عصر الصورة!!

الاثنين 29 يناير 2018 | 03:40 مساءً
كتب : بلدنا اليوم

الصورة بألف كلمة، الصورة تتحدث عن نفسها، الصورة خير دليل، تلك العبارات وغيرها هى نموذج بسيط لما علمناه سابقاً عن أهمية مدلول الصورة. الصورة تختصر الحوارات الجدلية وتقطع المسافات الطويلة لتكون فى غضون ثوان معدودة بمثابة الحُكم القضائى الذى هو عنوان واضح للحقيقة كما يعلم الجميع، لكن هل طريقة عرض الصور وبالتالى الحكُم عليها مُحايدة مُنزهة من كل الأغراض كما يُفترض أن تكون حيثيات الحُكم القضائى؟ هل الصورة حقيقة كاملة ام حقيقة منقوصة لا تختلف كثيراً عن الكذب؟ هل الصور تُعد دليل دامغ على حقيقة ما ام هى مجرد لغة تنقل بعض الرسائل للعقول والقلوب لكن ليس كلها؟ هذا بعض قليل من أسئلة كثيرة إقتحمت خيالى فجأة بعدما سمعت تعبير(عصر الصورة)من أحدهم فى وصف عصرنا الحالى وهذا وصف دقيق الصراحة، فنحن فعلياً نحيا عصر الصورة فى كافة مناحى الحياة التى لا ينجح فيها أحد تقريباً الإ إذا حقق التكامل المطلوب بين ما يقدمه و بين الصورة التى يُعرضه فيها او حتى طريقة عرضه لنفسه وتقديمها إذا كان الرهان على الشخص ذاته. التقدم التكنولوجى المذهل فى طرق التصوير والعرض جعل الصورة لغة من أهم لغات العصر كوَنها لغة سهلة بسيطة تصل للجميع، فعلى الجانب السياسى هناك الكثير من العامة الذين تتشكل هويتهم السياسية وتتحدد توجهات أصواتهم الإنتخابية بناء على بعض الصور التى تُعرض عليهم فى ظروف غامضة!! وبما إننا فى عصر السرعة أيضاً، فعلى الصعيد الفكرى وجد الغالبية ضالتهم فى تفحص صور سريعة مصحوبة بنبذة مختصرة رأوها كافية لتشكيل وجدانهم تاركين معها الكتب والمراجع تحتل أرفف خشبية قديمة كنوع من الديكور أو بيوت دافئة للعناكب والحشرات!! حتى الجانب الإجتماعى للبشر لم يخلو من تأثير الصور بل يكاد يكون هو الأكثر تآثراً نظراً لإنتشار مواقع التواصل الإجتماعى بشكل كبير وإعتماد بعض تطبيقاتها بملايين مُستخدميها على عرض الصور فقط لا غير!! أصبحت الصورة هى الحاكم بآمره فى حياة الغالبية العظمى، هؤلاء الذين آسرهم بريق الصور وتحولت لهم وبهم الصور من مجرد وسيلة لعرض او توثيق مشهد ما إلى هدف أشمل و أعم، فالجميع تقريباً يستخدم الصور لخدمة أهدافه، لكن هل يُطبق الجميع سياسة الإستخدام العادل وفقاً للمصطلح الدارج فى شركات المحمول؟ هل يسلك الجميع طريق الشفافية فى التصوير والعرض؟ هل الصور ذاتها نقية بريئة كما تبدو ام هى مثلها مثل غيرها أداة عرض جميلة لوثتها أفكار البشر؟ بكل صراحة الإجابة عن هذه الأسئلة الإستنكارية ليست بالشيء الصعب، فالسياسين مثلا وأنصارهم كما ذكرت أعلاه يدركون أهمية الصور وعليه يستقطعون لحظات محُددة يتم توظيفها بمهارة شديدة وخبث أشد بعد دمج الصور مع بعضها البعض لعمل إسقاطات تكون وهمية غالباً لزيادة شعبيتهم او النيل بخِسة من منافسيهم!! على نفس الدرب سار معهم الإعلاميين، النخبة و شتى رموز المجتمع، فالغالبية تدور فى فلك إستغلال الصورة لتحقيق أهداف شخصية بعيدة كل البعد عن جماليات الصورة وعمُق معانيها التى قد لا تسلم من التزييف والتدليس الفج وليس فقط سوء الإستخدام!!لم يكن غريباً بعد ذلك كله أن ينضم الإنسان العادى لطابور إستغلال الصور لتحقيق أهداف شخصية، فالصورة سلاح سهل وبسيط جداً لتحقيق ما عجزت عنه ألسنة وعقول البعض، الصورة أصبحت رسالة يرسلها الشخص لغيره من البشر و ليس بالضرورة ابداً ان تكون رسالة موجهة مباشرة لحبيب أو عدو بقدر ما هى رسالة عامة مُرسلة للجميع عن شخص وجد فى الصور أفصل مقدمة عن ذاته .. والأهم إنه وجد مَن يُصدقونه!!

اقرأ أيضا