7 مصادر للقلق تسبب الرعب للمصريين.. «الشعب خايف ليه»

السبت 26 نوفمبر 2016 | 07:20 مساءً
كتب : بلدنا اليوم

الأوضاع تزداد سوءا، والأزمات متكررة ما بين أزمات اقتصادية يضيق بها الخناق على المواطنين، وارتفاع أسعار ونقص السلع الغذائية والدوائية، وسيول هنا وهناك تقضى على الأخضر واليابس دون خطط لمواجهتها، الجميع يعيش حالة من الغضب لإخفاق الحكومة فى تحقيق طموحات المواطنين، ووسط هذه الحالة من الضجر والنفور من كل ما يحدث، يظل القلق الممزوج بالخوف يسكن بين أضلاع كل مواطن، تحدثنا إليه، ما بين تردد واستسلام، وأحيانًا تأتى الرغبة فى البوح ولكن الجبن يسيطر، دون وجود سبب بعينه واضح لحالة الخوف التى تسيطر على المجتمع، وقد خرجنا من الحديث مع المواطنين بأن هناك 7 مصادر للقلق تسبب الرعب والفزع للمصريين، وخاصة فى السنوات الأخيرة."مصير مجهول""السكوت أحسن والكلام مبيجيبش غير الخراب"، بتلك الكلمات التى تحمل فى سياقها كل معانى الخوف، تحدث ونطق "ح.ص"، تنتابه لحظتها حالة من الغضب والسخط على الأوضاع: "مين راضى باللى هوه فيه ولا عايز يعيش كده، الحياة بقت صعبة والعيشة ربنا أعلم بيها.. مفيش سياحة ولا مصادر دخل"، ويواصل ناقمًا على من ينادى بثورات أو احتجاجات: "اللى ميشفش من الغربال يبقى أعمى.. الكلام والاعتراض هدم وليس بناء، جربنا الثورة فى 25 يناير، تخلصنا فيها من نظام استمر فى الحكم طوال ثلاثين عامًا، وبعدها اكتشفنا أننا استبدلنا أشخاصًا بآخرين، وكذلك ما حدث فى 30 يونيو، والنتيجة كانت فى الآخر انحراف البلد لطريق غير معلوم.ويخلع "ح.ص"، مواطن، عباءة الخوف قليلا، ويضيف: "النظام لدى عليه تحفظات كثيرة، سواء من حيث ترتيب الأولويات أو على مستوى الحكومة، وكذلك الإعلام، ولكن لا أقبل الخروج عليه"، مستدلاً بنظرية آينشتاين: "الغباء هو فعل نفس الشىء مرتين، بنفس الأسلوب، ونفس الخطوات، مع انتظار نتائج مختلفة"."شبح الإخوان"تحدث "ص.ن"، مواطن، وهو ينظر إلى السماء راجيًا من الله تيسير الحال: الإعلام بيضلل الناس، وكل يوم بيعرض فيديوهات وأخبار عشان يخوف بيها الناس، ويقنعهم دايمًا إن البلد عليها مؤامرة كبيرة"، مضيفًا: "الناس كمان بتخاف تتكلم أو تعمل أى شىء لأن كله فى النهاية هيكون فى صالح الإخوان وتيار الإسلام السياسى، وده اللى الغالبية العظمى رافضينه، ولن يقبلوا بعودة الجماعة لحكم البلد مرة أخرى".ويتابع: "المواطن يتقبل الوضع غصبا عنه، لأنه يجد أن ذلك أفضل من حدوث شىء آخر يتسبب فى أمور يندم عليها الناس بعد ذلك، خاصة وأنهم جربوا ثورتين والنتيجة واحدة"، مضيفا: الكثير رفضوا النزول فى "11/11"، بسبب الخوف من أن يستفيد منها الإخوان، فالشعب لم ولن يمكنها مرة أخرى، كلما أعلنت أو تبنت دعوة سياسية للتظاهر، مشيرا إلى أن الجماعة تسببت بشكل كامل فى إحجام المواطنين عن تلبية دعوات جديدة للاحتجاج على الظروف الاقتصادية."الحاكم والقلق"ولى الأمر أو الحاكم فى أغلب الأحيان يكون مصدر قلق وخوف للمواطنين فى الدول العربية كافة وليس مصر وحدها، منذ قديم الأزل، فإذا ما تتبعنا الأوضاع الداخلية نجد أن الشعوب دائمًا تواجه تضييقًا فى القدرة على التعبير أوالاعتراض على أوضاع معينة، يراها المواطن غير منصفة أو منحرفة عن المسار الصحيح.وينبع الخوف لدى المواطنين، من كون الحاكم يخشى دومًا من تعبير شعبه عن مطالبه، خوفًا على الكرسى، ويستخدم فى سبيل الحفاظ عليه كل الوسائل التى تجعله يمنع أى محاولة تحول دون بقائه فى منصبه، من إطلاق رصاص، أو اعتقالات تعسفية، فيصرون على سياسته حتى وإن كان هناك معارضة، وهو ما يولد الجبن لدى المواطن فى أغلب الأحيان. " مصير سوريا" خسائر يتكبدها كل يوم بسبب الأوضاع الاقتصادية، وغلاء الأسعار، ما يجعل هناك عزوفا من المواطنين عن الشراء، هذا ما يرويه "ع. م"، والذى يرى "أنه رغم من كل من ذلك، فإنه يطالب الشعب، بأن يتحمل الوضع تجنبًا لانهيار الدولة والوصول لمصير سوريا والعراق".ويشير "ع.م"، إلى أن المشاهد التى تتناقلها وسائل الإعلام، من قتل فى سوريا والعراق تجعله يخاف على مستقبل أسرته، إذا ما حدث أى انهيار للسلطة أو ما شابه ذلك"."الخوف أمر طفولى، يعيش به المواطن المصرى من الصغر ويكبر معه، بسبب الأحاديث عن عدم النضوج الفكرى والعاطفى للشعب، ومحاولة تصدير هذا بشتى الوسائل"، هذا ما أكده الدكتور أحمد عبد الله، أستاذ الطب النفسى، والذى يرجع الخوف الذى يعيشه الشعب المصرى، هو مشكلة أساسية نابعة من الأحاديث التى تروج حول تكرار سيناريو دول أخرى. "فزاعة المؤامرة" دائمًا ما تسيطر على عقلية المواطن نظرية المؤامر على الدولة، وهى منتشرة فى مصر منذ فترة كبيرة من منطلق الخوف على أمن واستقرار مصر، وأدت هذه النظرية إلى قبول المصريين للأوضاع التى يعيشون عليها، خوفًا من مواجهة مصير دول الربيع العربى، حتى وإن كان ذلك سيجعلهم يتخلون عن مبادئ ثاروا لأجلها.الشعب المصرى دائما ما يكون أسيرا للخوف واستسهال الأمور، وهو ما كشفته العديد من الدراسات والتى أكدت أنه من خلال تتبع عمليات البحث التى يقوم بها المصريون على محركات البحث المختلفة على الإنترنت، يكتشف أنه يسير وفق ثقافة الخوف، والتى يتولد عنها عدم الثقة فى النفس والقدرة على العمل المستقل.وألمحت الدراسات إلى أن المواطن المصرى لديه اعتقاد أن الأعداء المتآمرين فى الداخل والخارج، هم من يحركون الأحداث، وبالتالى لا بديل من الاستسلام أو المقاومة، وأن هزائمهم ليست منهم بل هى نتاج مؤامرة قوى داخلية وخارجية، دون تحديد لهولاء الأعداء، وما إذا كانوا جهات أم دولا بعينها. "خوف من الأمن" يسيطر الخوف من القمع الأمنى على المواطن المصرى بشكل كبير، على الرغم من قيام ثورتى الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو، فما زال الخوف هو المسيطر على وجدان المواطن، فحالات التعذيب والانتهاكات والاختفاء القسرى، التى نسمع عنها كل يوم تجعل المواطن فى حالة فزع من الداخلية والجهاز الشرطى برمته، فما يمر يوم حتى تسطر الصحف وتنشر المواقع الإخبارية حالات لا تزال باقيا أثرها فى نفوس وعقول المواطنين لا تنسى أبدًا. فواقعة مجدى مكين، ضحية الداخلية لم تخمد نيرانها بعد، والذى قبض عليه بصحبة عامل فى قهوة وصاحب كشك وتعرضوا للضرب والتعذيب داخل القسم مما تسبب فى وفاته بعد ساعتين من التعذيب بعد أن أخطأ المجنى عليه ولمست عربيته الكارو مصدر رزقه الحلال فى سيارة شرطة تقل أمناء وضابطا، ما أثار غيظهم ليقابلوا هذه الإساءة البالغة بتتبعه والركض خلفه بعد أن تملكه الخوف وحاول الخلاص بالعدو منهم، ولكنهم لاحقوه حتى أوقعوا به واصطحبوه للقسم ليلقى مصيره من الإهانة والتجريد من الملابس والدهس عليه بالأحذية وإجباره على الجلوس على الفحم حتى لقى حتفه، والسبب صدمه وخدشه لسيارة الشرطة التى قد لا يتعدى إصلاحها جنيهات معدودات. وفى هذا السياق يقول "د.ف" إن الأمن المصرى يمثل للغالبية العظمى فى المجتمع المصرى البعبع، وليس الأمن كما هو معروف، وأنه قد لا يلجأ أبدًا لشرطى حال مروره بمشكلة مخافة التعنت الأمنى وسوء سمعة الشرطة، مستكملا حديثه: "أنه من سكان قرى الصعيد، وأن أهل القرية لا يذهبون إلى أقسام الشرطة أبدًا ولا يجدون ريحها، وخاصة إذا ما وقع خلاف بينه وبين أحد من سكان القرية أو القرى المجاورة، وأن مبدأ أخذ الحق بالذراع هو السائد فى جميع القرى"، وبسؤاله عن السبب أكد أن الواسطة والمحسوبية لهم اليد العليا وليست الحقوق، مضيفًا بأنه يخشى أن يكون هناك علاقة معرفة بين الطرف الثانى للخلاف وبعض العاملين بالقسم ما سيضعه فى أزمة ويدفع به للتهلكة ويجد نفسه مدانا ومذنبا وستلفق له العديد من الاتهامات لإرضاء الطرف الآخر."التعذيب والذاكرة"وفى سياق متصل يقول "س.خ" من محافظة الشرقية: أنا لم أذهب لقسم الشرطة يومًا وذلك لسوء معاملة الأمن للمواطنين وما يترامى إلى مسامعى كل يوم عن انتهاكات للأمن ضد المواطنين، ولعل ما حدث لمجدى مكين سائق العربة الكارو لم يغب عن مخيلتى للحظة وليس مكين فقط بل طلعت شبيب أيضا وغيره وغيره، فدائما أرى أن الشرطة مصدر تخويف وترويع وليس أمانا كما هو المفترض أن تكون. وفى رأى مشابه يقول "م.ح" من إحدى قرى المنيا، الشرطة تتعامل مع المجرمين والخارجين على القانون بكل مودة وتجمعهم صلة جيدة، مضيفًا بأن عتاولة المجرمين فى قريتهم تجمعهم مصالح بالأمن والقسم التابع لهما قريته، معبرًا بذلك بقوله "أمن إيه إحنا اللى بنأمن نفسنا ولو ملكش ضهر فى البلد هتضرب على بطنك أصل الداخلية مش هتحميك". ويقول "ف.س"، مواطن: انتهاكات الشرطة مستمرة ولم تنته رغم ثورتى يناير ويونيو، فالتعذيب مستمر والانتهاكات مستمرة، والمواطنون فى رعب وفزع، وحكى "ف.س" بأنه كان منذ أيام فى أحد أقسام القاهرة لإتمام مصلحة وتعرض للسب والقذف من قبل أحد أمناء الشرطة لجلوسه على السلم بعد أن تملكه التعب لمرضه، ولم يقف أثناء مرور الشرطى أمامه، وفوجئ بالأخير ينهال عليه بالسب والقذف والإهانة وقام بجذبه من ذراعه وتوقيفه فى الطابور والزحام مرددًا: "ربنا يريحنا من أرفكوا ومن أشكالكوا دى"، ويقول: أنا لم أرد عليه حيث تملكنى الخوف بشكل كبير وكل ما قمت به هو محاولتى بتهدئته، وقلت له أنا زى أخوك الصغير يا بيه، وذلك عقب تهديده غير المباشر لشخصى. وكل ما سبق، يؤكد أن الثورة الحقيقية التى نحتاجها هى ثورة إنتاج، ثورة فكر، ثورة إبداع، ثورة ابتكار، ثورة على الإهمال، ثورة على الفساد، ثورة على الجهل، ثورة على الأمية، ثورة على الغباء، ثورة على التخلف، ثورة على الفقر، ثورة على العشوائيات، ثورة على القبح.. والأهم ثورة على الخوف الذى يسكننا؛ هذه الثورة تتطلب بذل أقصى جهد، كل منا فى مجاله.. فهل نحن مستعدون؟!

اقرأ أيضا