أرعبت العالم.. أشرس طائفة عربية عرفها التاريخ

الاثنين 14 أكتوبر 2019 | 10:59 مساءً
كتب : إسلام السايس

أسطورة من أساطير القتل منذ مئات السنين، أرعبت العالم من بطشها، وضمت أمهر المقاتلين المسلمين، تم تأسيسها في زمن الحروب الصليبية، هي طائفة "الحشاشين"، التي انبثقت من الدولة الفاطمية، وكانت مصدرا للكثير من القصص والحكايات التي تراوحت بين الحقيقي والخيالي، وذلك بسبب الطبيعة الغامضة للفرقة التي سيطرت على المشهد منذ أواخر القرن الحادي عشر حتى القرن الثالث عشر الميلادي، ونسجت الكثير من الخيالات حول مؤسسها حسن الصباح وقلعة الموت الحصينة التي اتخذها معقلا له.

الحشاشون ليس من لفظ أنهم يشربون مخدر الحشيش

قد يعتقد الكثير أن كلمة "الحشاشون" تأتي من شرب هذه الطائفة مخدر الحشيش، لكن الحقيقة أن النصوص الإسماعيلية، والنصوص الإسلامية المعاصرة لم تشهد بالاستعمال الفعلي للحشيش من قبل أتباع الحشاشين، ولا النصوص الإسماعيلية التي تمت استعادتها حتى الآن، ولا أياً من النصوص الإسلامية غير الإسماعيلية المعاصرة التي كانت معادية للنزاريين تشهد بالاستعمال الفعلي للحشيش من قبل النزاريين، أما التفسيرات الأخرى فتقول إن أصل الكلمة يعود الى كلمة "أساسان"، أي القتلة أو الاغتياليون، وهذه لفظة كان يطلقها الفرنسيون الصليبيون على الفدائية الإسماعيلية الذين كانوا يفتكون بملوكهم وقادة جيوشهم، فخافوهم ولقبوهم "الأساسان".

عبدالله رشدي مهاجمًا إسلام بحيري: غِلُّك من الإسلام معروفًا للجميع

المؤسس والعقل المدبر

حسن الصباح هو مؤسس فرقة الحشاشين، وبدأت الفكرة عندما وصل إلى مدينة أصفهان الإيرانية بعد تواجده في مصر لدراسة العقائد الإسماعيلية، وعمل على نشرها بعد ذلك، ووجد الكثير من الأتباع لدهوته لمذهبه في شمال فارس، واتخذ من قلعة آلموت الحصينة والمقامة فوق طنب ضيق على قمة صخرة عالية في قلب جبال البورج، والمسيطرة على وادٍ مغلق صالح للزراعة يبلغ طوله ثلاثين ميلًا وأقصى عرضه ثلاثة أميال والمرتفعة أكثر من 6000 قدم فوق سطح الأرض، معقلا له، لإبعاد أتباعه عن الخطر السلجوقي، خصوصا أن القلعة منيعة جدا ولا يمكن الوصول إليها إلا عبر طريق ضيق شديد الانحدار، وقد دخلها هو سنة 1090، ولم يغادرها لمدة 35 سنة قبل وفاته.

الاغتيالات الانتقائية كاستراتيجية عسكرية لمواجهة الخصوم

اعتمدت الإستراتيجية العسكرية لفرقة الحشاشين على اغتيال الشخصيات البارزة عند الخصوم، وقد اختلفت هذه الاستراتيجية عن السائد في عصرهم، فقد تجنب المواجهات المباشرة مع الأعداء، والتي تؤدي دائما إلى سقوط الآلاف من القتلى، وكان الفدائيون مدربين بشكل احترافي على فنون التنكر والفروسية واللسانيات والإسيتراتجيات والقتل، وكان أكثر ما يميزهم هو استعدادهم للموت في سبيل تحقيق هدفهم.

وكانت الخطة على نهج الانضمام لمعسكر الاعداء والخدمة فى صفوف جيشهم أو القصور الملوك حتى يتمكنوا من الوصول لأماكن إستراتيجية تساعدهم على تنفيذ المهمات المنوطة بهم، و هكذا فقد نفذوا طيلة ثلاثة قرون اغتيالات ضد الأعداء الدينيين والسياسيين للطائفة الإسماعيلية، وكانت هذه الهجمات تشن غالبا في الأماكن العامة على مرأى ومسمع الجميع لإثارة الرعب. ونادرا ما نجا الفدائيون بعد تنفيذ مهامهم، بل إنهم لجؤوا في بعض الأحيان إلى الانتحار لتجنب الوقوع في أيدي الأعداء.

أيها العرب .. بهذه الأدوات ستردعون أردوغان

العداء مع صلاح الدين الأيوبي

يعود العداء بين فرقة الحشاشين والناصر صلاح الدين الأيوبي، نتيجة محاربة صلاح الدين للدولة الفاطمية التي ينبع منها الطائفة الإسماعيلية أصل الحشاشين، حيث طرد صلاح الدين الفاطميين من مصر، واستولى على الحكم، وحولها من المذهب الشيعي إلى السني، فوقعت أول محاولة لاغتياله سنة 1174 بينما كان يحاصر حلب، فتمكن بعض الحشاشين من التسلل إلى معسكر صلاح الدين وقتل الأمير أبو قبيس، لكن صلاح الدين نفسه لم يصب بأذى، وحدثت محاولة أخرى سنة 1176 عندما كان صلاح الدين يحاصر عزز حيث تمكن بعض الحشاشون المتنكرون بزي جنود جيش صلاح الدين من التسلل لمعسكره ومهاجمته، وتمكنوا من قتل العديد من الأمراء، ولكن صلاح الدين نفسه لم يصب سوى بجروح بسيطة بفضل الدروع التي كان يرتديها، وقد اتخذ على إثر هذه الأحداث احتياطات واسعة للحفاظ على حياته، فكان ينام في برج خشبي أقيم خصيصا له، ولم يكن يسمح لأحد لا يعرفه شخصيا بالاقتراب منه.

النهاية

انتهى الوجود الفعلي لفرقة الحشاشين في بلاد فارس مع الغزو المغولي، ففي سنة 1256 سارع المغول إلى تسلق جدران قلعة الموت التي بقيت صامدة بوجه أقوى الغزوات، وأبدى هولاكو إعجابه بمعجزة البناء العسكري للقلعة، ثم أمر جنوده بهدمها، ولم يستثن المكتبة، التي التهمتها النيران على مدى سبعة أيام ضاعت خلالها مصنفات لا يحصى عددها، ثم قام المغول بجمع أعداد كبيرة من الإسماعيليين بحجة إحصاء عددهم، فقُتلوا جميعا، واستمروا بإقامة المذابح الرهيبة في كل مكان وجدوا فيه الإسماعيليين، فضلا عن هدم قلعة الموت، لينتهي بذلك وجود الإسماعيليين في فارس.