ساجدة الريشاوي (دون اي يكون هناك اي اهتمام او استجابة من تنظيم داعش بالتبادل المتهمة بتفجيرات عمان في 9 نوفمبر 2005 لكن الدولة الإسلامية عرضت أن تسلم الرهينة الياباني الثاني كينجي غوتو الذي قامت داعش بإعدامه في 31 يناير 2015 وطلبت السلطات الأردنية إعطاء دليل على سلامة الطيار الكساسبة لكن لم يتم ذلك. واستمرت المفاوضات السرية حتى اللحظة الأخيرة في 3 فبراير 2015وفاتهتم إعدامه حرقاً وهو حي على يد عناصر تنظيم داعش يوم 3 يناير 2015، حيث كان يقف داخل قفص حديدي مغلق. أعلن التلفزيون الأردني عن وفاته يوم 3 فبراير 2015 وذلك بعد أن قامت مواقع تابعة لتنظيم داعش برفع صور ومقطع فيديو لعملية حرقه. وقد أعلن التلفزيون الأردني أن إعدام الطيار تم يوم 3 يناير 2015 وليس 3 فبراير 2015. بعد إعلان وفاته، قام الملك عبدالله الثاني بن الحسين بقطع زيارته الرسمية للولايات المتحدة.مكان الأعدام:مكان إعدام الطيار معاذ الكساسبة برأي محللين للفيديو أن البناء الذي أعدم فيه الكساسبة، هو بناء إدارة الأمن السياسي في الرقة، حيث تتخذ منه كتيبة الخنساء التابعة للدولة الإسلامية مقراً لها.والطريقة التي أعدم بها هي انتقام لموت 30 امرأة بنفس المكان بطائرات التحالف نهاية العام الماضي.فيديو «شفاء الصدور»:تم إعداد الفيديو المسمى "شفاء الصدور" بطريقة احترافية سينمائية عالية واضحة لجميع المختصين. من حيث استخدام الكاميرات بزوايا مختلفة واستخدام تقنيات سينمائية عالية ومؤثرات صوتية ولقطات للكساسبة وهو يقف متأملا ثم يكون في قفص وتضرم النار به. وتعد عملية الإعدام حرقاً الأولى التي تقوم بها داعش حيث أنه تم الإعدام بقطع الرأس في عمليات القتل السابقة. وأظهر التسجيل كلام وحديث للكساسبة قبل إعدامه، تحدّث فيها عن الدول المشاركة فيالتحالف الدولي ضد تنظيم داعش، وطبيعة العمليات التي يقوم بها والأسلحة والطائرات التي يستخدمها.في الفيديو الذي يمتد على مدى ثلاثة وعشرين دقيقة يظهر معاذ الذي يلبس لباس برتقالي يقدم على أنه الطيار، وهو محتجز في قفص حديدي، قبل أن يُقدم رجل ملثم بلباس عسكري على غمس مشعل في مادة حارقة وإشعال النار من مسافة لتنتقل النار بسرعة نحو القفص حيث يشتعل الرجل في ثوان، ثم يسقط أرضاً على ركبتيه، قبل أن يتوفى وسط كتلة من اللهب. ثم تأتي جرافة ضخمة ترمي كمية من الحجارة والتراب على القفص، فتنطفىء النار ويتحطم القفص، ولا يشاهد أي أثر لجثة الطيار الكساسبة سوى يديه، أمام عدد من المسلحين الملثمين بلباس عسكري واحد. كما ألتقطت صور للطيار معاذ الكساسبة باللباس البرتقالي إياه وهو يجول بين الركام، قبل صور الحرق. وقال صوت مسجل في الشريط في بدايته بعد أن أعدم الطيار جاء رداً على مشاركة الأردن في "التحالف الدولي" بقيادة الولايات المتحدة ضد الدولة الإسلامية. وجاء في الشريط أن تنظيم داعش خصصت "مكافأة مالية قدرها 100 دينار من الذهب لمن يقتل طيارين مشاركين في قوات التحالف. واضاف أن "ديوان الأمن العام أصدر قائمة بأسماء الطيارين الأردنيين المشاركين في الحملة الصليبية". وينتهي الشريط بنشر صور وأسماء يقول أنها لطيارين أردنيين، مع عناوين بيوتهم، بحسب ما يدعي، وتحديد هذه العناوين على صور عبر الأقمار الصناعية. وتم بث لائحة طويلة من الأسماء والرتب العسكرية التي لا يمكن التحقق من صحتها.تحليلات للفيديو:ظهرت الكثير من التحليلات للفيديو نظرا للاحترافية في عمله واستخدام كاميرات متنوعة عالية الجودة وظهور تقنيات عالية غير متوافرة في معظم الدول العربية وتختلف التحليلات الفنية حيث يتم الحديث عن الضباب والشمس في الفيديو الذي يعني أن التصوير من أيام مختلفة بالإضافة للكدمات والإصابات التي تختلف من وقت التصوير عند القفص وخلال حديثه بداية الفيديو، ثم البخار الذي يخرج من فم معاذ الذي يشير إلى درجات الحرارة المتدنية والرطوبة عند فم مجندي تنظيم داعش على اللثام الذي يغطي فمهم، وأيضا وجود درع تحت بدلة معاذ البرتقالية يظهر في لقطتين.وفي تحليل للمخرج من فلسطين نزار أبو زياد قال أن الطيار الأردني معاذ الكساسبة قد يكونوا قتلوه مباشرة بعد تصوير الفيلم ونحسبه شهيدا عند الله وندعوا له بالرحمه. لكنه لم يُحرق ولم يُعذب كما ظهر بالفيلم، وايضا جميع ما شاهدناه هو فيلم سينمائي بحت خليط بين الواقع والخدع وهذه هي حقيقة الخدع السينمائية للذين يعرفون كيف تتم صناعتها فهي خليط بين الواقع وتتم اضافة الخدع عليه. وايضًا الهددف من هذا الفيلم وجميع الأفلام المماثلة التي سبقته زج العرب والمسلمين في حالة من البلبلة والضياع الفكري والعقائدي الذي ليس له أول من آخر.سبب عدم صراخ الكساسبة عند أعدامه حرقًا:شف مراقبون على دراسة أجروها لحالة الطيار الأردني معاذ الكساسبة، والحالة التي كانت عليه أثناء اعدامه حرقًا، ورد فعل أو مقاومة أو صراخ فوري عند وصول النار إليه.لاحظ مراقبون أن الطيار الأردني معاذ الكساسبة الذي أعدمه تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام «داعش»، لم يُبدِ أي ردّ فعل أو مقاومة أثناء اقتراب النار منه، كما أنه لم يصرخ فور وصولها، وإنما تأخر صراخه بضع لحظات، أي «عندما بدأت النار تأكل اللحم، ووصلت للمراكز الحسية»وأوضحوا أن «الإحساس استمر لثوانٍ معدودة، لأن هذه المراكز الحسية احترقت بسرعة، نظرًا لأنه كان مبلولًا بالبنزين سريع الاشتعال، علمًا أن وهج النار كافٍ بالنسبة للشخص الطبيعي لجعله يشعر ببداية الاحتراق».وأضاف المراقبون: «من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن معاذ بدا غير واعٍ، وغير مدرك لما ينتظره، وليس كما قال البعض أنه غير خائف، لأنه إنسان بالنهاية، ومن المفروض فيما لو كان واعيًّا أن يدرك المصير الذي ينتظره». من جانبه، كشف أحد عناصر تنظيم «داعش»، عن «إعطاء الطيار الأردني معاذ الكساسبة كميات كبيرة من المخدر، للتأكد من قتل إدراكه لما يجري حوله، وإفقاده القدرة على التفكير أو التصرف، أو حتى القيام بأي حركة يمكن أن تفشل التصوير».وعلق المراقبون على كلام عنصر «داعش» بقولهم: «من الغايات التي يريد أن يصلها تنظيم الدولة من المخدر، وإن كان سببًا ثانيًّا وليس أولًا من حيث الأهمية، فهو إظهاره وكأنه نادم ومدرك لخطئه، لدرجة أنه قَبِلَ بالعقاب ما جعله ينتظر الموت والنار دون أن يصرخ أو يفكر بما ينتظره، أي الاستسلام المطلق للحكم».رد فعل والد الكساسبة:وقال صافي يوسف الكساسبة إن الكثير من الأسئلة لم يجب عليها بشأن أسر ابنه البالغ من العمر 26 عاما على يد تنظيم «الدولة الإسلامية»، والذي يبدو أن طائرته «إف 16» أصيبت في الجو فوق أراض خاضعة لسيطرة التنظيم. وأضاف والد معاذ: «مازلت أطالب الجيش بالاستماع لآخر دقيقتين تحدث فيهما معاذ، ومعرفة ما قاله قبل تحطم طائرته. مازلنا لا نعرف كيف حدث ذلك». وتابع أنه قيل له إن طائرة ابنه إما أصابها خلل فني أدى إلى الكارثة، أو ضربت بصاروخ أرض- جو. وقال: "أريد أن أعرف ماذا حدث بعد هبوطه في الماء في مقعده القاذف. ظل في الماء لمدة ساعة و10 دقائق ثم أسره تنظيم "الدولة الإسلامية". كان ينبغي لهم (التحالف بقيادة الولايات المتحدة) إنقاذه أو على الأقل إرسال طائرات مروحية فوقه لحمايته، لكنهم تركوه". وقال الكساسبة: "كان الابن الرابع والأقرب للأسرة مقارنة بالأشقاء الآخرين. كان ذكيا وحافظا للقرآن عن ظهر قلب". وأضاف: «ما حدث له كان صادما، بمثابة صاعقة. عندما سمعنا أسره، أصبنا  بصدمة. مازلت لا أصدق. وأعلنوا في الثالث من فبرايرمقتله لكنه كان قد قتل قبل ذلك بشهر. مازلنا في صدمة». وقال: «أقاربي وجميع القبيلة لن ينسوا أبدا معاذ. كان فريدا، فعندما تخرج وأصبح طيارا كان متفوقا دائما، وأولته القوات الجوية ثقة وكلفته بالكثير من المسؤوليات على الرغم من صغر سنه. سيظل الحداد على معاذ إلى الأبد». وكشف الوالد عن رغبته السابقة في أن يصبح ابنه طبيبا قائلا: "لطالما أردت أن يدرس معاذ الطب في موسكو وضمنت التحاقه هناك. لكنه لم يرغب في ذلك على الإطلاق، وأراد أن يصبح طيارا وهذا هو ما أخبر به أمه وأعمامه".ردود الفعل المحلية:القوات المسلحة الأردنية: قالت "إن القوات المسلحة تنعي شهيدها البطل معاذ لتأكد أن دم الشهيد الطاهر لن يذهب هدرا وأن قصاصها من طواغيت الأرض الذين اغتالوا الشهيد معاذ والذين يشدوا على أيديهم، سيكون انتقاما بحجم مصيبة الأردنيين جميعا"مجلس النواب الأردني: شجب مجلس النواب بأقسى العبارات "جريمة تنظيم داعش الإرهابي بقتل الطيار الشهيد البطل الطيار معاذ الكساسبة". وأضاف المجلس في بيان له "بصدمة كبيرة وغضب شديد تلقى مجلس النواب نبأ إقدام زمرة داعش الإرهابية على إعدام الشهيد البطل النقيب الطيار معاذ الكساسبة". وإذ تلقى المجلس بصدمة وذهول شديدين امتداد أيادي شذاذ الآفاق الآثمة المتعطشة للدماء التي ما فتأت تستبيح المجتمعات والأفراد الآمنة بالقتل والتدمير والدم بطريقة تعف عنها أعتى العصابات والزمر الهمجية لا بل الوحوش الضارية فإنه يعرب بكل معاني الإدانة والاستنكار هذه الجريمة النكراء التي تخالف كل الأعراف والشرائع والأديان السماوية. ردود الفعل الدولية الولايات المتحدة: قال الرئيس الأميركي باراك أوباما إن الشريط المصور الذي أظهر إعدام الكساسبة حرقاً يوضح مدى "وحشية وهمجية تنظيم الدولة، ويعد مؤشرا على إفلاس أيدولوجيته" فرنسا: أدان الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند عملية "الاغتيال البربرية" التي تعرض لها الكساسبة، وقدم تعازيه لعائلته وللشعب الأردني.مصر: أدان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مقتل الكساسبة، مؤكدا في بيان للرئاسة المصرية "مساندة مصر ووقوفها إلى جانب الأردن في هذا الظرف الدقيق، وفي مواجهة تنظيم همجي جبان يُخالف كافة الشرائع السماوية"فلسطين: أدان الرئيس الفلسطيني محمود عباس إعدام تنظيم داعش، الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقاً، واصفاً الحادثة بـ"الجريمة البشعة". وقال عباس في بيان إنه "لا يمكن لأي إنسان أن يتحمل هذه الجريمة، فلقد فضحت طبيعة الإرهابيين المريضة واللاإنسانية وبعدها كل البعد عن الإسلام السمح".وإليكم بعض الفيديوهات لحرق الكساسبة، وتفسير المحللين لتصوير هذا الفيديو.

اقرأ أيضا