«التشريع في مصر».. أزمة قوانين دقيقة تصطدم بحقيقة التطبيق

الاثنين 30 أكتوبر 2017 | 09:56 مساءً
كتب : مصطفى محمود

«الدقة المتناهية الصياغة الجيدة، التعريفات الواضحة المصطلحات الرائدة»، تلك العناصر مجتمعة تشكل وبحق القوانين والتشريعات المصرية، لكن الفجوة الحقيقية تكمن في أزمة تطبيق تلك التشريعات على أرض الواقع في الشارع المصري.صناعة التشريع تواجه أزمة حقيقيةالدكتور شوقي السيد، الفقيه الدستوري، أكد أن هناك أزمة حقيقية في صناعة التشريع بمصر، وهو ما أدى إلى وجود اضطراب في الواقع المصري، مؤكدًا أن مجلس النواب يمتلك من الآليات ما يسمح له بإصلاح البيئة التشريعية.وطالب «شوقي» بضرورة تطبيق الرقابة الشعبية اللاحقة من خلال لجنة برلمانية متخصصة، لمتابعة آثار التشريع، مضيفًا أن التشريعات يتم صياغتها بشكل جيد للغاية وبدقة كاملة إلا أن التطورات التي تحدث وتغيرات ظروف الحياة تتطلب إعادة النظر في التشريع مرة أخري.القوانين يشوبها عدم دستوريةالدكتور فؤاد عبد النبي الفقيه الدستوري، أكد أنه إذا لم تتوافق القوانين مع الواقع ومع إرادة الجماهير، ستقابل برفض تام، لأن القوانين في الأساس هي استجابة لمتطلبات واحتياجات الجمهور، فلو انتفى نبض الجمهور، فلن يكون هناك قيمة فعلية للتشريع .وأضاف «عبد النبي»، أن هناك العديد من القوانين التي تندرج تحت هذه الإشكالية، منها قانون العاملين، الذي من المتوقع أن يتسبب في إهدار لحقوق العمال، وقانون الجنسية لا يعبر عن الجماهير ولكنه يعبر عن طبقة معينة لديها حقد تجاه أبناء المجتمع، وقانون عزل رؤساء الهيئات الحكومية ذلك الذي لاقى استهجان من قبل الشعب وفيه تعد ومخالفة للدستور، وقانون السلطة القضائية لسنة 2017، سينتج عنه تغول للسلطة التنفيذية في السلطة القضائية. وتابع: «عمومًا القوانين في مصر يشوبها عدم دستورية، وللأسف الشديد لا تعبر عن متطلبات الشارع المصري أو تتفق مع الدستور وتلبي المصلحة العامة، فمصيرها إلى الأدراج».القوانين قديمة ولا تتواكب مع الأحداث الدكتور نبيل مصطفى خليل، أستاذ القانون بأكاديمية الشرطة، قال إن هناك عديد من الجوانب التي يتميز بها القانون، منها الجانب المنطقي والجانب الواقعي والجانب التشريعي، وتلك الجوانب الثلاثة لا تتواءم تماما، ولأن القانون يتسم بالجمود، فهو لا يلاحق التطورات السريعة، وبالتي يحدث تخلف في مواكبة الأحداث .وأوضح «خليل» أن هناك العديد من الجرائم كالتحرش أو الاعتداء على الأراضي الزراعية، فهي تعد من الجرائم المستحدثة، والقانون ثابت وقديم ولا يتواءم مع اللحظة الآنية ويتم تعديله في اللحظة ، فبالتالي هناك أزمة في التنفيذ بالإضافة إلى عدم ملاحقة القانون للأحداث المتكررة، لأن ظروف الحياة تعتبر سريعة ومتلاحقة جدا.واستطرد: «ستظل تلك الإشكالية مستمرة، ما لم تكن هناك مبادرة من البرلمان والحكومة، و المبادأة دائما تأتي من الحكومة فهي تعتبر مصاحبة بطريقة مباشرة لتلك الأزمة، ويجب عليها تقديم مشروعات قوانين سريعة جدا من أجل أن تتواكب مع الظروف، وعموما هناك تحسن ملحوظ في تلك القوانين، لكنه لا يزال ينقصه الكثير من أجل المواءمة السريعة لتلك الأحداث».وختامًا يمكن القول، أن المراحل التي تمر بها صناعة القانون، بداية بالظروف أو الوقائع أو المناسبة، التي اعتبرت أن إصدار ذلك القانون أمرا فعليا لا بد منه، مرورًا بمناقشته وصياغته إلى أن يتم إقراره، وتلك هي أسهل المراحل التي يمر بها القانون، لكن الجانب الأصعب دائما هو المحاولة الجدية التي تستلزم تطبيق ذلك القانون في أرض الواقع، ذلك ما يفرض على الأذهان دائما التساؤل بشأن تلك الفجوة التي تكمن في التطبيق الفعلي للقانون على النحو الأمثل الذي يمكن القول، أنه وبحق يستحق أن يطلق عليه لقب «قانون».

اقرأ أيضا