"أم بيجو" رفضت التهجير واجهت قسوة الحرب بصناعة الحلوى

الاربعاء 30 أكتوبر 2019 | 03:54 صباحاً
كتب : هناء عبد المبدي

"يا بيوت السويس يا بيوت مدينتي ..استشهد تحتك وتعيشي إنتي" ليست مجرد أغنية يرددها أبناء السويس فحسب، بل هي واقع حقيقي يعبر عن مدى عشق السوايسة لتراب مدينتهم، أم بيجو واحدة من هؤلاء الذين أسرهم حب المدينة وفضلوا العيش فيها تحت نيران القصف وويلات الحرب، وقسوة العيش، على أن يغادروها لحظة واحدة.

اسمها الحقيقي فايقة إسماعيل قنديل، لكنها تعرف باسم "أم بيجو"، تعيش فى منطقة "الغريب" ، رفضت أن تترك المدينة بعد العدوان الإسرائيلي عام 1967، وفضلت هي وزوجها "أمين" البقاء والتطوع فى المقاومة، تقول " أم بيجو" هاجر الكثيرون بعد العدوان لكن أنا وأمين قررنا البقاء والتطوع فى المقاومة، تطوعت فى المستشفى الأميري، وكنا نتدرب على كيفية التمريض و عمل الإسعافات الأولية، أما زوجي فقد تم تكليفه بصنع المأكولات للجنود.

تحكي "أم بيجو" عن الظروف المعيشية الصعبة التى عاشوها طوال سنوات الحرب، كيف أنها تعلمت خبز وصناعة الحلويات من زوجها " أمين" لتساعده فى عمله بسبب ندرة العمال فى المدينة، ورغم قلة الإمكانيات والمواد الموجودة لصنع الأكل استمرينا أنا وزوجي فى العمل، تضيف "أم بيجو" من أجل إطعام الجنود والمقاومين.

كانت أم بيجو أثناء سنوات الحرب فتاة صغيرة، لم تتجاوز العشرينات من عمرها، لكنها لم تخف أو تهرب، بل واجهت قسوة الحرب بصناعة الحلوى فكانت تعد صواني الكنافة والقطايف والبسبوسة وتفرقها على الجنود، فى رمضان، من أجل التخفيف عنهم.

تعود "أم بيجو" بذكرياتها إلى يوم 6 أكتوبر، فتقول أنها رأت الطائرات المصرية تملأ سماء المدينة، حينها أسرعت إلى جهاز الراديو لتعلم بأن الحرب قد قامت، فبدأوا بالبحث عن بعضهم البعض وتقديم الإسعافات الأولية للمصابين.

تتوالى أيام الحرب وتشتد الضربات على المدينة الصامدة، تحكي "أم بيجو" أنها فى أحد المرات صنعت 17 صينية كنافة وأعطتهم للجنود لكن الطيران الإسرائيلى ضربهم وقتل الجنود.

تعرضت "أم بيجو" لكثير من المواقف طوال سنوات الحرب، تحكي أطرفها بالنسبة إليها فتقول" كنت مربية طيور فى ساحة البيت، جه الطيران الإسرائيلي ضربهم فى غارة، ماتوا كلهم، وما فضلش غير تلات فرخات، العساكر قالولي عايزنهم، قلتلهم خدوا اتنين وهاتولي واحدة، فجابولي حتة فرخة وشوربة".

أما عن أيام الحصار المئة، فتقول أن الأوضاع المعيشية كانت قاسية جدًا فالطعام قليل جدًا والمياه شحيحة، فكان الفرد فيهم يأخذ قطعة عيش وكوب ماء وقطعة خضار ليعيش عليهم طوال اليوم.

انتهت الحرب، ليتبقى لأم بيجو منها الذكريات، وشهادة تكريم ، وصندوق صغير احتفظت فيه ببعض مخلفات الحرب، كصاروخ إسرائيلي لم يستعمل بعد تفجير دبابتهم يوم 24 أكتوبر، وبارشوت إسرائيلي تقول أم بيجو أنها فككته وصنعت منه أربع ستائر.

تعيش "أم بيجو" الآن فى شقتها فى الغريب وقد تجاوز عمرها السبعون عامًا، تحن لأيام مضت رغم ما فيها من شقاء وقسوة وعناء، إلا إنها بالنسبة إليها أفضل وأجمل من هذه الأيام التى بلا طعم ولا معنى، على حد قولها.

ام بيجو

ام بيجو

ام بيجو

ام بيجو

ام بيجو

اقرأ أيضا