إمبراطورية السايس

السبت 28 يناير 2017 | 02:40 مساءً
كتب : بلدنا اليوم

- مثلى مثل الغالبية العظمى من المصريين فلقد عاصرت مراحل تحول تلك الظاهرة من مجرد ظاهرة عابرة إلى مرحلة الواقع الأليم .. و هى تلك المراحل التى أود مشاركتها مع حضراتكم كنوع من التنفيس الشخصى و ليس محاولة البحث عن حلول لا سمح الله !! (١) البداية كانت عن طريق تقديم بعض الخدمات الإضافية طوال فترة الإنتظار مثل تنظيف السيارة أو على الأقل حمايتها ، و هنا يمكن إعتبار إن ما يدفعه العميل هو حق مقبول لأنه مقابل خدمة إجتهد صاحبها نوعاً ما فى تقديمها و بالرغم من ذلك فقد كان مقابل هذه الخدمة لا يخضع للنقاش أو الفصال من سايس هذه المرحلة البريئة. (٢) تطورت الظاهرة لاحقاً لتشمل توفير أماكن الإنتظار بالمناطق المزدحمة التى تتطلب مهارة خاصة فى ركن السيارات و تنظيم صفوفها ، و هنا بدأت رحلة الفهلوة المصرية الشهيرة من إدعاء السايس قيامه بعمل بطولى رغم بساطته و لكن هذا أيضاً يمكن إدراجه تحت بند الحقوق كونه مدفوع لشخص بذل مجهود فنى و بدنى بشكل او بآخر حتى ولو كان عمل بسيط تم تضخيمه. (٣) فى نقطة تحول مرعبة تحولت الظاهرة لاحقاً من مقابل مدفوع كشكل من اشكال الصدقة إلى حق مكتسب للسايس المبجل الذى يضع تعريفة ثابتة لمكان الإنتظار يدفعها قائد السيارة مقدماً بمجرد إطفاء محرك سيارته و قبل حتى محاولة النزول منها ، و هنا بدأت مرحلة البلطجة و فرض الإتاوات و الإستغلال العلنى الممزوج بإحتكار صريح لشوارع عامة فى صورة واضحة من صور الفساد لا تقل وطأة عن غيرها التى يدعى محاربتها ذات هؤلاء مَن يتعاطفون مع السايس فى تناقض غريب. (٤) طور سايس العصر الحديث من مهنته و فتح لها آفاق جديدة عبر الشراكة مع حراس العقارات الذين يتفننون فى وضع كافة أشكال البراميل و الصفائح تحت حجة حجز المكان لسكان العقار و كأن هؤلاء السكان الأفاضل أفضل مننا أو كأنهم لا ينتظرون بسياراتهم تحت منازلنا جميعاً خلال تنقلاتهم اليومية التى تتم بينما كانت أماكن سياراتهم محجوزة بإنتظار عودتهم الميمونة مع إمكانية إستخدامها كسبوبة للحارس و السايس فى أوقات الفراغ!! (٥) لم تنتهى مراحل التطور حتى أصبح السايس هو الحاكم بأمره فى شوارع المحروسة بداية من منطاقها الشعبية مروراً بأحيائها المتوسطة و الراقية ، فهذا السايس الظاهرة أصبح يمارس سُلطاته فى كل ارجاء المدينة سواء كان ذلك فى مناطقها المزدحمة أو كان فى أطرافها الحديثة التى تم تخطيطها بشكل جيد إلى حد كبير و لم تكتظ بعد بالسكان و لكن ذلك لا يمنع لقائك هناك بهذا السايس الذى يتظاهر بمساعدتك فى ركن سيارتك الصغيرة فى مكان يتسع لعشر سيارات غيرها !! - السؤال الأول هنا هو لماذا يتعاطف البعض مع هؤلاء؟ و لماذا يعطيهم المواطن من ماله الخاص إتاوة صريحة بداعى الإحتياج بينما الجميع يعلم إن أقل دخل للسايس فى اليوم لا يقل عن 300 جنيه و هو غالبا أكثر من الدخل اليومى المواطن المحترم الذى فُرضت عليه الإتاوة!! و حتى لو فرضنا إن هذا نوع من أنواع العدالة الإجتماعية تجاه مواطن كادح غلبان فيبقى أيضاً السؤال و لماذا هذا الشخص تحديدا هو مَن يستأثر بنصيب الأسد من توزيعات المواطنين و هل يظل هذا السايس هذا الحمل الوديع إذا فكر غلبان آخر مشاركته الرزق أم حينها يتحول لوحش كاسر!! - السؤال الثانى(و هو الاكثر أهمية) لماذا لا تكون المبالغ المدفوعة قهراً للسايس هى مصدر إيراد للدولة من خلال دفعها بشكل إلكترونى مميكن كما تم تطبيقه من قبل بمنطقة وسط البلد و كما يطبق فى العالم أجمع منذ زمن بعيد ، أو حتى يتم التطبيق بشكل بدائى عن طريق دفتر التذاكر المسلسل و المختوم بختم النسر بحيث يتمكن المواطن من ترك سيارته فى اماكن محددة مسبقاً من المحافظات و الأحياء مما يخلق ايضاً سيولة مرورية مطلوبة و بشدة بجانب كونها مصدر إيراد لا يستهان به .... و لكن كل هذا يسقط أمام إمبراطورية السايس !!

اقرأ أيضا