20 عامًا من الحب.."كورونا" يظهر قصة مصرية داخل الحجر الصحي بإيطاليا

الاربعاء 08 ابريل 2020 | 05:53 مساءً
كتب : محمد عماد

"ودعها ممكن يكون آخر يوم تشوفها تاني" جملة ليست بالصغيرة عندما تُقال لزوج تربطه علاقة حب بزوجته لمدة تتجاوز العقدين، كانت الحياة بالنسبة لهم حب وترتب عليه وجود أطفال ليكونوا زينة في أيامهم المُرة التي لُطِخت بمرارة الغربة، في المدينة الخالدة روما علت صرخات مصرية للمُصاحبين للسيدة التي عاشت ما يُقارب من الأربع عقود، بعد خبر إصابتها بالفيروس اللعين، وسط نظرات مذهولة من زوجها، الذى تزوجها في عام ٢٠٠٠.

وعلى جدران الحائط سند شوكت نصر الموظف المصري رأسه من هول الصدمة، حيث وجد أن حب حياته أصبح قريب من الرحيل نهائيًا، وقال شوكت عبر "بلدنا اليوم " عندما كنا نتحاور أنا وزوجتي في غرفة الصالون وأولادنا بيننا، عاد بنا الزمن لـ ٢٠ عامًا عندما جلسنا هذه المرة في بيت أهل زوجتي وحينها كنت موظف في الجامعة العمالية بمصر، جلسنا نضحك ونلعب ونحن على أهبة الاستعداد للعرس المنتظر، وبعد يومًا جميل شاركنا فيه أحبابنا قررنا السفر سويًا إلى إيطاليا من أجل هدفين أولهما العيش هناك ويكون أطفالنا "طاليان" أي حاملين الجنسية الإيطالية أما الهدف الثاني وهو العمل و"أكل العيش"، وبالعودة للصورة التي نعيشها في إيطاليا حاليًا والتي كانت فى الأول من مارس الماضي، تحدثت زوجتي معي على انفراد وقالت لي "أنا مش قادرة أخد نفسي وعندي سخونية"، طلبت الإسعاف وجاءت على الفور وعندما دخلنا المستشفى فوجئت بمقولة الطبيب "ودعها ممكن يكون آخر يوم تشوفها تاني زوجتك مصابة بفيروس كورونا".

الدموع تنساب من عين "شوكت" وهو يقول بداخل رأسه وفي قلبه صامتًا حتى لا يراه أو يسمعه أحد، يا لها من ورطة!! كيف أتركها بمفردها ونحن بيننا ٢٠ عام من الحب والذكريات، السواد ملء عيني لا أرى سوى أن أموت معها إذا ماتت، وفى شق آخر أطفالي لمن أتركهم ولمن هي تتركهم، الحمل كبير وأنا لا أستطيع العيش بدونك، حاولت الذهاب لها وبالفعل نجحت ورأيت في عينها سيل من الدموع وأنا أحدثها من مسافة كبيرة، يُعقل أن أحدثها وهي بعيد عني ولا أستطيع المسك بيديها لكي أطمئن أنا وليست هي، "هترجعيلنا بالسلامة مستنيكي".

تفاصيل طلب شوكت من الطبيب

سرعان ما توجه المصري شوكت إلى الطبيب المُعالج وتحدث معه عن إمكانية فحصه، وعلى الفور وافق الطبيب وعند الفحص تفاجئ "شوكت" بإصابته بفيروس كورونا أيضًا أصبح في حيرة كبيرة هل يفرح لمجاورة صديقة عمره ورفيقه قلبه، أم يحزن لأنه سيترك أطفاله بمفردهم، ليصبح المصري الأول في إيطاليا هو وزوجته المُصابين بالفيروس.

حكاية الصورة التي كسرت قلوب عائلته

بعد تأكد إصابته بالفيروس اللعين بادر "شوكت" بالاتصال سريعًا إلى أخوه في مصر وقام بتصوير نفسه من أجل إطمئنان أهله عليه، وهنا كانت الواقعة الأليمة عندما رأى شقيقه الدموع في عين الأخ الأكبر، ويطلب منه مراعاة أطفاله، خوفًا من الموت.

ومازالت "بلدنا اليوم" في إيطاليا تتحدث مع المصريين حتى ينتهي "شوكت" من العلاج اللازم له خلال الأسبوع المُحدد، في مدينة ميلانو الإيطالية ذهبنا إلى رامي العشري أحد القانطين هناك، والذي تحدث بشكل عام عن الوضع في إيطاليا ووصفه بأنه" مؤسف" وكان يتردد بكلامه العودة إلى مصر، ولكن كيف يحدث ذلك؟، سائلًا نفسه ويرد "المصريين الآن في موقف مُحرج لا يريدون التواصل مع أحد خاصة القادم من الصين أو إسبانيا وإيطاليا".

قبلات مصرية عالقة في إيطاليا

غرامة فورية ٣٠٠ يورو في حالة السلام بالأيد أو القبلات، هنا لا مجال للتهاون، المصريين في إيطاليا على درجة وعي كبيرة وجميعنا نتواصل ببعض لمعرفة أخبارنا فأنا أعرف" شوكت" ومساندته وهو في حالة سيئة للغاية، ولكن وجودنا بجانبه جعله أقوى، كنت دائمًا أدعي له في كل صلاة وكل المصريين هنا تعرف "شوكت" فهو مثال مميز لبطل حارب كورونا وفاز عليه.

شوكت وعلاقة حب صامتة

ظل القلق يُسيطر على بال البطل المصري كعادة جميعنا في حالة حدوث شيء لا نريده، نبدأ في قول "مين هيكون معاهم" هذه الكلمات تدور في رأس الزوج المصري وهو يُفكر في أطفاله وعائلته، أما عن زوجته فهو لا يعرف عنها شيء والشكوك تحوم حوله ما الذي أصابك؟، هل أنتي بخير ليخرج كلمة "وحشاني اوي" من قلبه إلى لسانه أمام الممرضين والطبيب، ولكنها باللغة العربية لم يفهموها.

سيطر فيروس كورونا المستجد كوفيد-19، على معظم دول العالم فأصبح يصول ويجول والخطر الأكبر حاليًا على المصريين الموجودين في إيطاليا حيث يعيش فيها ما يُقارب ٥٠٠ ألف مصري، من بينهم ١١ إصابة و٣ وفيات جديدة، أما بشأن الجالية المصرية في إسبانيا بما إن هاتين الدولتين هم الأكبر ضرارًا في العالم مع الصين، تلتزم الجالية المصرية في بلاد الأندلس بالإجراءات الاحترازية ولم تضرب الكورونا حتى الآن أي مصري هناك.

فقدان الأمل وتدهور الحالة

في ظرف مشابه لمعظم الأبطال الذين يتعرضون لمواقف وأزمات صعبة تسبق عاصفة من النجاحات، ولكنهم جميعًا على ثقة بأن الباب سيُفتح والرزق عند الله باقي، ولكن شوكت نصر فقد الأمل وفقد تفاصيل معنى كلمة الحياة وجد نفسه وحيدًا عائلته في مصر، زوجته لا يعلم عنها شيء إلا في أحلامه وأطفاله في مهب الريح من سيكون الصلة بين أبناءه وعائلته، وجد شوكت أن المرض النفسي أشد قوة من العضوي وتأكد منه وطالب الله بالموت.

ويحارب "نصر وزوجته" الفيروس وهم في حالة غثيان عن المشهد من حولهم، ولكن أسرهم في مصر هم من يتألمون بالفعل عندما يواجهون خطر وسائل الإعلام التي بدأت في نشر بيانات صحيحة عن الفيروس وأضراره، حيث تمنوا أن الأخبار تكون مُفبركة كعادة بعض القنوات، إيطاليا تُسجل أعلى معدلات وفاة في العالم بمعدل ١٠٠٠ حالة يوميًا وهو الأمر الذي جعل المصريين عرضه للإصابة بشكل كبير.

طاقة أمل تصحبها حضن

في العاشر من مارس ٢٠٢٠، دخل الطبيب إلى غرفة شوكت نصر وتحدث معه أن زوجته أتمت شفاها، ولكنك لن تستطيع أن تراها هنا، لأنك ستكون خارج المستشفى فأنت أيضًا أتممت علاجك، سالت الدموع من أعين الزوج وخرج مسرعًاق ليجد زوجته بعد ٧ أيام غياب مروا وكأنهم ٧٠ عامًا، وقال شوكت في تلك اللحظة "لن أتوقع خروجي من هذا الفيروس أنا فقدت الأمل، وزوجتي اعتبرتها توفت حتى أرضى بظروفي، مستحيل أوصف لحظة تجمعنا من جديد وأبنائي معي أنا ببكي كل يوم لما بفتكر أني فقدت الأمل في الله".

ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ظل شوكت سعيدًا وسط عائلته وطمئن أهله عليه، ولكن بعد أيام قليلة عادت زوجته للحجر الصحي من جديد بعد تعرضها لنفس الأعراض السابقة، بجانب ارتفاع في درجة الحرارة، كل ما عليه هو الدعاء لأنه سيعيش نفس الحال من جديد، ولكن هذه المرة يعرف أين مكانها ولكن لن يقدر على الذهاب، ومنذ ٢١ مارس اليوم الذي يحتفل فيه الجميع يبكي فيه شوكت خشية من رحيل زوجته وحتى الآن هي بيد الله.

موضوعات ذات صلة

شاهد.. لقاء الخميسي تداعب أكرم حسني بفيديو طريف

بطريقة غريبة.. كنزي عمرو دياب تثير الجدل عبر السوشيال ميديا (صور)

اقرأ أيضا