العلمين الجديدة.. أرض الألغام تتحول إلى "درّة" الساحل الشمالي

السبت 28 سبتمبر 2019 | 10:38 مساءً
كتب : مروة الفخرانى

_نصار: وجهة الساحل تتغير من منطقة مصيفية إلى مجتمع عمراني متكامل

_المغازي: نقلة حضارية ومستقبلية لمصر بكل المقاييس

_عباس: ننافس بها عالميًا خاصة مع الموقع المتميز

ما يقرب من ثمانين عام، هي الفيصل على تحول وجه مدينة العلمين الجديدة، بين الحياة والموت، الذي ظهر بشكل واضح فيما ما كانت عليه أراضيها الخاوية على عروشها وما حوته في باطنها من دمار، ليستحيل الآن ثمار تُحصد بأيدي مصرية، لتصل بالدولة إلى العالمية.

كانت مدينة العلمين، في طي النسيان، جراء وجود آلاف الألغام التي نتجت كمخلفات الحرب العالمية الثانية، حيث كانت أرض العلمين شاهدة على معركة دارت رحاها عليها في منتصف القرن الماضي، بين دول الحلفاء ودول المحور، حتى أصبحت مدفن للقوات الألمانية بعد الهزيمة.

تطهير المدينة

وارتوت أرض العلمين، بعد الحرب العالمية الثانية، بدماء الآلاف من المصريين نتيجة تلك الألغام، حتى جاء عام 2005 بالبشرى، حينما حدث تعاون مصري أوروبي، لإزالة تلك الألغام وتطهير أرض العلمين لحماية المواطنين وتنمية الساحل الشمالي الغربي، وأزيلت الألغام من عدد من المدن على رأسهم "العلمين – سيدي براني – رأس الحكمة"، بالإضافة إلي عدد من الأماكن الأخرى في الصحراء الغربية.

ونظرًا لما تتميز به مدينة العلمين، من موقع ممتميز وشواطىء خلابة، وصحراء خصبة، أهلها لتكون محط أنظار الرئيس عبد الفتاح السيسي، ليحقق للمدينة نقلة نوعية وعمرانية وسياحية وصناعية وترفيهية، ويغير من تضاريس منطقة الساحل الشمالي، بهدف استيعاب النمو السكاني ولتحقيق التنمية الحقيقية الشاملة.

وفي مارس العام الماضي، دشن الرئيس مدينة العلمين الجديدة كأول مدينة مليونية فى الساحل الشمالى، وتعد من ضمن مدن الجيل الرابع، والتي تتميز ببنية تحتية ضخمة على مساحة 48 ألف فدان، لإقامة مدينة عمرانية متكاملة تضاهي في تشييدها المدن الساحلية العالمية.

وأشاد خبراء، لـ"بلدنا اليوم"، بما تم على أرض المدينة حتى الآن من أبراج شاطئية وبحيرات ووحدات سكنية ومدينة تراثية، منوهين إلى أنها مشروع قومي تنموي يضع مصر على الخريطة الاستثمارية العالمية.

فكرة غير مسبوقة

وفي هذا الصدد، أوضح المهندس أبوالحسن نصار، رئيس المركز الاستشاري للخبراء العقاريين، وعضو اللجنة المسئولة عن إعداد اللائحة التنفيذية لقانون التصالح فى مخالفات البناء، أن الساحل الشمالى بصفة عامة يمتاز بشواطئه النظيفة وجوه المعتدل، بالإضافة كونه جاذب للسياح الأجانب، الذي يأتون إليه بشكل مباشر من بلادهم، لافتًا إلى أن اختيار انشاء مدينة العلمين في تلك المنطقة فكرة غير مسبوقة.

وأشار نصار، إلى أن ما تتميز به مدينة العلمين من العقارات الشاهقة، متعددة الأدوار تطل على البحر من الجهات المختلفة، هي محاكاة للأبراج الشاهقة في دبي، موضحًا: "وجهة الساحل الشمالي ستتغير من منطقة مصيفية، إلى مجتمع سكاني متكامل، لأن وجود الجامعات والمناطق الترفيهية سيخلق فرص عمل كثيرة، وبالتالي إقامتهم في المدنية، وتحقيق مفهوم الاستدامة لها".

وعزا الخبير العقاري، ارتفاع الأسعار في بعض وحدات المدنية إلى الامتيازات المرتبطة بها، "هي فكرة معمارية سياحية جميلة، تستخدم في السياحة العالمية لجذب الأجانب والعرب، والمصريين ممن لديهم قدرة مادية مرتفعة، فالراغبين في الاسكان الفاخر قبل مدينة العلمين، يمثلون شريحه معينه في السوق العقاري لا يتعدى ١٥٪ ".

وطالب نصار، من وزارة الإسكان تحقيق التوازن في توزيع الشرائح الطالبة للاسكان المتوسط ، وتحت المتوسط وفوق المتوسط، منوهًا إلى أن على الوزارة أن تضع في اعتبارها توفير النسبه الكافية من استخدامات الأراضى المصرية لمحدودي الدخل.

وتابع: "على وزارة الإسكان أن تطلق برنامج سنوي منظم سنوي، لطرح الأراضي لأن المنظومة العقارية يجب أن تكون منظمة وتحت دراسه متأنيه، فنجاح شركات الاستثمار العقارى، يجب توفير برنامج لطرح الأراضي بشكل مسبق، فحينما أعلم أن هناك طرح في توقيت معين بأماكن معينة في عام 2020، سأبدأ في عمل الميزانية والاستعداد المالي للمشروع، ورفع جاهزية الشركة الخاص بي، فهناك مشكلة كارثية في السوق العقاري، تكمن في أن بعض الشركات حددت أماكن مطروحه والان لا تستطيع أن تسدد ما عليها لهيئة مجتمعات العمرانية، وهيا معرضه لسحب الأراضي، والكارثة الاكبر، في أن الشركات خدت فلوس من الحاجزين، لذا يجب على الوزارة عدم السماح للشركات ببيع الوحدات الا بعد استيلام الترخيص بالبناء في المكان المخصص له".

ورأى أن مدينة العلمين، يتن تنفيذها بتخطيط عمراني متكامل، كما سيتم استغلالها طوال العام، مع استخدام الوحدات في الجذب السياحي، معربًا عن تمنيه أن يعمم أسلوب تخطيط المدينة في مصر كافة، لما له من دور في تحسين مستوى رفاهة المواطنين في المستقبل.

"مشروع قومي تنموي"

قال النائب يسرى المغازى، وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب، إن مدينة العلمين الجديدة، تشكل نقلة حضارية ومستقبلية لمصر بكل المقاييس، موضحًا أنها ستكون دعامة أساسية يبنى عليها مستقبل الإنشاءات والعمارة في مصر كافة، ومشروع قومي يهدف لتحقيق التنمية.

وأكد المغازي، في تصريح لـ"بلدنا اليوم"، أن العلمين الجديدة مدينة واعدة، تضاف للمشروعات القومية التى بدأها الرئيس عبد الفتاح السيسى، لافتًا إلى أنها تعد مركز إداري تجاري ذكي، ستجذب أكثر من 3 ملايين مواطن للإقامة بها، وهو ما سيُحقق الهدف من إنشائها في تحقيق تنمية شاملة بمنطقة الساحل الشمالي.

وأضاف: "توجه الحكومة في إنشاء 48 مدينة جديدة على مستوى مصر، أمر خيالي سيعكس صورة عن مصر الرائدة بشكلها الجديد، من حيث المشاريع التنموية والطرق والمرافق بنظام الأنفاق، والتجمعات السكانية والحضارية، فهو مستقبل كامل لمصر".

ونوّه وكيل لجنة الإسكان في مجلس النواب، إلى أن المدينة مصممة لتكون جاذبة للسكان، من خلال إنشاء مناطق صناعية متخصصة، وسياحية، ومناطق الخدمات سواء مستشفيات أو جامعات ومدارس وترفيه، لتصبح مدينه متكاملة ذات طابع خاص، متابعًا: "ما حدث في مصر من طفرة عمرانية لم يحدث في أي مكان آخر".

ووصف المغازي، من ينتقد تلك المشاريع والمدن الحضارية، بـ"قصيري النظر"، مشيراً إلى أن مدينة العلمين لم تأخذ جنيه واحد من الدولة، وتابع: "بمجرد بدء الحياة في المدينة سيرون أن مصر تستحق وجود مثل تلك المجتمعات العمرانية رفيعة المستوى".

"مدينة لكل المصريين"

ومن جانبه، أوضح المهندس وليد عباس، معاون وزير الإسكان لشؤون هيئة المجتمعات العمرانية، أن إنشاء مدينة العلمين الجديدة، جاء بهدف المنافسة بها عالميًا، خاصة مع طبيعة موقعها المميز، مؤكدًا أنها من المدن محفزة للتنمية، ولن تكون مدن للسياحة الموسمية، ولكنها ستكون مدن مستمرة خلال العام، لجذب استثمارات جديدة للمدن السياحية والساحلية.

ولفت عباس، إلى أن ما ساعد على وجود مدينة العلمين الجديدة، هو خلو الطريق بين محافظة الإسكندرية ومحافظة مطروح، من المدينة المتكاملة، موضحًا: "المدن الموجودة تعد تجمعات صغيرة أو تجمعات شاطئية، أو ريفية، وفكرة الرئيس عبد الفتاح السيسي، كانت تتبلور في وجود تجمع متكامل في تلك المنطقة يخدم مختلف فات الشعب، كمدينة مليونية، وهو ما بدأناه في 2014، ليبدأ التنفيذ نهاية 2016".

ونوّه إلى أن الهدف من مدينة العلمين التي تعد من مدن الجيل الرابع، إنشاء مدينة متكاملة كقاعدة اقتصادية غنية، تتوافر فيها مختلف القطاعات كصناعة وتعليم وتاريخ وسياحة، لافتًا إلى أنه يجرى العمل في المرحلة الأولى منها على مساحة 14 ألف فدان، سيتم الانهاء منها في يونيو 2020، حيث تضم المدينة 25 ألف غرفة فندقية، وتم تخصيص 1000 فدان للجامعات والبحث العلمي، حيث يتم العمل في جامعتين على أرض الواقع.

وتابع: "كما يجري العمل في المنطقة الصناعية الكبرى على مساحة حوالي 5 آلاف فدان، بالاضافة الى المنطقة الشاطئية التي تتضمن الأبراج وعددها 15 برج تضم نحو 4500 وحدة، كما أنشانا لأول مرة في مصر، منطقة تراثية كبيرة تتضمن الأوبرا ومجمع سينمات، ومكتبة، ومتحف يضم آثار منطقة العلمين، كل ذلك يعطينا انطباع أنها مدينة عالمية، وهو الأساس الذي بنيت عليه المدينة".

وعن بداية الحياة في المدينة الجديدة، أوضح معاون وزير الإسكان، أن أحد عوامل الجذب للمدن الجديدة هو العلم ومناطق البحث العلمي، ولذا تم تنفيذ أول جامعتين وهما "الأكاديمة العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري التي ستبدأ في العمل الشهر الجاري، وجامعة العلمين الدولية التي من المتوقع أن تبدأ في استقبال الطلاب العام المقبل، مشيرًا إلى أن بدء العمل في المنطقة الصناعية، ستجذب أكبر عدد من العمالة المصرية للمدينة لتكوين مجتمع تقوم فيه الحياة بشكل مستمر.

مدينة لكل المصريين

وأكد عباس، أن مدينة العلمين مدينة لكل المصريين، قائلاً:" من أجل إنشاء مدينة ناجحة يجب أن تتضمن كافة مستويات الاسكان، والعلمين تشتمل على كل مستويات الاسكان بداية من الإسكان الاجتماعي والاسكان الاجتماعي المميز، وسكن مصر، ومشروع جنة، ومن ثم الداون تاون كمستوى أعلى، بالإضافة إلى الفيلات والأبراج".

وعن سعر المتر في تلك المناطق، تابع: "في الأبراج يتراوح المتر لـ50 ألف جنيه، وفي منطقة الداون تاون 18 ألف للمتر، ومنذ فترة ليست بالبعيدة طرحنا وحدات سكنية بـ400 ألف جنيه، علاوة على وحدات للاسكان الاجتماعي على حدود مدينة العلمين الجديدة والقديمة ومازالت بها وحدات متبقية، لخدمة الشريحتين، فالمدينة متاحة لجميع فئات الشعب".

اقرأ أيضا