'اخراس' النشطاء على الطريقة السعودية

الخميس 30 مارس 2017 | 03:02 مساءً
كتب : بلدنا اليوم

عندما ترى صورةً من الماضي الذي ليس ببعيد أبداً، تجد ملك مصر الملك فاروق الأول جالساً على العرش ومن خلفه ملوك العرب الذين كان يمنعهم البروتوكول من الجلوس في حضرة ملك مصر. تعاقبت الأزمنة وتوالت العصور، وشهدت مصر تراجعاً إقليمياً هوى بها إلى غياهب مظلمة، سحبت المملكة العربية السعودية بساط الزعامة العربية من تحت أقدام مصر رويداً رويداً بالحرب الدينية، حتى جلست المملكة على قمة الدول العربية لتنازع مصر في مكانتها، على الرغم من التفاوت الصارخ ثقافياً وحضارياً و تاريخياً، ويا لخسارة مصر الفادحة عندما ارتضت تلك الهزيمة، وفتحت بابها على مصراعيه لترسل أبنائها للخليج فيعودوا محملين بالعقيدة الوهابية والأنماط السلفية في المعيشة، وفي نفس الوقت استقبلت على أرضها فكر السلفية ورعاة الوهابية متمثلين في الشيخ محمد متولي الشعراوي وبعض الأزهريين كالشيخ جاد الحق والشيخ يوسف البدري والشيخ عطية صقر وغيرهم. واليوم وبعد ثورتين متعاقبتين كان أولى شعاراتهم " الحرية" ، وبعد ثورة ٣٠ يونيو التي لم تقم سوى بسبب الدستور والقانون الذي يكفل حرية المعارضة، لم يكتف بعض نواب البرلمان فقط بإثارة القضايا التي تشتم منها رائحة سلفية وهابية غير مريحة، كالختان و كشوف العذرية ومهاجمة أي قرارات ليبرالية التوجه كمنع النقاب وإلغاء خانة الديانة في جامعة القاهرة، بل يخرجون علينا اليوم بمطالبات لاستنساخ التجربة السعودية في القمع و تقييد الحريات و التمييز، كما طالب النائب أحمد رفعت عضو لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. سيادة النائب المصري يشيد بإغلاق المملكة لحساب الناشط السياسي "عوض القرني" على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" بصفته من أكبر المحرضين ضد مصر عقب ثورة ٣٠٠ يونيو تأييده للمعزول محمد مرسي، بل ويطالب بإعدام كل من يقوم بالتحريض ضد الوطن في مواقع التواصل الاجتماعي، ليغلق الباب في وجه كل المحاولات لضرب العلاقة بين جناحي الأمة العربية والإسلامية! مما لا يدع مجالاً للشك أننا جميعاً نستاء من الحسابات المحرضة ضد مصر على مواقع التواصل الاجتماعي، ونتأذى كثيراً من كم الحقد والتشويه و تزييف الحقائق الذي تزخر به هذه الصفحات، ولكننا لو تكلمنا من المنظور الدستوري والقانوني، فإن مطالبة كهذه تضع مصر في مصاف الدول القمعية المعادية للحريات وحق المعارضة، كما تجعل من مصر تابعاً لسياسة المملكة الظلامية التي تقيم مؤتمرات نسائية بلا أي حضور نسائي، وتناقش فوائد بول الإبل في مؤتمرات طبية، وتمنع المرأة من السفر والعمل و لزواج بدون ولي ولا تراها صالحةً حتى لقيادة السيارة! فهل أصبحت المملكة العربية السعودية المصنفة عالمياً على قائمة الدول غير المعنية بالحريات هي النموذج الأمثل للمسؤولين في مصر؟ الأحرى بكم يا سادة أن تطلعوا على تجارب الدول المتقدمة و تحاكوها، أن تبحثوا عن الإنجازات والأعمال التي تخرس أي لسان معارض للنظام وتضعه في نصابه الصحيح، أن تدعموا حرية الرأي والفكر والمعارضة لكي تكتسبوا المصداقية ولا تزيدوا من إحتقان الشارع، لا أن تطالبوا بمزيد من القمع و التأييد، وتريدون محاكاة نظام قمعي يقطع الأعناق و يبتر الأعضاء في دولة كادت أن تصبح إحدى منارات العالم حضارةً وثقافةً وفناً و تاريخاً لولا العاقين من أبنائها أمثالكم والذين يريدونها في الظل مختبئة تحت عباءة سعودية قاتمة

اقرأ أيضا