المسرح بين الماضي والحاضر والمستقبل

السبت 26 نوفمبر 2016 | 07:56 مساءً
كتب : محمد محمود

يعد المسرح قيمة كبيرة للدولة وللجمهور ويعتبر أبو الفنون جميعها حيث بدأه الإغريق والرومان وظل مواكبا للعصر حيث أنه كان الوسيلة الوحيدة للترفيه علي مر العصور قبل ظهور السينما والتليفزيون.  والوقوف علي خشبة المسرح له رونقه وهيبته الخاصة غير الوقوف أمام الكاميرات تماما فالفيديو يمكن ان تعيد فيه المشهد أكثر من مرة ليخرج بالشكل الذي يريده مخرج العمل والممثل الذي يقف أمام الكاميرا ولكن علي خشبة المسرح الوضع مختلف تماما فالممثل يخضع لعدة بروفات قبل العرض ووقت العرض يجب أن يكون زهنه حاضر تماما ولا يجب أن ينسي كلمة واحدة ولو ذكرنا ظروف المسرح قديما وحديثا والتقدم الذي حققه سنذكر بكل تأكيد الملقن فلو شاهدت مسرحية قديمة نوعا ما ستجد علي مقدمة خشبة المسرح من جانب الجمهور شيء عبارة عن غطاء في الحقيقة هذا ليس شيء جمالي ولكنها غرفة يجلس بها شخص إسمه الملقن ومعه السيناريو كاملا وكان يذكر الممثلين بكلامهم إذا تعرضو إلي النسيان إلي نص السيناريو وهذا كان له دور كبير في إخراج المسرحية بشكل سليم ومقنع ولم يكن يسمعه أحدًا غير الممثل الذي كان يضطر في بعض الأحيان إلي تغيير مكان وقوفه علي خشبة المسرح المتفق عليها في النص لسماع صوت الملقن لأنه كان يتكلم بصوت منخفض جدا حتي لا يسمعه أحد من الجمهور.ولو رجعنا بالعمر إلي العام 1973 في الرابع والعشرون من اكتوبر عرضت مسرحية مدرسة المشاغبين واللتي شاهدها المصريين والعرب بجميع فئاتهم وطبقاتهم وأعمارهم وحتي الأن تعتبر المسرحية إرث مسرحي قدمه لنا الفنانين الكبار عادل إمام وسعيد صالح وأحمد ذكي ويونس شلبي وهادي الجيار وحسن مصطفي وسهير البابلي وهي مسرحية كوميدية ارتجل فيها الفنانون في أكثر من مشهد وخرجو عن النص ولم يكن هناك ملقن ولكن خرج العمل بشكل رائع نشاهده حتي الأن ونضحك عليه من أعماق قلوبنا.وبعدها بفترة ليست بالكبيرة قدم الفنانون نفسهم دون عادل إمام وسهير البابلي وهادي الجيار مسرحية أخري بعنوان العيال كبرت وهذه المسرحية تحدت كثيراُ من النقاد ولم تقل أهمية عن مدرسة المشاغبين حيث أن العيال كبرت مسرحية كوميدية في إطار إجتماعي قدمت قضية مهمة جدا للنقاش وهي كيفية تعامل رب الأسرة مع اسرته.وفي كل هذه العروض كانت الصالات مملوئة تماما بالجمهور الذي كان يخرج من بيته ليشاهد فن حقيقي يقدمه فنانون علي قدر كبير من المسؤولية تجاه ما يفعلوه فهو عملهم المطرز بالموهبة الفزة التي يمتلكها هؤلاء الفنانون مرورا بمسرحيات كثيرة قدمت علي خشبة المسرح مثل سك علي بناتك للفنان الكبير الراحل فؤاد المهندس وريا وسكينة للفنانة العظيمة شادية والقدير الراحل عبد المنعم مدبولي حتي جاء جيلًا جديدًا من الفنانون مثل الكومديان الكبير الراحل علاء ولي الدين في مسرحية حكيم عيون وقدم معه كوكبة من النجوم مثل أحمد حلمي وكريم عبد العزيز والذين برزت ملامحهم الفنية ولمعت نجوميتهم علي خشبة المسرح وبلورت أدوارهم قيمتهم الفنية وساهمت في نجوميتهم حتي الأن.وجاء من بعدهم الفنان الكومديان الكبير محمد هنيدي حيث قدم مع الفنان احمد السقا والفنان هاني رمزي والقدير حسن حسني ومني زكي مسرحية عفروتو المسرحية الكومدية السياسية التي عرضت لفترة كبيرة من الزمن وحتي الأن نشاهدها ولها زكري خاصة في قلب كل من جيل التسعينات ولن ننسي ما قدمه الفنان الكبير عادم امام في هذه الفترة من مسرحيات مثل الواد سيد الشغال والزعيم والذين حتي الأن نشاهدهم دون ملل ولو عرضو لألاف المرات سنشاهدهم دون ملل ويجب أن يكون هناك مجال كبير للتحدث عن العبقري محمد صبحي والذي قدم علي المسرح الكثير والكثير من الأعمال الهادفة مثل إنتهي الدرس ياغبي والجوكر والهمجي وحتي مسرحية تخاريف التي سنقف عندها للحديث عن حدث جديد ومهم يضاف إلي المسرح حيث أنه قدم فيها خمس شخصيات مختلفة لأول مرة تتحدث عن أحلام بعض الشباب والتي تتمثل في القوة والجاذبية والمساواه والثروة والتسلط وهنا يجب أن نشيد بالفنان محمد صبحي والكاتب لينين الرملي حيث أنه في أخر فصل في المسرحية وهو التسلط قدم شخصية ديكتاتورية تحكم البلاد دون علم بالأشياء وإغراق البلاد في الديون وإعلان إفلاسها وكأنه سبق الزمن ليعرض في هذه الفصل ما سيحدث مرورا بمسرحيات أخري مثل ماما امريكا وكارمن وعائلة ونيس.هنا يجب أن نقول أنه انتهي دور المسرح الكبير في هذه الأونة ولحقه بشق الأنفس الفنان الكبير سمير غانم بمسرحية دو ري مي فاصوليا مع الفنان شعبان عبد الرحيم والتي انتهي بعدها زيارة المسرح لفترة كبيرة من الزمن استمرت سنوات عديدة حتي جاء الدكتور يحي الفخراني وحرص علي إحياء المسرح من جديد ويقدم الأن مسرحيته « ليلة من ألف ليلة » علي المسرح القومي بالعتبة وواكبه االنجم أشرف عبد الباقي وقرر أن يعيد للمسرح رونقه ولكن بشكل جديد يسمي سكيتش مسرحي دون فصول أو أجزاء أو مشاهد ولكن هذا واكب العصر كثيراُ وبالفعل رجع الجمهور إلي المسرح وكون عبد الباقي فرقة من الشباب برزو بسرعة البرق لتقديمهم ما يفهمه الجيل الحالي من كلام ومعاني وافيهات مأخوذة من المشاهد نفسه واحبهم الجمهور كثيراُ حيث كان من المفترض أن يلحق النجم محمد سعد باشرف عبد الباقي في تقديم نفس النوع من المسرحيات بعنوان وش السعد ولكن لم يحالفه الحظ في الانتشار او حب الجمهور وبقي مسرح مصر إلي الأن هو المقوم الوحيد للمسرح والمحيي لزكراه ونأمل كثيرًا في رجوع الممثلين إلي خشبة المسرح ورجوع الجمهور أيضا إليه بعد أن ترك مهجورًا فترة كبيرة من العمر