
صالح المسعودى يكتب .. أهل العجول
هل شعرت عزيزي القارئ في يوم من الأيام أنك تتمنى لو أن ذكاءك منخفض ، أو حتى عديم الذكاء ؟ ، هل أجبرتك الظروف على أن تتغابى ، أو أن تُصعر خدك لتمرير موقفاً ما ؟ ، إن كنت كذلك فأنت تؤمن مثلي بأن النقاش مع بعض الفئات من المحسوبين على البشر مضيعة للوقت وأنه أحياناً لابد أن نعترف أن ( أهل العجول في راحة ) ، ولكن لا تسعد بهذا الوصف كثيراً ، فأهل ( العجول ) هنا ليسوا ( أهل العقول أو الألباب ، أو حتى أهل معالف العجول ) بل أهل ( العجول هنا ) هم طبقة من البشر يتعاملون بشكل يؤكد أن ما وهبهم الله من عقل هو بالضبط كما وهب ( العجول ) فهم يُجيدون النطح والرفس ومن الصعب عليك أن تتوقع تصرفاتهم القادمة ، وهم أيضاً عدة أقسام.
فمن أهل ( العجول ) فئة من البشر يعتقدون أنهم أصحاب الفهم الذي لا ينازعهم فيه أحد تماماً كأصحاب الدين وأصحاب الوطنية ( الذين ابتلينا بهم ) ، هم تماماً بشراً مثلنا وقد تراهم يتحدثون بلساننا بل ويجوبون الأسواق ، ويجيدون ( تستيف الكلام ) ، وتزيين المؤلم ، ومنافسة القرود في مسابقات القفز على الحبال ، ولكنك إذا ناقشتهم تحولوا ( لعجول ) فلا يسعك إلا أن تفر منهم فرارك من ( المجذوم ) لأنهم وببساطة سيتحولون فجأة إلى الطبيعة الأخرى التي يمثلونها في الحيوانات ( الغير أليفة ).
وأهل ( العجول ) لم يكن لينطبق عليهم القول المعروف ( أهل العقول في راحة ) والتي يستبدلها البعض قاصداً السخرية من هؤلاء فيبدل أصحاب ( العقول ) بأصحاب ( العجول ) في راحة ، وهم في راحة فعلاً لأنهم أعطوا لعقولهم ( أجازه طويلة ) وربما أبدية لأنهم بشكل أو بآخر استبدلوها بعقول ( البقر ) بشكل عام ، فأصبحوا ( كالأنعام ) بل هم أضل سبيلا
ومن أهل العجول أيضا أيها الأحباب أولئك التافهون من ( الطبالين والزمارين ) مرتادي كل الموائد الذين يزينون لأي حاكم ( حتى لو كان رئيساً لحي ) سوء أفعاله ، فإذا تعثر وبدأ مرحلة السقوط والغرق كانوا هم أول من يقفز في قوارب النجاة ، من سفينة قاموا هم بخرقها فإذا استقرت الأحوال كانوا هم أيضاً أقرب للشخص الجديد دون أدنى واعز من خجل أو حياء.
أهل ( العجول ) يا سادة يتزايدون بشكل ملفت ليس لغباء بهم ، ولكنهم وجدوها فرصة مواتية لإنفاذ مخططاتهم أو لأغراض في أنفسهم ، فهناك فصيل منهم يحاول جاهداً أن يتقمص دور الطائش أو المرعب الذي يجب أن تجتنبه سترة لعرضك قبل أن تتعرض منه لما يؤذيك فيجدها ذلك ( العجل ) فرصة ليمرح وينطح كيفما يشاء.
كم تمنيت عزيزي القارئ أن يختفي من حياتنا ( ملوك كل شيء ) من شاكلة ( ملوك الوطنية ، وملوك الدين ، وملوك الفهلوة ، وملوك السيديهات ، مروراً بملوك الفهم وأهل ( العجول ) لأن هذا الوطن العظيم كلَ ومل من هؤلاء ، فالوطن يبحث عمن يحبه ويخلص له ويتفانى في خدمته ، الوطن يبحث عن أهل ( العقول ) في كل شيء من علماء وباحثين وجنود وكل من يحب أن يرى وطنه في مكان مختلف عما نحن فيه ، فقد طال إرساء سفينة الوطن وكان لزاماً علينا الأن أن نبحث لها عن طوق النجاة بعيداً عن ملاك كل شيء وخاصة ( أهل العجول ).